أقامت الحفل رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في منطقة السانت جورج
سيدني ـ أستراليا ـ 10 شباط 2001
**
عرّف الاحتفال
الدكتور علي بزّي
أبدع بالتقديم، وتمكن من أن يجمع بين المتكلمين بأبيات شعرية للمكرّم، ليكوّن احتفالاً ناجحاً لم يتخلله الملل. كما اختار قالب الحلوى الذي قطعه شربل بعيني احتفاء بعيد ميلاده الخمسين.
**
على هامش الإحتفال
عين المحبّ عمياء
أشياء كثيرة تحدث معي، فتترك أثراً طيّباً في نفسي، تعجز تقلّبات هذا الزمن الرديء من محو آثاره.
ومن هذه الأشياء تكريم الجنوبيين الشرفاء لي بمناسبة فوزي بإمارة الأدب في عالـم الإنتشار اللبناني لعام 2000. وما فبرك هذا التكريم من قصص طريفة، إليكم بعضها:
دعانا رئيس تحرير مجلّة أميرة الصديق شوقي مسلماني، بعد التكريم مباشرة، إلى ارتشاف فنجان قهوة في منزله العامر. هناك راح يخبر زوّاره عن سرّ امتلاكي للجمهور طوال مدّة وقوفي على المسرح، وأن هذا بحدّ ذاته معجزة، على حدّ تعبيره.. فضحكت وتطلّعت بشوقي ولـم أتكلّم، ولكنّي قلت في سرّي:
ـ عين المحبّ دائماً عمياء!!
**
جاء رغم الأمطار
الفنّان فؤاد الورهاني يعيش في منطقة (ديورال) التي تبعد عن مكان التكريم قرابة الساعتين في السيّارة. ورغم الأمطار الشديدة، وتطاير أغصان الأشجار على الطرقات، رفض هذا الفنّان القدير أن يقبع في بيته وصديقه شربل يتكرّم، فركب سيّارته وجاء إلى مكان الإحتفال. وعندما دخل القاعة، وكان أول الواصلين، هنّأناه بسلامة الوصول، ولمناه على مجيئه من مكان بعيد، فتطلّع بنّا وقال:
ـ أنسيتم أنني أحمل جائزة شربل بعيني، وأن الذي يكرّم الليلة هو الّذي كرّمني منذ ثلاث سنوات. فأقل شيء أفعله هو الوقوف إلى جانبه يوم تكريمه.
**
مالبورن لن تطير..
علي أبو سالـم، رئيس تحرير مجلّة الجذور، زار سيدني قبيل التكريم بعدّة أيّام، فاتّصل بي تلفونيّاً، ولمّا لـم يجدني أرسل لي فاكساً يعلمني به عن وجوده في سيدني، ولكن ورقة الفاكس أحبّت أن تسوّد وجهي معه، فطارت وحطّت تحت طاولة المكتب، هكذا بكل وقاحة.. وعندما لامني صديقي على عدم الإتصال به، أخبرته أنني لـم أعلم بوجوده بيننا، فقال لي:
ـ لقد أرسلت لك فاكساً..
ـ أعتقد أنّه ضاع في الأثـير الإلكتروني، ولـم يصلني.
ـ يا أخي ما زلت أحتفظ بالإيصال..
هنا طلبت منه أن يمهلني لحظة كي أفتّش عن ورقة الفاكس في الغرفة، لأن حادثة مماثلة كانت قد حدثت معي يوم أرسل لي الدكتور رفعت السعيد فاكس التهنئة، ولـم أجده إلا صدفة. فإذا بالورقة تنام سعيدة تحت طاولة المكتب، فاعتذرت من علي، وأنّبت ورقة الفاكس، ومنعت الهواء من دخول مكتبي لمدّة أسبوع، جزاء له على وقاحته وتلاعبه بأشيائي الحميمة.
الغاية، أخونا علي رفض أن يعود إلى مالبورن قبل أن يحضر حفل تكريم صديقه شربل، فأخّر سفره، ولسان حاله يردّد:
ـ مالبورن لن تطير من مكانها، كما طارت ورقة الفاكس في مكتب شربل بعيني!
**
لمع وبرق
بينما كنت متوجهاً إلى مكان الإحتفال برفقة المهندس رفيق غنّوم وزوجته إيفانكا، والأمطار تنهمر علينا بسخاء إلهي لا حصر له، لمعت السماء وأبرقت، فصاحت ايفانكا بصوت عالٍ:
ـ عد إلى البيت حالاً.. الطّقس عاطل جدّاً..
فقلت لها:
ـ يجب أن أصل إلى منطقة أرنكليف.. ولو ضاعت خطوط الطريق من أمامي.
فقالت بحدّة:
ـ إرجع إلى البيت، ومن هناك إتصل بالدكتور علي بزّي أو بالحاج خليل حراجلي واعتذر منهما على عدم تمكّنك من المجيء بسبب رداءة الطقس.
هنا بدأ المهندس رفيق غنّوم يتحدّث مع زوجته عن القطط، ولا شيء يسلّي ايفانكا أكثر من هذه الأخبار، فأصغت بكليّتها إلى زوجها، ولـم تعد تسمع صوت البرق أو ترى لمع السّماء.. فوصلنا إلى مكان التكريم وأنا أردّد:
لا بَقَى تْشَتّي يا ربّ
كنّا رْجِعْنا بْنِصّ الدَّرْبْ
وْكنّا طْلِعْنا بْلا تِكْريمْ
لَوْ ما نتفه نقَوِّي الْقَلبْ
**
كي لا يتأخرّوا..
إيلي ناصيف، رئيس جمعيّة كفرصارون الخيريّة، لبس ثيابه الرسميّة منذ الساعة الثانية عشرة، وبقي في محلّه التجاري ينتظر الوقت المحدّد للإحتفال، خوفاً من أن تسرقه أشغاله الكثيرة من المشاركة بتكريم صديقه شربل.
جوزاف بو ملحم، أغلق أبواب مطبعته، بعد أن اعتذر من زبائنه الكثر، وجاء على رأس وفد من المثقفين إلى الإحتفال.
الأختان إيرين بو غصن وكونستانس الباشا، رغم احتفالات عيد مار مارون، فضّلتا أن تكونا إلى جانب أخيهما شربل في يوم تكريمه.
الشاعر شوقي مسلماني سخّر صفحات مجلته "أميرة" لانجاح الاحتفال، وهكذا فعل أيضاً الاعلامي المخضرم جوزيف خوري صاحب صحيفتيْ البيرق والمستقبل.
**
مجدليا الأم..
تكرّم إبنها شربل بعيني
وسائل إعلامية مختلفة
أبى مختار بلدة مجدليّا السابق السيّد الياس ناصيف أبي خطار إلاّ أن يفتح داره الرحبة العامرة لتكريم الشاعر المجدلاوي شربل بعيني، العائد إلى وطنه، فأولـم على شرفه، بحضورالعديد من أبناء مجدليا، وأشرقت الكلمات والقصائد.
والمختار أبي خطّار عرفته الجالية العربيّة في أستراليا من خلال مشاركته في مناسبتين أدبيتين، ألا وهما: يوم محمد زهير الباشا عام 1989، وتكريم شربل بعيني عام 2001، من قبل رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السان جورج.
التكريم كان مفاجأة لشاعرنا المهجري، إذ أنه دُعي لمشاركة الياس وفروسين وناصيف أبي خطّار طعام الغداء في العشرين من شهر كانون الثاني 2002، دون أن يعلموه بما خبّأوه له، وعندما وصل الى مكان الدعوة بصحبة الأستاذ بدوي سمعان، وجد العشرات من أبناء مجدليّا بانتظاره، فصاح بصوت عالٍ: ماذا فعلت يا مختار.. إنه أجمل يوم في حياتي؟
وقبل أن يجلس المدعوون على طاولات الطعام، التقطت صور تذكارية لكل عائلة على حدة مع شربل، بعدها سُمع صوت السيّدة الفاضلة أم ناصيف تقول: تفضّلوا.. الأكل جاهز.
وحيد الدار ناصيف، كان مثل أم العروس، يرحب بهذا ويجلس ذاك، والفرحة تغمر كيانه. كيف لا، وهو يستقبل في بيته جاراً عزيزاً، ورفيق طفولة. إنه اليوم الذي انتظره بفارغ صبر، ليقول لابن قريته شربل: أهلاً وسهلاً بك في بيتك. وليثبت للجميع أن الأنبياء يكرّمون في بلادهم.
صحيح أن المناسبة خصّصت ليلتقي الشاعر بعيني بأبناء قريته، ليعانقهم ويعانقوه بعد غربة دامت ثلاثين سنة، إلآّ أنها لـم تخلُ من الكلمات والقصائد. فافتتح الكلام سيّد الدعوة الياس أبي خطّار، فقال:
يسرّني باسمي وباسم زوجتي فروسين وابني ناصيف وجميع أفراد عائلتي، وباسم كل فرد منكم يا أبناء مجدليّا الكرام، أن أرحّب بأمير الأدباء والشعراء في عالـم الإنتشار اللبناني، إبن مجدليّا البار شربل بعيني، اللذي يزور لبنان زيارة خاطفة، رفضنا أن تمر دون أن نجمعه بكم، أنتم الذين عرفتموه طفلاً وشاباً قبل سفره إلى أستراليا.
لقد كرّمت الجاليات اللبنانية والعربية في أستراليا إبننا شربل عدّة مرّات، وكان من حسن حظّي أن أكون في أستراليا لأشارك في مناسبتين عزيزتين على قلبي، الأولى: يوم محمد زهير الباشا عام 1989، وبه أعلنت عن عزمنا بتحويل البيت الذي ولد فيه شربل إلى متحف. والثانية: تكريم شربل من قبل رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج عام 2001، بمناسبة فوزه بلقب أميرالأدباء والشعراء اللبنانيين، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالـم ـ قارة أميركا الشمالية، الذي يرأسه الدكتور جوزيف حايك، حماه اللـه وسدّد خطاه بغية رفع شأن أبنائنا المغتربين في العالـم.
مجدليّا تفتخر بأبنائها أينما كانوا.. فلقد رفعوا رأسها عالياً في كافة المجالات الأدبيّة والعلميّة والإجتماعيّة، وخير دليل على ذلك تتويج إبنها البار شربل على عرش إمارة الشعر والأدب في عالـم الإنتشار مدى الحياة، فأهلاً وسهلاً به أميراً متوجاً في قلوبنا، واهلا وسهلا بكل فرد منكم.. وشكراً.
بعده، ألقى الأديب والمربي الأستاذ بدوي سمعان، صاحب المؤلّفات العديدة عن كيفيّة تطوير الإقتصاد اللبناني ورفعه إلى أعلى مستوى، قصيدة رائعة جاء فيها:
بالمجدِ كُلّلتَ أم بالغارِ يا شربلُ
أدبٌ وشعرٌ صرحٌ راسخٌ جبلُ
طاف اليمام على دوحٍ مجلَّلةٍ
عزٌ وفخرٌ وحبٌ رائعٌ جللُ
ضاء سماء الشرقِ يومَ ولدت بهِ
وأشرقتْ أستراليا يومَ الأحبة رحلوا
لا تحسبنَّ الأرز خابَ فأله
طيفُ الأمير شهبٌ لامعٌ وجلُ
ملاعبُ مجدليّا تذكر طفولتكم
وطلاّب موئلكم من علمكم نهلوا
بيت الرعيّة مضيافٌ لكوكبةٍ
دينٌ ودنيا وعلمٌ خير من عملوا
للشرق والغرب درّة وسط لبنان
مرتكزٌ للسلم.. منطلقٌ بالحب يشتعلُ
باللـه يا ابن الأرز سطّر في مجلّتكم
القدس لؤلؤةٌ.. مَن قالَ: مُعتقلُ
بيروت شامخة في مجدها أبداً
رمز الحضارة.. أعداؤها ذهلوا
أمّا الشاعر شربل بعيني، الذي فاجأه التكريم المجدلاوي له، فقد ارتجل هذه الأبيات:
يا مجدليّا.. بحبِّك عْبادِه
رغم الضّياع بغربة المجهول
يا أم.. مجدِكْ طافح زْيادِه
إسمِكْ علمْ.. بالعاطفِه مغزولْ
المجدلاوي بينعطى شْهاده
إنسان مخلص بالتقى مجبولْ
بالمُغترب: بيشرّف بلادي
وبالوطن: قيمِه.. وحكي معسول
رايق كتير.. مهذّب وهادي
بمحبّتو.. رَسْمَلْ عْيَالْ كْتِيرْ
وْبِيطلّتو.. عم تندوَخْ الِعقولْ
تكريم السادة الياس وفروسين وناصيف أبي خطّار لابن بلدتهم شربل بعيني، باسم مجدليا، يعتبراً تكريماً للأدب الإغترابي، ورسالةً موجهّة لكافة القرى اللبنانيّة بغية تكريم مبدعيها، وتشجيع طاقاتهااالمهجريّة الهائلة.
**
التهاني والورود..
لشربل بعيني
نقلاً عن جريدة البيرق المهجرية
ازدحمت دار الشّاعر شربل بعيني بالمهنئين على مدار الساعة، وتعبت خطوط هاتفه من كثرة الرنين، فالمحبّون كثر، والمؤمنون برسالة شربل بعيني الأدبية والتربويّة كثر. وها نحن ننشر بعض التهاني التي وصلت إلى شاعرنا، كي لا نزعج القارىء بكثرتها:
أول باقة زهر
أوّل باقة من الأزهار وصلت إلى منزل الشاعر بعيني كانت من أخواته راهبات العائلة المقدّسة المارونيّات في معهد سيدة لبنان ـ هاريس بارك، الذي ترأسه الأخت إيرين بو غصن، والذي أمضى فيها معظم سني غربته، مربياً لأجيالنا الصّاعدة لمدّة تزيد عن ربع قرن. فلو وقف طلاّبه وطالباته لتحيّته في إمارته، لتكوّن جيش من فلذات أكبادنا يعدّ بالآلاف. كلّهم مرّوا من تحت يده، وكلّهم تربّوا على يديه، وكلّهم تلقّوا العلم في الكتب المدرسيّة العديدة التي ألّفها، والتي طبعتها الحكومة الأسترالية، وتبنّتها معظم المدارس التي تدرّس اللغة العربيّة.
تهنئة من كندا
كما وصلته أوّل رسالة تهنئة من خارج أستراليا من المربّي أنطوان حنا بعيني السّاكن في كندا، مرفقة بجريدة (الأخبار ـ النهار) الأميركيّة التي كانت أول من نشر الخبر.
ومن رسالته نقتطف مايلي: أيها الصديق والأخ شربل بعيني، إنه لفخر عظيم، لكم ولنا، أن يختاركم المجلس القاري للجامعة الثقافيّة في العالـم (أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الانتشار اللبناني لعام 2000)، وأصبح بإمكان كل فرد من أبناء مجدليّا أن يعلن وبفخر: أنا من قرية أعطت لعالـم الإنتشار اللبناني أول أمير للأدب.
تهنئة من لبنان
ومن لبنان اتصل الدكتور عصام حدّاد مهنّئاً شقيقه الروحي شربل بعيني بالإمارة. والجدير بالذكر أن الدكتور عصام حداد أسس جائزة تربويّة تحمل اسم شربل بعيني، تمنح للمتفوقين من طلاّب معهد أبجديّته في جبيل ـ لبنان. وقد أعلن الدكتور حداد أن لا أحد مثل شربل بعيني أعاد مجدنا الأدبي في عالـم الانتشار اللبناني إلى سابق عهده.. فله وحده تنحني التيجان. كما هنّأ المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في أميركا، ورئيسه الأستاذ المفكّر جوزيف حايك على حسن اختيارهم.
أول المهنّئين من أستراليا
أول من هنّأ الشاعر شربل بعيني بإمارة الأدب، كان رئيس تحرير جريدة البيرق الاستاذ جوزيف خوري، الذي أعرب عن سروره الغامر بفوز أحد أدباء المهجر الأسترالي بهذا اللقب. فكم بالحري إذا كان الفائز صديقه الشاعر شربل بعيني، الذي أغنى المكتبة الإغترابية بمؤلفاته حتى أصبح (جامعة ثقافية) بحد ذاته، على حد تعبيره في مقال نشره في الصفحة الأولى من (بيرقه) الشامخ.
ومن ثـم كرّت سبحة المهنّئين، فضمّ مدير تحرير جريدة البيرق الزميل مطانيوس بو رزق صوته إلى صوت العاملين في الصحيفة وقال: ألف مبروك، كيف لا، وهو الذي كتب الكثير عن أدب وشعر صديقه شربل بعيني.
أما رئيس جمعيّة كفرصارون الخيرية السيّد إيلي ناصيف فقال: ألف مبروك لشاعرنا شربل بعيني. إنّه جدير بها.
وقدّم إبن النيل الزميل أنطوني ولسن هديّة للشاعر شربل بعيني، هي آخر أربعة أسطر من قصيدته عاش الملك:
وكل القلوب تجيء إليك
لتنهل ماءها من منهلِكْ
فكيف ارتضيت بِلَقْبِ أَمِيرٍ
وَشَعْبُكَ يهتف: عاش الملك.
المهندس السوري رفيق غنّوم همس في أذن صديقه البعيني: ألف مبروك يا أمير.
الاستاذ إبراهيم سعد مترجم ديوان مناجاة علي إلى الإسبانيّة قال: هذا ما كنّا ننتظره.. أنت أهل للإمارة يا صديقي.
المذيعة المعروفة ماري ميسي هنّأت شاعرنا، وأخذت منه موعداً لإجراء أول مقابلة إذاعيّة له بعد الخبر السار.
الاستاذ طوني سعد، عضو الجامعة الثقافية في نيو ساوث ويلز، هنّأ صديقه ومعلّم أولاده بالدعاء له باستمرارية العطاء.
الفنانة نجوى عاصي ابتهلت للـه تعالى كي يحصل شربل بعيني على جائزة نوبل.. لأنه جسّد الإنسانية والمحبّة والتسامح بكل كلمة كتبها.
الشاعر ألبير وهبّة قال: خبر كهذا لا يجب أن نتوقّف عنده مهنئين.. بل مخططين بحزم كي تبقى الإمارة في مغتربنا هذا.
رئيس تحرير مجلّة (أميرة) الزميل شوقي مسلماني قال إن تهنئته لصديقه شربل بعيني يريدها أن تكون مفاجأة.
خبير الكومبيوتر طوني الشيخ قال: إن نشر أدب شربل بعيني عن طريق الإنترنيت هو أهم ما سنعمل من أجله.
أمين سر الجامعة اللبنانية الثقافية فرع فيكتوريا السيد كلارك بعيني قال: سنهنىء أنفسنا بالإمارة قبل أن نهنىء شربل بعيني.
الرئيس الإقليمي السابق للجامعة الثقافية في أستراليا السيد جو بعيني قال: ألف مبروك لإبن قريتي، وأعتقد أن صديقي جوزاف حايك ورفاقه يعملون جادّين من أجل تكريم الطاقات الاغترابية في عالـم الإنتشار.
رجل الأعمال يوسف أبي خطّار قال: هذه فرحة الجالية اللبنانية في أستراليا، فشربل بعيني قد رفع رأسنا عدّة مرّات من قبل، فله منا التهاني والشكر.
كما اتصل السيدات والسادة: كمال أبي خطّار، طوني أنيسة، حنا وميشال بعيني من مالبورن، الياس بطرس أبي خطّار، ماري زعيتر، لورا شلهوب، بولا عبد الأحد، الهيئة التعليميّة في معهد سيّدة لبنان، جميع أهل وأقرباء الشاعر وأبناء مجدليّا في الوطن والمهجر.
إمارة الأدب المهجري ملك كل واحد منّا، فلنفرح بها قبل أن تغادرنا في العام القادم إلى مغترب آخر.. من يدري قد يكون أستراليا مرّة أخرى.
**
سيل جديد من التهاني
لشربل بعيني
شربل بعيني (الجامعة الثقافيّة) كما لقّبه رئيس تحرير البيرق الزميل جوزاف خوري، ما زال يتلقّى التهاني من العديد من الأدباء والشعراء والفنانين ورؤساء الجمعيّات والاتحادات المهجريّة، فصكّ إمارة الأدب المهجري في عالـم الانتشار، لـم يستلمه شاعرنا بمفرده من المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارة أميركا الشمالية، بل استلمته الجالية اللبنانيّة في أستراليا بكّافة أفرادها.
ومن منا لا يفرح بأن يكون مهجرنا هذا قد أعطى عالـم الإنتشار اللبناني أول أمير للأدب، لا فرق عندنا إذا كان شربل بعيني أو غيره. المهم هو نحن كصوت واحد، وكجالية واحدة، وأن تكون صورتنا مضيئة أمام من يعمل على تكريم أبنائنا في هذا المهجر البعيد، لا أن ننشر غسيلنا على السطوح، ونصبح مضحكة التاريخ وباقي الجوالي.
والبيرق، إيماناً منها بقدراتنا المهجرية، أخذت على عاتقها العمل المستمر من أجل رفع بيرق الحقّ، فوق قبّة الغربة التي لا ترحم أحداً.. ونطلب من اللـه أن يوفّقنا في ذلك.
لقد نشرنا، في أعداد سابقة، بعض كلمات التهاني التي وصلت شاعرنا شربل بعيني، وها نحن ننشر اليوم بعضها أيضاً:
السيّد جو بركات، رئيس إتحّاد الجمعيّات اللبنانية، هنّأ صديقه شربل بعيني، باسمه وباسم الإتحاد، على إمارة الشعر، التي كانت من نصيبنا جميعاً في أستراليا، على حدّ قوله، إذ أنها أعطيت لنا ولـم تعطَ لغيرنا من بقيّة المهاجر، وهذا فخر كبير لنا، لا تقدر الكلمات نقل معانيه بالدقّة التي نرغب. فهنيئاً لنا بإمارة الأدب، وأرجو أن تبقى لنا في المستقبل، لأن في جاليتنا العديد من خيرة الأدباء والشعراء. ولا يسعني هنا إلاّ أن أشكر المجلس القاري للجامعة الثقافية في العالـم ورئيسه الأديب المعروف جوزيف حايك على حسن الإختيار.
الأستاذ علي أبو سالـم، صاحب ورئيس تحرير مجلّة الجذور الأدبيّة، هنّأ صديقه الشاعر شربل بعيني، وتمنّى له عطاء أدبياً مستمراً في غربته. وقال: ألف مبروك يا أمير.
الفنّان فؤاد تومايان استغلّ فرصة وجوده في سيدني، ليزور منزل صديقه الشاعر بعيني مهنّئاً بالإمارة.. وليلتقط لصك الإمارة العديد من الصور الفوتوغرافيّة.
السيّد نعيم ناصيف، عضو جمعيّة كفرصارون الخيريّة، هنّأ الشاعر بعيني بإمارة الأدب وقال: لا أحد مثل شربل بعيني، فمنذ عرفته ومعدنه الذهبي لـم يتغيّر، إنّه الأديب والشاعر والمربّي والمسرحي.. إنّه الصديق الدائـم الذي يقدّس صداقته مع الأخرين، رغم تقلّب السنين في غربة بعيدة.
رجل الأعمال بولس البحري، هنّأ الشاعر بعيني باسمه وباسم جميع أفراد عائلته، وجميع العاملين في شركة البناء التي يملكها، وقال: لقد دمعت عيناي وأنا أقرأ الخبر على الصفحة الأولى من جريدة البيرق الغراء، وبكيت أكثر حين قرأت ما كتبه الصحفي اللامع جوزيف خوري عنك وعن مجدليا وعن الأدب. ألف مبروك يا صديقي.. لقد توّجناك أميراً على قلوبنا منذ عرفناك، فلك محبتنا الدائمة.
السيّد ألبير أبي خطّار، الطّاقة الإغترابيّة التي لا تهدأ من كثرة العطاء، إتصل برفيق شبابه الشاعر شربل بعيني وقال: مجدليّا تريد أن تكرّمك، وأنت ترفض، فلماذا يا صديقي، وأنت من زيّنت حفلاتنا، أعراسنا، أحزاننا بقصائدك الرائعة.. مجدليّا فخورة بك.. فاسمح لها أن تعبّر عن شعورها تجاهك.
الدكتور صفوت رياض قال: شربل بعيني ليس بحاجة للقب أمير، إنّه أكبر من كل الألقاب، ومع ذلك أقول له: ألف مبروك.
الرسّام والأديب ناجي الوصفي، صاحب المؤلفات الفلسفيّة الكثيرة، أهدى زميله شربل بعيني لوحة زيتيّة مستوحاة من ديوانه (أللـه ونقطة زيت) المترجم إلى الإنكليزيّة، تصوّره على شكل أميرمصلوب على شجرة خطايانا البشريّة، ومع ذلك أزهرت الشجرة، وأعطت الخير. وقال: شربل بعيني كرّم أمير الشعراء شوقي بقصيدة رائعة، ونحن، كأدباء مصريين، نجيّر كلمات القصيدة الرائعة له. وألف مبروك.
رئيس جمعيّة بنت جبيل الدكتور خليل مصطفى قال: نحن أحقّ بتكريم شربل بعيني، لأنه أعطى بنت جبيل أجمل قصائده، ويكفي أن نذكر قصيدته الخالدة (قرف)، التي تتناقلها الأيدي وتقرأها العيون في بنت جبيل. فألف مبروك يا إبن بنت جبيل، بالإذن من مجدليا.
الدكتور علي بزّي، رفض أن يهنّىء صديقه الشاعر شربل بعيني عبر الهاتف، بل قال: سأهنّئه في منزله، بالقرب من صك الإمارة. والجدير بالذكر أن الدكتور بزّي والشاعر بعيني ولدا في سنة واحدة وشهر واحد.
مصوّر الفيديو المعروف السيّد سمير مسعد هنّأ صديقه الشاعر بعيني بصك الإمارة، وقال: ألف مبروك لمربّي أجيالنا الإغترابيّة الصاعدة.
الدكتور آميل الشدياق، مترجم ديوان رباعيّات للإنكليزية، همس في أذن صديقه ورفيق دربه الأدبي الشاعر شربل بعيني: ألف مبروك يا صديقي.
السيّد سمير عبلا، صاحب محلات عبلا الشهيرة للحلويات الشرقيّة، قال لصديقه الشاعر بعيني: ألف مبروك يا صديقي، وأدعوك لزيارة محلّي الجديد قرب منزلك لنقوم بالواجب.
السيّد شربل خوري قال: لقد أصبحت الآن رجلاً، ولكني ومنذ سنوات كنت تلميذا عند شربل بعيني، وأكثر ما أحببت فيه وأنا صغير، أنه كان يحبّنا جميعاً كأبنائه، فألف مبروك يا معلّمي.. لقد أخذتك نبراساً لي في هذه الحياة، أنا وأختي أنطوانيت بطلة مسرحياتك المدرسيّة الرائعة. فألف مبروك مستر بعيني.
وفد من شباب بلدة النخلة يترأسه السادة مصباح وكفاح وصلاح الأيّوبي، أمّ دار الشاعر بعيني مهنّئاً بالجائزة، وقد ألقى الأستاذ صلاح الدين الأيّوبي كلمةً معبّرة هنّأ بها صهره شربل الذي جسّد الخير والمحبّة والإنسانيّة كتابة ومسلكاً.
كما أمّ دار الشاعر وفد من شباب بلدة بتوراتيج يتقدّمهم الاستاذ محمد الحسن الذي قال: جئنا لنهنّىء الشاعر شربل بعيني بإمارة الأدب، ولنعرب عن شكرنا الجزيل للمجلس القاري ولرئيسه الاستاذ جوزيف حايك على اختيارهم المدروس، وعلى تتبعّهم نشاطات الطاقات اللبنانيّة الشريفة في عالـم الانتشار اللبناني.
ومن مالبورن إتّصل بالشاعر بعيني، السيّد والسيّدة غابي وكارول حتّي من بلدة قنيور الشمالية، وصاحبا عدّة شركات لتأجير السيارات الفخمة، وقالا: لا يوجد كلام نقدر أن نعبّر به عن فرحتنا بانتخاب الشاعر شربل بعيني أميراً للأدب في عالـم الإنتشار، وهو المتواضع جداً، والإنساني جداً، والحسّاس جداً. ألف مبروك يا شاعر الغربة الطويلة.
كما اتصل من مالبورن أيضاً، السيّد والسيّدة الياس وفولمين بعيني وقالا: عندما قرأنا الخبر على الصفحة الأولى من البيرق، أصبح قلبانا ينبضان ويرفرفان كبيرق شامخ.. وأحسسنا أن الجالية اللبنانيّة قد كرّمت بتكريم الشاعر شربل بعيني من قبل المجلس القاري للجامعة، وأن الفرحة فرحتنا جميعاً قبل أن تكون فرحة فرد معطاء يعيش بيننا.
كثيرة هي التهاني التي وصلت شاعرنا ولكننا نكتفي الآن بهذا القدر، ولسان حالنا يردد: نجاح كل فرد منا هو نجاح لنا جميعاً
**
قصيدة الشاعر
شوقي مسلماني
رئيس تحرير مجلّة أميرة
أيتها السيّدات..
أيّها السّادة..
أيها الحضور الكريم.
لأكتب هذه القطعة المتواضعة في صديق الغربة الطويلة شربل بعيني، كان عليَّ أن أدخلَ من باب هذه المناسبة، أو من باب ما قرأت له من شعره، أو أن أدخل من باب خفيٍّ إلى روحه. ولأن هذا الباب الثالث هو الأصعب.. ولجته
ـ1ـ
المدى هُوَ خطوُكَ
تَتَفتَّحُ في المسافةِ البراعمُ
كُلُّ عَينٍ تَتَّسِعُ
وَكُلُّ فَمٍ يُغَنِّي
ـ2ـ
تَقُولُ يَا بَحْرُ اتَّسِعْ
أَيْضاً لِلْمَعاوِلِ شَرَاراَتٌ
للشَّجَرِ نَسَائِمُ
وَللحبر قُدْسِيَّة
أجراسٌ،
أطفالٌ
فَرَحٌ
وَمَلائِكَةٌ
لِلْجُموع أَلاَّ يُمْسِكَها فَردٌ
لِلفردِ أَلاَّ تَطْغَى عَلَيْه الْجَماعة
ـ3ـ
تقولُ
كوني رفيقتي يا سماء
يا صوتُ كُنِّي
يا حُلمُ احْلمْنِي
ـ4ـ
معاً نحنُ
عُصفور ذهب
وناي
قصب
هَداهد
وبحيرات زرق
صنيعُكَ هو يدُ الأحلام
لمعانُ الشهب
في الليل العالي
هرجُ البحر ومرجُه
وحكمتُه الرصينة
فيك تغرّد البلابلُ
وترعى الغزلان النسائم
ـ5ـ
أقطف الأحلام
وأملأ سلّتَك ضحكاً
ـ6ـ
أيُّ عمرٍ معاً
**
كلمة الأديبة مي طبّاع
باسم رابطة الفنّانين الأستراليين العرب، برئاسة الأستاذ قحطان حدّارة، ورابطة الملتقى العربي للآداب والفنون، برئاسة الأستاذ عصام الكردي، وباسمي.. ألقي كلمتي هذه مع الشكر الجزيل لرابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج لدعوتها هذه.
ما أجمله من لقاء لتكريم صديقنا شاعر المهجر الأستاذ شربل بعيني لفوزه بجائزة أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار لعام 2000، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة. وأعتبر هذا التكريم ليس لشربل فقط، وإنّما لكلّ صاحب قلـم حرّ نذر نفسه للكلمة.
ما كتبته عن صديقي شربل، رفيق المسيرة الأدبيّة الشّاقة الطويلة، في باكورة أعمالي الأدبية كتاب (شربل بعيني قصيدة غنّتها القصائد)، يكفيه فخراً وزاداً ما تبقّى له من سني عمره، يؤكّد إعجابي وتقديري الكبير لشعر شربل بعيني المعجون بعمق التجربة الإنسانيّة ، ويعبّر عن مدى احترامي لمواقفه الجريئة المحقّة.
كلمته، نثراً أو شعراً، نداء من الأعماق، منطلقها القاعدة الجماهيرية لتثبيت مفاهيم الحقّ والعدالة والجمال، ومحاربة الظلم والفساد، غير عابىء بملاحقة الصيّادين له، وهم كثر في هذا الزمن الرديء، بل ظلَّ صامداً واقفاً لهم بالمرصاد، يزيدون قلمه تألّقاً وعطاءً ورفعة وسموّاً.
فأدب شربل بعيني أدب الحياة والحقيقة والجمال. أدخل الجديد في شعرنا العربي من خلال شعره العامي الزجلي، الخارج عن الخطّ التقليدي، بلغة عفوية قريبة من قلوب النّاس، لتثبت للجامدين بأنّ لغتنا أمّ اللغات تتطوّر بتطوّر الحياة لتتعايش معها.
وأقول بفخر واعتزاز: لـم يسبق أحد شربل بعيني في اجتهاده وعطائه وإخلاصه للكلمة. إنّه الشاعر الإنساني المجتهد، شاعر الشعب والأجيال الصّاعدة، شاعر المستقبل.. فلقد ضحّى بوقته وجهده وماله وفنّه، فنال محبّة النّاس وتقديرهم.
كما لا بدّ لي أن أشكر عميد الصحافة المهجريّة الأستاذ جوزيف خوري، رئيس تحرير البيرق، على دعمه لأدباء المهجر، وعلى هذه الإلتفاتة الواعية في تكريم شربل بعيني أمير الأدب، ليتصدّر الصفحة الأولى في جريدة البيرق. إنه دليل ساطع لقيمة الأدب الذي يعتبر من أرقى الفنون التي تساهم في بناء الإنسان والمجتمعات، وتساهم في تتطور الأمم وتحضّرها ورقيّها.
وأخيراً، أهدي هذه الأبيات لشاعر المهجر شربل بعيني مهنّئة إيّاه من كل قلبي لفوزه بالإمارة، وعيد ميلاد سعيد:
أتينا اليوم نحتفل فرحاً بفوزك
من الشمال والجنوب يا أميرُ
ملأت آفاق مهجرنا أناشيداً
يحفظها في قلبه الصّغيرُ والكبيرُ
زادك الوفاء لرسالة العرْبِ
هكذا يكون الشاعر الشهم الغيورُ
نشرت الحرف حقّاً عدلاً وجمالاً
فبات الجيل من هديك يستنيرُ
أدبك إن كان نثراً أو شعراً
خميلة غنّاء يفوح منها العبيرُ
يا أمير الشعر غرّد وزدْ
أنت بالإمارة والخلود جديرُ
وشكراً لإصغائكم
**
كلمة الأستاذ جوزيف خوري
رئيس تحرير جريدة البيرق "المستقبل"
بداية، أودّ أن أشكر رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج، على دعوتهم لي للتكلّم في هذه المناسبة القيّمة، عن صديق عزيز شارك معنا في مسيرة الغربة الطويلة، عنيت به الشاعر شربل بعيني.
أيها الحفل الكريم
عندما وصلني إلى مكاتب البيرق نبأ فوز الشاعر شربل بعيني بلقب أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الانتشار لعام 2000، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة، برئاسة الأستاذ جوزيف حايك، حبست أنفاسي وقلت في داخلي: الآن بدأت الجامعة الثقافيّة في أستراليا تشعر بأن هناك أدباء أكفّاء يجب أن يكرّموا.
قرأت الخبر مرّة ثانية، فوجدت أن التكريم قد جاء من شمالي أميركا وليس من أستراليا.. وكما قال الصديق طوني الشيخ: انتظرناهم من الشمال فجاؤونا من الجنوب. أقول أنا: إنتظرناها من أستراليا فجاءت من أميركا.
ولكن، ماذا أقول.. وأنا أحد المسؤولين في الجامعة؟.. طبعاً: مقصّرين. آن الأوان كي نعي قيمة الأدب ومساهمته في بناء الإنسان العربي لغةً وفكراً وحضارة. خاصّة وأننا، في هذه البلاد النائيّة البعيدة، بأمسّ الحاجة إلى الكلمة الواعية، لنثبت وجودنا في المجتمع الغربي كجالية راقية ومتحضّرة وفاعلة.
شربل الذي نذر نفسه للقلم، وللجيل الصّاعد، أعطى زخماً أدبيّاً وشعرياً وفكرياً، محوره الإنسان بغض النظر عن لونه ودينه وشكله، فامتلأت الصحف من نتاجه الشعري، ونحن في "البيرق" كان لنا نصيبنا الأكبر.
وبهذه المناسبة أهدي صديقي شربل هذين البيتين من الشعر:
شربل..
قبل الإماره مْقامك كبير
مش هلّق كبرت بِـ عيني
كانت إماره نصفها بالقلب
صارت إماره كامله بعيني
**
كلمة الأستاذ خليل حراجلي
رئيس رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج
أيتها السيّدات.. أيها السادة.. أيها الحضور الكريم
بفخر كبير نعلن احتفاءنا، كرابطة للجمعيّات اللبنانيّة في منطقة السانت جورج، بالشاعر الكبير شربل بعيني. وحقّاً أحسنت الجامعة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة ـ إذ منحت شاعرنا لقب أمير الأدب اللبناني في المهاجر لعام ألفين.
ونقول بثقة إنها أحسنت لأسباب لا حصر لها، في طليعتها سمو شعر إبن مجدليّا البار شربل بعيني، ونبل أخلاقه، ونقاء سريرته وسيرته.
لقد ابتلعت الحرب في لبنان مئات الألوف من إخوتنا وأخواتنا وأبنائنا عموماً، ليس إلاّ كرمى لعيون الطوائفيين والمناطقيين والمنحرفين والمتطرفين، ورياح الطائفيّة في لبنان هبّت إلى اللبنانيين في أستراليا، فأصابت بلوثتها الكثيرين.. إلاّ شربل بعيني الّذي ظلّ أصيلاً وفيّاً لكل لبنان.
أحدٌ لـم يسمع شربل ينطق كفراً طائفيّاً في يوم من الأيّام. وأحدٌ لـم يجرؤ على تقويله ما لـم يقل مذهبيّاً، على العكس، بقي شربل بعيني النبيل صامداً في مواقفه الإنسانيّة الثابتة، ذلك على رغم سهولة الإنجراف في تلك الأيام المشؤومة في تيّار التعصّب والمذهبيّة، حين كان المتشدّد طائفيّاً يلقى تشجيعاً وشعبيّة من المرضى والمهووسين.
ويوم كان بعض المغتربين يبالغون في السعي إلى جمع المال، كان شاعرنا المجيد يسعى إلى القصيدة والمقالة والخاطرة.
كان شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني، والأمير اليوم، صاحب شركة عادت عليه بالمال الوفير، ورغم ذلك هجرها إلى ما هو أسمى في معتقده. هجرها إلى تعليم أبنائنا وأحفادنا لغة الآباء والأجداد، أعني اللغة العربيّة، ويكتب لهم المسرحيّات ليعلّمنا، من خلالهم، المحبّة للأوطان دائماً.
أصدر البعيني مجلّة (ليلى)، فكانت المجلّة منبراً للحريّة، ويوم توقّفت عن الصدور حزن كثيرون. لكن الكبار تنفذ أعمارهم ولا ينفذ مداد أقلامهم، وسرعان ما زيّنت مقالات أديبنا صفحات مجلّة (أميرة)، التي يتابعها الكثيرون حول أستراليا، وخصوصاً لقراءة (مسك الختام) التي يدبّجها بقلمه الوفي في كلّ عدد.
وإذ نحتفي في رابطة الجمعيّات بمناسبة نيل شربل جائزة الإمارة من الأخوة في أميركا الشماليّة، نكون نحتفي بواحد ناجح منّا، دأبه أن يرفع اسم لبنان عالياً، كما رفعه أدباء كبار أمثال جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وإيليا أبو ماضي وغيرهم، كما احتفينا برؤساء بلديّات ناجحين من شبابنا اللبناني في هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعاً. كما فرحنا بتعيين الحاكم العام لولاية نيو ساوث ويلز من أصل لبناني، عنيت السيّدة ماري بشير.
هنيئاً لنا بالشاعر شربل بعيني، وهنيئاً للشاعر بالإمارة، والتحيّة القلبيّة الخالصة للأخوة في أميركا الشماليّة على مبادرتهم اللطيفة، وتحية لكم جميعاً والسلام.
**
كلمة الدكتور جوزيف حايك
الرئيس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة
حضرات رئيس وأعضاء رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج ـ أسترالياأيّها الأخوة الكرام.. يا خير المواطنين
إن حفل تكريم الشاعر شربل بعيني، أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار، إن دلّ على شيء، فإنّما يدلّ على أنّكم خيرُ رسلٍ لموطن الأرز تحت سماء اللـه الواسعة، وبأن تكريمكم للأدباء إنّما يجسّد مقوّماتكم اللبنانيّة الشّامخة.
إذ أنّ إكباركم وإجلالكم للأدب، هو المرآة التي تعكس حقيقة من أنتم، حيث لا يكرّم الأدب سوى الأدباء، وأصحاب المستويات الرفيعة والأخلاق والمكرمات
لَكَم يؤسفني أنّ ظروفي في الوقت الحاضر لا تسمح لي بالسفر إلى ربوعكم، للمشاركة بتكريم أديب لبنان الأكبر، الأستاذ شربل بعيني، مؤكّداً لكم، أيّها الأخوة الكرام، أنّني في الساعة السابعة من مساء السبت في 10 شباط، سأكون معكم بكل قلبي وشعوري وإحساسي. كيف لا، "وأميرنا" قد فاق وتفوّق بمواهبه على 41 مرشّحاً لإمارة الأدب من مختلف قارّات الدّنيا، وكلّهم من أسياد القلم والكلمة، ومن خيرة الأدباء اللبنانيين، ومن رسل أبجديّة أجدادنا الفينيقيين.
إنّ المجلس التنفيذي في القارّة الأميركيّة للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم، الذي لي شرف رئاسته، يلتقي معي اليوم، ليس فقط في تكريم أديبنا الأكبر الأستاذ شربل بعيني، بل وبتكريم كلٍّ منكم، لأنّكم بهذه البادرة الطيّبة، إنّما ترتفعون بلبناننا الغالي إلى أعالي السّموات.
لكم جميعاً، ولأميرنا الأكبر، الأستاذ شربل بعيني محبّتي وتقديري واحترامي
**
كلمة الدكتور عصام حدّاد
مؤسس جائزة شربل بعيني في معهد الابجدية ـ جبيل لبنان
لا عَجَب أنْ يُكَرِّمَ الإغْتِرابُ اللبنانيُّ الشّاعرَ شربل بعيني، فالجامعةُ الثقافيّةُ في العالـمِ، بالمجلسِ القاريِّ، انتخبَ هذا اللبنانيَّ الكبيرَ في عالـمِ الإنتشارِ أميراً من أمراءِ الكلمةِ، حَمَلَ هَـمَّ الثَّقافَةِ وَهَـمَّ لُبْنانَ على مَنْكِبَيْهِ أكثرَ منْ رُبْعِ قَرْنٍ.
هذا الرَّجُلُ الْمَهْووسُ بوطنِهِ وبالفِكْرِ، لا يَرْتاحُ منذُ أَنْ هَجَرَ لُبْنانَ هِجْرَةً قَسْرِيَّةً، فَما كَلَّ وَما لانَ، لأنَّهُ طُبِعَ عَلَى التَّضْحِيَةِ والوطَنِيَّةِ والإسْتِشْهَادِ في سَبيلِ القلـمِ، وفي سَبيلِ لُبْنان.
فَسُبْحَانَ اللّـهِ كيفَ يَبْعَثُ لِلأُمَـمِ، دَوْماً، رِجالاً يَمْشُونَ عَلَى الإبَرِ وَالِحرَابِ، وَلا يَهَابُونَ الْمَوْتَ، لأَنَّهُمْ رُسُلٌ يُؤاتِيهِمِ اللَّـهُ القُوّةَ لِيَتَحَمّلوا كُلَّ الصِّعَابِ.
شربل بعيني الشّاعرُ المربّي الوطني الإنساني، هُوَ مَجْمُوعَةُ رِجالٍ كَوَّنَتْ مِنْهُ، على حَدِّ بَراءَةِ الْجامِعَةِ الثَّقافِيَّةِ، قُدْموساً آخرَ حَمَلَ التُّراثَ الْحَضارِيَّ اللبنانِيَّ الإنسانيَّ إلى العالـمِ، يُعَلِّمُ وَيُثَقِّفُ، يَكْتُبُ وَيُحَاضِرُ، لَكَأَنَّهُ يَحْسَبُ الدُّنْيا كُلَّها عطاءً لأُمَّتِهِ. يَرَى الْكَوْنَ مِنْ خِلالِها، وَيَراها مِنْ خِلالِ روحِهِ وَقَلْبِهِ وَقَلَمِهِ، كُنُوزاً لا تَنْفُدُ وَفُولاذاً لا يَلِينُ.
إنَّ سِرَّ شَرْبل بعيني هُوَ بِهَذا الأُنْسِ الْكَامِنِ فيه، بِهَذِهِ الشَّفَافِيَّةِ الرَّائِعَةِ، بِهَذِهِ الصَّراحَةِ وَالْبَثِّ الْمُحَبَّبِ الَّذي أَلَّبَ الكثيرينَ إِلَيْهِ، وَأَلَّبَ الكثيرينَ.. عَلَيْهِ.
عَرَفْتُ الْكَثيرينَ بَعْدَ سنين، نَسَوْا وَطنَهُم، حتَّى أَنَّهُم تَنَكَّرُوا للغَتِهِم، فَيَتَرَبَّى أولادُهُم عَلى التَّنَكُّرِ لِلُبنان. وَها هُوَ شربل بعيني في (هاريس بارك) يُعَلِّمُ أولادَ اللبنانيينَ لِكَيْ يَنْدَمِجوا بِوَطَنِهِم عَنْ طريقِ اللُّغَةِ. فَهَلْ مَنْ يَدُلُّني عَلى مِثْل هَذا الإستشهادِ الدَّائـمِ في سبيلِ لبنان؟
وَبِالْمُناسبَةِ، أَقْتَرِحُ على الدَّوْلَةِ أنْ تَخْتَرِعَ وِسَاماً تُسَمِّيهِ (وِسَامَ الإِغْتِرابِ اللبناني)، عَلَّها تُشَجِّعُ هَذا وَذاك لِيَحْمِلوا في أجسامِهِم دَماً نَقِياً للبنان، ويكونَ شَرْبِل أَوَّلَ حاملي هَذا الوِسَام.
سَلامُ اللـهِ عَلَيْكَ يا أخي شربل. بُورِكَتْ لَكَ الجائزةُ وهذا التقديرُ، وَهَذَا التَّكْرِيمُ الآتي مِنَ الْجَنُوبِ الْبَطَل، مِن رَابِطَة الْجَمْعِيَّات اللُّبْنَانِيَّة فِي السّانْت جُورْجْ، فَأَنْتَ كُنْتَ وَتَظَلُّ رَسُولَ لبنان.
**
كلمة السيّد الياس أبي خطّار
مختار بلدة مجدليا الدائم
سيّداتي، سادَتِي
أُسْعِدْتُـمْ مَسَاءً
دَزِّينَةٌ مِنَ السَّنَواتِ مَرَّتْ، وَحُلْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ التَّارِيخِي ما زَالَ يُدَغْدِغُ تَفْكِيري، فَلَقَدْ جِئْتُ مِنْ بَلْدَتِي مِجْدَلَيَّا عام 1989، لأَفْتَتِحَ بِاسْمِكُمْ جَمِيعاً يَوْمَ الأَدِيبِ السّوريِّ الكَبير مُحَمّدْ زُهِير الْبَاشَا، تَكْرِيماً لَهُ عَلَى دِرَاسَتِه الْخَالِدَةِ "شربِل بعيني مَلاَّحٌ يَبْحَثُ عَنِ اللـه.
وَهَا هُوَ الْمَلاَّحُ يُتْقِنُ مِلاَحَتَهُ الأَدَبِيَّةَ، فَيَشُقُّ عُبَابَ الْبِحَارِ بِإِصْدَارَاتِهِ الشِّعْرِيَّةِ والأدبِيَّةِ وَالْمَدْرِسِيَّةِ والمَسْرَحِيَّةِ، وَيَنَالُ إِعْجَابَ الْمَجْلِسِ الْقَارِيِّ للجامِعَةِ اللبنانيَّةِ الثَّقافيَّةِ فِي الْعَالَـم الَّذِي يَرْأَسُهُ الأَدِيب جُوزيف حايك، فَيَمْنَحُهُ لَقَبَ أَمِيرِ الأُدَبَاءِ اللبنانيين في عالـم الإنتشار لعام 2000.
فَلِلْمَجْلِسِ الْقَارِيّ ورئيسِهِ جُوزيف حايك شُكْرُ مِجْدَليَّا، ولرابِطَةِ الْجَمْعِيَّاتِ اللبنانيَّةِ فِي السَّانْت جُورْج مَحَبَّةُ مِجْدَليَّا، فَهَلْ مِنْ مُعَادَلَةٍ أَجْمَلُ مِنْ هَذِهِ الْمُعَادَلَةِ: أَلْمُغتربونَ اللبنانيّونَ فِي أميركا يُتَوِّجُون أَمِيراً لِلأَدَبِ مِنْ أستراليا. وَالْمُغْتَرِبُونَ الْجَنُوبِيُّونَ الشُّرَفَاءُ يُكَرِّمُونَ شَاعِراً شِماليّاً.. وأبناءُ الْجَالِيَةِ الْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ كَافَّةِ الْمَنَاطِقِ اللّبنانيّةِ وَالْبُلْدانِ الْعَرَبِيَّةِ يَجْتَمِعُونَ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ لِلْمُشَارَكَةِ بِهَذَا التَّكريمِ، فَهَلْ مِنْ وِحْدَةٍ وَطَنَيَّةٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْوِحْدَةِ؟.. وَهَلْ مِنْ تَضَامُنٍ أَخَوِيٍّ أَقْوَى مِنْ هَذَا التَّضَامُنِ؟
فَبِاسْمِي، وبِاسْمِي عائلتي، وَبِاسْمِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَبْنَاءِ مِجْدَليَّا، أَقُولُ لَكُمْ شُكْراً.. وَالشُّكْرُ الأَكْبَرُ لإبْنِ مِجْدَليَّا الشاعر شربل بعيني الَّذِي، لَولاَ عَطاؤهُ الأدبي، لَمَا كانَ هَذَا التَّكْرِيمُ.. وَلَمَا كَانَتْ هَذِه الْفَرْحَة.
يا أبناءَ الْجَنُوبِ.. تَقَبَّلُوا حُبَّ وامْتِنانَ مِجْدَليَّا، أَنْتُمْ والْمَجْلِسُ الْقَارِي، وَكُلُّ الْحَاضِرينَ مَعَنَا.. وَشُكْراً
**
كلمة المهندس رفيق غنّوم
صاحب ورئيس تحرير جريدة صوت المغترب
أَيُّهَا السيِّدَاتُ والسَّادَة
أَيُّهَا الْمُغْتَرِبُونَ الْكِرَام..
يا أَبْنَاءَ الأَرْضِ الطَّيِّبَة
هَا هُوَ الْجَنُوبُ اللُّبْنَانِيُّ يَفْتَحُ الْيَوْمَ ذِرَاعَيْهِ لاسْتِقْبَالِنَا..
هَا هِيَ الأَرْضُ الْمُحَرَّرَةُ تَدْعُونَا اللَّيْلَةَ لِلْمُشَارَكَةِ بِتْكِرِيمِ مَنْ كَرَّمَ الأَرْضَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالأَحْرَار..
أَمَا لَيْسَتْ رَابِطَةُ الْجَمْعِيَّاتِ اللُّبْنَانِيَّةِ فِي السّانْت جُورْج، أَي الْقِدِّيس جِرْجِسْ، تُمَثِّلُ ذَلِكَ الْجَنُوبَ الْبَطَلَ، الَّذِي مَحَا الذُّلَّ عَنْ جَبِينِ أُمَّتِنَا الْعَرَبِيَّةِ، يَوْمَ ارْتَفَعَ بَيْرَقُ نَصْرِهِ، وَارْتَفَعَتْ هَامَاتُنَا بَعْدَ إِذْلاَل؟
وَهَا هُمْ أَبْنَاءُ الْجَنُوبِ يَفْتَحُونَ الْقُلُوبَ قَبْلَ الدِّيَارِ لِتْكِرِيمِ شَاعِرٍ شِمَالِيٍّ أَهْدَتْهُ "مِجْدَلَيَّا" لِلْكَلِمَة، لِلْغُرْبَة، لِلإِنْسَانِيَّة، وَلِلْمُعَذَّبِينَ فِي الأَرْض.
ولأنَّ الْجَنُوبَ يَضْرِبُ، دَائِماً وَأَبَداً، ضَرْبَةَ مُعَلِّمٍ، كما يَقُولُ الْمَثَلُ الشَّعْبِي، هَا هُوَ يَضْرِبُ عُصْفُورَيْنِ بَحَجَرٍ وَاحِدٍ، فَيُعَيِّنُ تَكْرِيمَ الشَّاعِرِ شَرْبِل بْعَيْنِي فِي الْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ شُبَاط.. أَيْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي رَأَى فِيهِ النُّورَ عام 1951.. وَمَنْ يَحْسُبُ جَيِّداً، يُدْرِكُ أَنَّ الشَّاعِرَ سَيُطْفِىءُ اللَّيْلَةَ شَمْعَةً ذَهَبِيَّةً فِي عِيدِ مِيلادِهِ الْخَمْسِينْ.
أَطَالَ اللـهُ بِأَعْمَارِكُمْ لِيُطِيلَ بِعُمْرِ شَاعِرِنَا الْمَحْبُوب.
منذُ عِدَّةِ أَشْهُرٍ مَنَحَ الْمَجْلِسُ الْقَارِيُّ لِلْجَامِعَةِ الثَّقَافِيَّةِ فِي الْعَالـمِ ـ فَرْعُ أَمِيرْكَا الشِّمَالِيَّةِ، الَّذِي يَرْأَسُهُ الأَدِيبُ الْمَعْرُوفُ جُوزِيف حَايِكْ، لَقَبَ "أَمِيرِ الأُدَبَاءِ اللُّبْنَانِيِّينْ فِي عَالَـمِ الإِنْتِشَارِ لَعَام 2000" للشّاعِرِ شَرْبِل بعيني. فَاهْتَزَتْ قُلُوبُنَا فَرَحاً، وكَيْفَ لا تَهْتَزّ، وَمَنِ اخْتِيرَ أَمِيراً للأدَبِ الإِغْتِرابِي فِي عَالَمِ الإِنْتِشَار، هُو وَاحِدٌ مِنَّا، مِنْ جَالِيَتِنَا، مِنْ مَهْجَرِنَا الأُسْتُرالي.. هُوَ وَاحِدٌ مِنْ رُسُلِ الْحُرِيَّةِ عَلَى الأَرْضِ. فَفِي كُلِّ حَرْفٍ كَتَبَهُ نَجِدُ الْحُرِيَّةَ تَشْرَئِبُّ.. تَنْتِفِضُ.. تَثُورُ.. غَيْرَ عَابِئَةٍ بِمَا قَدْ تَجُرُّهُ مِنْ مَشَاكِلَ لِشَرْبِلْ.
أريدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ سُؤالاً بِسِيطاً: لِمَاذَا تَنَادَيْتُمْ لِتَكِرِيمِ شَربل بعيني، لَوْ لَمْ يَكُنْ صَوْتُهُ صَوْتَكُمْ.. وَصَرْخَتُهُ صَرْخَتَكُمْ.. وَقَصَائِدُهُ قَصَائِدَكُمْ؟..
إِنَّهُ شَاعِرُ قَبِيلَتِكُمْ الإغْتِرَابِيَّةِ، كَيْ لا تَنْسَوْا جَريِرَ والْفَرَزْدَق..
إِنَّهُ إِبْنُ غُرْبَتِكُمْ، كَيْ لا تَنْسَوْا وَطَنَكُمْ الْمُفَدَّى..
إِنَّهُ إِبْنُ وَطَنِكُمْ، كَيْ يَبْقَى لَكُمْ الْوَطَن..
إِنَّهُ إِبْنُ لُبْنَان.. وَكَفَى.
صَدَاقتي الْحَمِيمَةُ بِشَربل بعيني، عَرَّفَتْنِي بِهِ أَكْثَرْ.. حَمَلَتْنِي إِلَى عَالَمِهِ الْمَجْهُولِ، فَوَجَدْتُهُ كَعَالَمِهِ الْمَنْظُورِ.. تَقْرَأُ فِي عَيْنَيْهِ مَا يُخَبِّىءُ فِي قَلْبِهِ.. فشربلُ الشَّاعِرُ هُوَ ذَاتُهُ شَرْبِلُ الطِّفْلُ.. قُوَّتُهُ فِي بَرَاءَتِه.. وَجَمَالُهُ بِضَحِكَاتِهِ.. وَعَظَمَتُهُ بِارْتِفَاعِ صَوْتِهِ.. أَلَيْسَ هُوَ الْقَائِل:
عَالِي صَوْتِي عَالِي
يَا وَطَنِي الْجَرِيحْ
عَمْ يِهْدُرْ بِاللَّيَالِي
اللِّي مْجَرَّحَه تِجْرِيحْ
وِيْخَرْطِشْ إِسْمَكْ صَورَه
عَ إِيدَيْن الْمَعْمُورَه
وِيْلَوِّنْ فِيك الرِّيحْ
ومَنْ غَيْرَ الشَّاعِرِ شَرْبِل بعيني يَقْدِرُ عَلَى تَلْوِينِ الرِّيَاحِ، وَتَسْخِيرِهَا لِمَصْلَحَةِ وَطَنِهِ الْمَجْرُوحِ لُبْنَان؟
يَوْمَ عَلِمَ المُنَاضِلُ الْوَطَنِي الدكتور رِفْعت السَّعِيد بِاخْتِيَار صَدِيقِه شَرْبِل بعيني أَمِيراً لِلْكَلِمَةِ، أَرْسَلَ لَهُ فَاكْساً مُسْتَعْجِلاً مِنَ الْقَاهِرَة يَقُولُ فِيه: "لَـمْ يُضِفِ الْمَجَلِسُ القاريُّ للجامعةِ الثقافيّة في العالـم أَكْثَرْمِنْ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِوَاقِعٍ وَاقِعِيٍّ، مُعْتَرَفٌ بِهِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يَعْرِفُونَ فَضْلَكَ وإِبْداعَكَ وَشُمُوخَكَ". وَنَحْنُ، مِثْلَ الدّكْتور رِفعت السّعيد، نَعْرِفُ فَضْلَ شَرْبِل بعيني، وإبداعَهُ وَشُمُوخَهُ، وَلِهَذَا دَعَتْنَا رَابِطَةُ الْجَمْعِيَّاتِ اللبنانيّةِ فِي السَّانت جورج، وَلِهَذَا لَبَّيْنَا دَعْوَتَهَا.. فَأَلْفُ مَبْروكٍ لجاليتِنَا بِإِمارَةِ الأَدَبْ.. وَأَلْفُ مَبْرُوكٍ لِشَرْبِل بعيني بعيدِ مِيلادِهِ الذَّهَبِيّ.
إِثْنَانِ اسْتَحَقَّا الإِمَارَةَ عَنْ جَدَارَة: شوقي القائل:
وَلِلْحُرِّيَّةِ الْحَمْرَاءِ بَابٌ
بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
وَشَرْبِل القائل:
يَا طِفْلَ الأَرْضِ الْمُحْتَلَّه
يَا فَجْرَ شُعُوبٍ تَتَأَلَّمْ
إِضْرِبْ.. إِضْرِبْهُمْ.. إِضْرِبْنَا
فَالْكُلُّ بِحَقِّكَ قَدْ أَجْرَمْ
وَشُكراً لإِصْغَائِكُمْ
**
كلمة وقصيدة
شربل بعيني
تكريمي من قبل رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج، لن تقدر كلمات الشكر، مهما أتقنت صياغتها، من أن تفيه حقّه. فلقد أثبت هؤلاء الجنوبيّون الأبطال خطأ النظريّة الطبيّة القائلة إن القلب يكون دائماً على جهة الشمال، إذ أن قلبي انتقل إلى الجهة الجنوبيّة بفرح زائد، غير عابىء بتحذيرات الأطباء واحتجاجاتهم.
جميل جدّاً أن يكرّم الجنوب إبناً شماليّاً، ولكن الأجمل أن يلتفّ مغتربو لبنان والدول العربيّة حول هذا الجنوب، ويقدّموا له قلوبهم، ويؤازروه بحضورهم، ولسان حالهم يردد: لا لست وحدك يا بطل، فنحن معك قلباً وقالباً.
من هذا المنطلق، تحدّى (أبطال) الجاليّة جنون الأحوال الجويّة، واتّجهوا إلى ارنكليف، حتى لـم يبق كرسي واحد فارغاً، لا بل تجمهر العديد من (الأبطال) خارج القاعة، دون أي تأفّف أو احتجاج.
الكلمات التي ألقيت كانت كلّها مزهرة، تتشاوف كل واحدة منها بجمال ألوانها، وبحسن صياغتها، وبروعة إلقائه، واسمحوا لي أن أهدي هذه القصيدة لأبناء الجنوب، وخاصة القاطنين في منطقة السانت جورج (القديس جرجس) سيدني:
ـ1ـ
يَا مَارْ جِرْجِسْ.. عِيرْنِي سَيْفَكْ
بِالشَّرْقْ بَعْدُو بْيِنْفُخْ التَّنِّينْ
ضَيْفَكْ أَنَا.. لا تِخِذْلُو لْضَيْفَكْ
حَابِبْ تَا إحْمِي طِفْل بِفْلَسْطِينْ
تْفِرْنَجْتْ؟!.. مُشْ مَعْقُولْ.. يَا حَيْفَكْ
لُبْنانْ أَرْضَكْ.. لا تْمَحِّي سْنِينْ
مَلْعَبْ حْصَانَكْ.. تَلْجَكْ وْصَيْفَكْ
أُسْطُورْتَكْ.. إِيمَانْ الِمْحِبِّينْ
لازِمْ عَ شِبْعَا نْرَجّعُو لْطَيْفَكْ
وْمَعْ سَيْف ذُو الْفَقَّارْ مِتِّحْدِينْ
نِطْرُد الإِعْدَا.. نْجِنّْ عَ كَيْفَكْ
وْنِبْنِي وَطَنْ.. أَقْوَى مْنِ السِّكِّينْ
ـ2ـ
إِنْت مِنْ لُبْنَانْ.. عَلِّي الرَّاسْ
التَّارِيخْ خَبَّرْ قِصّتَكْ عِنَّا
حِيطَان دَيْرَكْ دَوْمْ عَمْ تِنْبَاسْ
ما فِي حَدَا رَحْ يِسِرْقَك مِنَّا
خَلِّصْ وَطَنَّا.. مْصَايْبُو أَجْنَاسْ
الْجُوعْ.. عَ بْوَابْ الشّعبْ غَنَّى
وْصَارِتْ الْهُجْرَه حُلْم كُلّ النَّاسْ
وْأَكْبَرْ جَرِيمِه يْضِيعْ مَوْطَنَّا!
لُبْنَان بَاقِي.. جَامِعْ وْقُدَّاسْ
لْبْنَانْ بَاقِي.. لأَحْمَد وْحَنَّا
ـ3ـ
يَا مَارْ جِرْجِسْ.. عِيرْنِي حْصَانَكْ
تَا رَقّصُو بِجْنُوبْ لُبْنَانَكْ
تْحَرَّر جْنُوبَكْ.. رَكَّع الْمُحْتَلّْ
صَلِّي.. تَا يْحْمِي الرَّبّ.. فِتْيَانَكْ
أَبْطَالْ.. وِقْفُوا فَوْقْ هَاكْ التَّلّْ
بِالدَّمْ يِسْقُوا تْرَابْ وِدْيَانَكْ
أَبْطَالْ.. رَسْمُنْ بِالْفِكِرْ بِيضَلّْ
شَالُوا الْقَهْر مِنْ قَلْب إِنْسَانَكْ
دِينُنْ.. لا تِسْأَلْ.. صَارْ دِين الْكِلّْ
التِّحْرِيرْ.. وَحَّدْ كِلّْ أَدْيَانَكْ
ـ4ـ
سَاعِدْ طِفْل.. مِتْسَلَّح بْمِقْلاعْ
وْحَامِلْ بِـ إِيدُو حْجَارْ مَسْنُونِه
دَمّ الطّفل.. لا يْفَكّرُوا بْيِنْبَاعْ
مْحَمَّد الدُّرَّه.. اسْتَوْطَن عْيُونِي
لَيْش الْعَرَبْ ما بْيَعِرْفُوا الإِجْمَاعْ؟
وْلَيْش الْبُطُولِه.. حْرُوفْ مَرْهُونِه؟
أَطْفال.. عَمْ بِيحارْبوا الأطماعْ
وِجْيُوشْنَا بِالرَّمْلْ مَدْفُونِه!!
حُكَّامْ.. ما بِيهِمّ أَقْصَى ضَاعْ
أَوْ ضَاعِتْ كْنِيسِه بِالْقُدسْ قُونِه!!
حُكَّامْنَا: كُرْسِي وْعَبْد مِنْصَاعْ
وِبْلادْ فِيهَا النَّاسْ مَسْجُونِه
يَا مَارْ جِرْجِسْ.. هَاتْ حَلِّه تْسَاعْ
تَا إِحْرُق.. اللِّي طَلّعُوا جْنُونِي
ـ5ـ
يَا مَارْ جِرْجِسْ.. زِيدْ جَمْعِيَّاتْ
اتَّحْدِتْ.. عَ إِسْمَكْ بَسّْ.. بِالْهُجْرانْ
بِالسّانْت جُورْجْ.. شْبَابْ وِبْنَيَّاتْ
عَاشُوا سَوا إِخْوَانْ.. شُو إِخْوَانْ؟!
حُبُّنْ شَمسْ.. أَعْمَالُنْ تْرَيَّاتْ
مِتْلُنْ مَا صَدَّرْ عَ الْهَجِرْ.. لُبْنَانْ
لَو قِلْتْ: آخْ.. بْيِرِكْضُوا مِيَّاتْ
لَوْ قِلْتْ: خَيّْ.. بْيِرقُص الْمِيدَانْ
أَللّـه.. إِذَا بِيقَدِّم هْدِيَّات
جَمَّعْ رَوَابِطْ إِسِمْهَا إِسْمَكْ
وْلَفُّن هْدِيِّه.. كْرَامِة الإِنْسَانْ
ـ6ـ
الْيَوْم بِطْفِي شَمْعِة الْخَمْسِينْ
يَا مَارْ جِرْجِس.. خَفِّف الْغُرْبِه
الأَحْبَابْ حَبُّوا يِنِقْلُوا صِنِّينْ
مَعْ شَيبْتُو.. تَا يْعَرِّم بْقَلْبِي
الأحْبَابْ حَبُّوا يِزْرَعُوا بْسَاتِينْ
بْغُربةْ شَقَا.. تَا تْزَهِّر مْحَبِّه
الْحُبّ وَحْدُو بْيِطْرُد شْيَاطِينْ
شَكّوا بِـ صَدْر الأَوْفِيَا حَرْبِه
قَالُوا "المجلس" منشرى تخمين
وقالوا إمارة هَـ الأَدَبْ.. لُعْبِه!
جوزيف حايك ريّسو مْنِ سْنِينْ
طَوِّل بِـ عُمْرُو كْتِيرْ يَا رَبِّي
حَبّ يِنْشُرْ مَجْد مُغْتِرْبِينْ
وْمَا فِي مَجْد بِتْحَجّمُو كِذْبِه!
وْقَالُوا وْقَالُوا.. جَوْقِة مْسَاكينْ
شَرْبِلْ أَميرْ مْتَوّج مْنِ الشّعبْ
وْيَا فَرْحِة الْـ بِيتَوّجُو.. شَعْبِي
**
لقاء مع شربل بعيني
دفاتر الأيّام.. أنهى حلقاته لعام 2000 بلقاء الشاعر شربل بعيني
قبيل أنتهاء عام 2000 بيومين فقط، استضاف برنامج (دفاتر الأيام) الذي تبثّه إذاعة SBS، الشاعر شربل بعيني، ونظراً لأهميّة اللقاء، وللمعلومات التاريخيّة التي وردت فيه، رأينا أن من الأفضل إطلاع قرّاء مجلّة (أميرة) على أهم ما جاء فيه. والجدير بالذكر أن رئيسة البرنامج العربي السيّدة ماجدة عبّود صعب كانت قد اتصلت بالشاعر بعيني لإجراء المقابلة، وعندما أعلمها بأن السيّدة ماري ميسي قد اتصلت به قبل أسابيع لإجراء مقابلة مماثلة معه، قالت: نحن فريق عمل واحد.. ولا يهمنا سوى نجاح البرنامج العربي.. سآخذ منك موعداً بنفسي كي تجري معك المقابلة زميلتي ماري ميسي. ونحن في مجلّة (اميرة) لا يسعنا إلاّ أن ننوّه بموقف السيدة ماجدة عبّود صعب المشرّف، الذي يدل على اهتمامها المضني من أجل إنجاح البرنامج العربي وعمل باقي المذيعات والمذيعين. وإليكم أهم ما جاء في اللقاء الذي أجرته السيّدة ماري ميسي:
" ضيفنا اليوم شاعر مهجري حصل على جوائز عديدة، منها: جائزة الأرز الأدبية عام 1985، من قنصل لبنان العام في سيدني الدكتور جان ألفا. جائزة تقدير الكلمة عام 1986، من الأستاذ سامي مظلوم في مالبورن، جائزة جبران العالميّة عام 1987، من رابطة إحياء التراث العربي، جائزة الشاعر جورج جرداق عام 1992، وأخيراً على جائزة "أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار اللبناني لعام 2000"، من المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالـم ـ فرع أميركا الشماليّة، الذي يرأسه الأديب جوزيف حايك.
أصدر 34 كتاباً، موزعة بين الأدب والشعر والتعليم. ألّف مسرحيات عديدة، كما كتبت عنه كتب عديدة. أصدر صحيفة صوت الأرز عام 1973، وفي عام 1995 مجلة ليلى.
نتصفّح اليوم دفاتر أيّام الشاعر شربل بعيني:
ـ شربل.. أهلا وسهلا فيك
أهلا وسهلا فيك ست ماري
ـ للحقيقة.. لـم أكن أعرف كيف أكتب مقدمة عنك
انت خبيرة بأدبي.. فلقد كنت من أكثر الذين قابلوني في هذا المهجر
ـ تسلم.. تسلم. أولاً أقول لك مبروك على الجائزة الأخيرة التي هي أمير الأدباء في عالـم الإنتشار. التي منحك إيّاها المجلس القاري للجامعة الثقافيّة في العالـم ـ فرع أميركا.
أشكرك.. وأشكر الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم، فهذه هي المرة الأولى التي تلتفت بها للأدب المهجري، ولو لـم يكن الرئيس القاري للجامعة أديباً كبيراً إسمه جوزيف حايك.. لا أعتقد أن أحداً سيفكّر بأدبنا المهجري. إنها إلتفاتة عظيمة منه.. أشكره عليها
ـ اليوم، سوف لن نركّز على شعرك، بل على شخصية شربل بعيني الإنسان، الذي لا يمكننا أن نفرّقه عن الشاعر. فلنبدأ إذن من طفولتك.. من نشأتك.. أنت من لبنان.. ولكن من أين؟
أنا من مجدليا ـ شمال لبنان، بلدة صغيرة، ولكنها أصبحت اليوم كبيرة
ـ كبيرة بأهلها
شكراً.. إنها تفصل بين مدينتي زغرتا وطرابلس، وتربط أقضية زغرتا، الكورة والضنيّة. إذ أنها تملك مساحة شاسعة من الأراضي. لهذا أطلقوا عليها إسم "مجدليا"، أي المجد لها. وهي البلدة الوحيدة التي أنشئت بها بلديتان. بلدية لمجدليّا، وبلديّة استحدثت مؤخراً لفوّار مجدليّا. أنا من تلك البلدة، هناك ولدت
ـ ماذا تتذكر من طفولتك؟
هناك أشياء كثيرة أتذكرها، أولها، محبّة أبناء القرية لبعضهم البعض، حتى أنهم في مهجرهم هذا لـم يتخلّوا عن حب بعضهم البعض، وهذا ما جعلني أحب الآخرين. فلقد تربّينا على المحبة.. كما أنني لا أنسى كيف كان أهالي القرية يحبّون الإستماع إلي وأنا ألقي أشعاري.. من يوم كنت في التاسعة من عمري، خاصة عندما يزور شخص العذراء مريم بيوت القرية في شهر أيار، فكنت أقف لاستقباله على باب بيتي بخطاب طفولي، وكان الناس ينصتون إليّ. من أيام طفولتي وأنا أحب أن ألقي الشعر، صحيح أن صوتي عالٍ، ولكن علو الصوت كان وما زال يساعدني على توصيل كلمتي.
ـ هل أمضيت فترة شبابك في مجدليا فقط؟
لا.. لقد ذهبت إلى طرابلس، هناك اشتركت بأمسيات أدبيّة عديدة. ولكنها كانت متعبة بالنسبة لي.. خاصة وقد صدر لي في ذلك الوقت كتاب (قصائد مبعثرة عن لبنان والثورة)، وعندما تتكلمين عن الثورة عام 1970، فهذا يعني وجع الرأس
ـ هذه أشياء أعرفها من مقابلاتي السابقة معك.. ولكن بعض المستمعين يجهلون الظرف الذي كان السبب في هجرتك إلى أستراليا.. إنه أحد كتبك على ما أعتقد..
نعم.. إنه الكتاب الذي ذكرت سابقاً.. أضيفي إلى ذلك كتاب عن الثورة الفلسطينيّة إسمه "يوميّات مراسل أجنبي في الشرق الأوسط" نشر في معظم الصحف والمجلاّت اللبنانية والعربيّة، كالنهار والأنوار والبيرق والدبور والهدف للمرحوم غسّان كنفاني. وبسبب هذه القصائد دعيت إلى أمسية شعرية في طرابلس.. فتخلّل الأمسية إطلاق نار..
ـ هل كنت تدعو للثورة؟
أجل.. ولكثرة حماس الجمهور راح يطلق النار.. فاختبأ محسوبك تحت الطاولة
ـ شاطر بالحكي بس..
وهل تريدينني أن أحارب؟.. لقد افتكرتهم يطلقون النار عليّ.. فاختبأت تحت الطاولة. والمقطع الشعري الذي ألهب القاعة يقول:
لـم يقتلوا طفلاً إخواني
أعرفهم حتماً أعرفهم
فالرحمة هم
والرأفة هم
وليسمع كلّ إنسانِ
لولا عدالةُ ثورتهم
لفقدت بالعدل إيماني
هنا بدأ الرصاص يلعلع، فأين تريدينني أن أصبح؟
ـ تحت الطاولة..
ويظهر أن المكتب الثاني اللبناني في ذلك الوقت لـم يعجبه ما حصل في تلك الأمسية، أولاً، أنا من منطقة معيّنة، وعليّ أن ألزم حدودي.. وثانياً، الثورة التي ينطوي عليها كلامي غير مسموح بها. فاعتدوا علي أمام سينما "الريفولي" وقالوا: سد بوزك.. وكان برفقتي أخي جوزاف، وشاب يعيش الآن في كندا، كان أول من أخبرني بفوزي بإمارة الأدب، إسمه أنطوان بعيني. فركضا نحوي وأسعفاني بعض الشيء، خاصة وأن الدم كان يغطي وجهي. وأثناء الليل جاءنا خوري، هو الآن في كندا أيضاً، وطلب من والدتي، رحمها اللـه، أن أختفي عن الأنظار مدة من الزمن. فاختفيت في بيت أحد أقربائي في بلدة بزعون الشمالية، ولـم يدر أحد بوجودي هناك.
ومن هناك أجريت الإتصالات بين لبنان وأستراليا، وكان المجيء إليها سهلاً عكس هذه الأيام، فسهّل لي السفر الرئيس رينيه معوّض، رحمه اللـه، كوني كنت أحمل رقماً إحتياطيّاً في الجيش.. بعد أن كنت خضعت للتدريب العسكري في صف الفلسفة
ـ بإمكاني أن أقول أن هذا الكتاب قد غيّر مجرى حياتك.. فلو بقيت في لبنان، هل كنت ستصبح شربل بعيني الذي نعرفه الآن؟
كنت سأصبح أشهر من اليوم.. فمن الكتاب الثالث والضجّات الإعلاميّة تلاحقني. فكتاب مراهقة أحدث ضجة كبرى، ولـم تبق صحيفة ولـم تكتب عنه. وأذكر أن أحد مستشاري رئيس الجمهورية، كان يكتب تحت إسم مستعار "توني سابا"، خصّ الكتاب بصفحتين في مجلته، وطالبني بأن أقرأ أشعاري في مسرح فاروق فقط. فتصوري كم كانت كتبي، وانا في السابعة عشرة من عمري، تأخذ اهتماماً أدبياً..
ـ ولكن ألا تعتقد أن الهجرة قد أثّرت على كتبك.. كون الشاعر يتأثر ببيئته ومجتمعه؟
ولكن مساحة النشر عندي كانت ستكون أوسع لو بقيت في العالـم العربي، خاصّة وأنني بدأت النشر وأنا في السادسة عشرة من عمري. فالشاعر في وطنه ينطلق أكثر.. فلقد قال لي الشاعر المرحوم نزار قبّاني قبيل وفاته: (ضيعانك تضل بأستراليا)..
ـ بإمكانك أن تكتب في أستراليا وتنشر في الخارج..
المسألة ليست كما تكونين هناك.. فالشاعر مثل الفنان، ولكن الفنان الذي يأتي من الخارج تسبقه شهرته، فالتلفزيون والإذاعات والمجلات الفنيّة كلها تحت أمره، أما نحن فنعيش غربة ضيّقة مهما فعلنا. اليوم أصبح عندنا (الإنترنت)، أما في السابق فكنّا لا نملك شيئاً. عندما وصلت إلى أستراليا، كانت عمليّة النشر تتملّكني. لقد نشرت في لبنان، ونالت كتبي الكثير من التقدير، فأصبح مرض النشر يؤرق عيني، فنشرت في المهجر كتاباً إسمه (مجانين).
ـ أعتقد أنّك أول من طبع كتاباً في أستراليا..
ولقد أتعبتني طباعته كثيراً، إذ أنهم طبعوا الصفحات بالمقلوب.. وذلك لندرة المطابع العربيّة.. فتصوّري حالة الصراخ التي اجتاحت عمّال المطبعة عندما أخبرتهم أن الكتاب طبع بالمقلوب، وعليهم أن يباشروا بطباعته من جديد. لقد تحملوا الخسارة ولـم أدفع سنتاً واحداً..
ـ كان هذا أول كتاب يطبع في أستراليا..
أجل.. وهو مسجّل الآن بالمكتبة الوطنيّة في كانبرا
ـ ما هو العمل الأول الذي قمت به في أستراليا؟
حمّال.. عتّال.. أول ما وصلت إلى أستراليا اشتغلت حمّالاً!! تصوّري أن إصبعي الخنصر كان انقطع.. لأنني أجبرت على وضع منجل صغير في خنصري كي أقطع بها الحبال، ومع الوقت التهب إصبعي، فأمر أحد الدكاترة بقطعه.. فقلت له: يقطع رقبتك.. أتعتقد أن قطع عضو من جسمي مسألة سهلة؟.. فبدأت بمداواته بنبتة إسمها (حي العالـم).. ذات أوراق خضراء وعريضة.. فخففت الإلتهاب وأبقت إصبعي في يدي.. ها هو أترينه؟
ـ إني أراه.. ما زال في مكانه. شربل.. نحن نعرف أنك تعمل كمربٍ في مدرسة سيّدة لبنان..
قبل أن ألتحق بمدرسة سيّدة لبنان، كنت قد تركت العمل في الفبارك، بعد أن قلت لنفسي: أنا جئت إلى هذه الغربة ولـم يكن في جيبي أكثر من 40 دولاراً، إذا خسرتها لن أخسر شيئاً، فلماذا لا أؤسس شركة ما أعيش منها بشرف، فأسست شركة صوت ألأرز لبيع الكسيتات الغنائية العربيّة، وتعتبر أول شركة من نوعها في ذلك الوقت، فنجحت بشكل مذهل. وفي يوم من الأيّام تعرّفت براهبات العائلة المقدّسة المارونيّات، فقالت لي الأخت كونستانس الباشا: العمل التجاري لا يليق بك، أنت حقلك التعليـم، تعال علّم معنا.. كان هذا سنة 1980، فقلت لها: دعيني أفكّر.. وبعد تفكير عميق وجدت أن من الأنسب الإلتحاق بمهنة التعليـم، وهكذا كان. فالسعادة ليست دائماً بجمع المال..
ـ كما أن الكتب لا تطعمك خبزاً..
لقد وزعت كتبي مجاناً.. أنا لـم أقـم ندوة واحدة لبيع كتبي
ـ المعروف أنك نشرت أكثر من 34 كتاباً، ومعظم هذه الكتب ترجم إلى الإنكليزية..
ولا تنسي أن كل كتاب طبع عدّة مرّات.. فيكون مجموع ما أصدرت من كتب 63 كتاباً.
ـ هناك من ينتقد غزارة الكتب عندك.. فماذا تقول؟
جميعهم عندهم غزارة شعرية.. كلهم يملكون القصائد العديدة، ولكنهم لا يملكون الجرأة على دفع تكاليف النشر
ـ أبسبب كلفة الكتاب؟
أجل.. أنا، والحمد للـه، كان عندي الجرأة على النشر، وكنت أقول إن على الشاعر أن يترك أعمالاً تخلّده.. فضحيّت بكثير من المال.. فإذا اعتبرنا أن كلفة كل كتاب تساوي ثلاثة آلاف دولار، ضرب 63 إصداراً، لكان بإمكاني أن أشتري بناية في المدينة، على حد تعبير الدكتور عصام حداد
ـ أنت لا تبيع كتبك.. أما هكذا؟
أكيد لا أبيعها، فأنا أؤمن بأن أدب الشاعر يجب ألاّ يباع.. وأن يكون غائيّاً لا غوغائيّاً.
**
مقالات الدكتور عصام حداد
عن التكريم
ـ1ـ
شربل بعيني كما عرفته
لعلّ شربل بعيني من القلّة من النّاس الذين يمدّون للحال أسلاكهم من قلب لقلب.
عرفته صدفة في (المربد)، مهرجان الشّعر في العراق، يباهي بانتمائه إلى شعراء المهاجر، وبأن لبنان الإنتشار يحمل مشعل الرسالة الوطنيّة على أوفى ما تكون الأمانة، ويكون الإيمان بالوطنيّة والمجد والخلود. فأكبرت فيه هذا الهوس الفريد في حبّ لبنان، يجنّد له كل قوى الفكر والعطاء في أوستراليا مع كوكبة مختارة من أهل القلـم الذين رفعوا علمهم فوق كلّ علـم.
وكم أصابتني قصيدته (المربديّة) عندما تحدّث عن غربته وقهره واحتراقه، ولكن هذه الغربة وهذا القهر وهذا الإحتراق كوّنت منه شاعراً يحسّ آلام الآخرين.
ولا عجب، فقد عمل ويعمل في سبيل أمّته، ومتى كان المهاجر غير قلب لبنان النّابض وشطره الأحبّ؟
الشّعر هو إخلاص ومعاناة وقد لمستهما فيه، وأعوذ بالشعر من الهذيان والمذاهب المصطنعة، فمهما أطلقوا عليه من تسميّات تبقى أحلى تسمية له (الشعر) فقط، لا قبل ولا بعد، ولا فرق بعدئذ كيف جاء لباسه، شرط أن يدخل القلب، ويدعو إلى رسالة وتجدّد ومجد.
قرأت له (الغربة الطويلة) فأصبت للبناني متوثّب شرّدته الأيام عن وطنه الأم، ولكن الجراح كوّنت منه لحناً شعرياً كالغدير المترقرق على هوس ومباهاة بحبّه الوفي، بقلبه المعطاء، بلبنانه المجرّح، ولا يتورّع أن يدلّ على عورات وهنات، وهذا هو الصدق. فالدلالة على الخطأ للإصلاح رسالة المفكّر الذي يريد أن يكون شاهداً على عصره، وصدى لشعبه، ومرآة لبيئته، وعصباً ودماً في جسده، وظلاًّ يقيه العاديات.
وقرأت له (كيف أينعت السّنابل؟)، فلمست براءته المحبّبة في إظهار مكامنه كيف جاءت، شرط أن يفهم الجمهور قصده، ولا فرق عنده كُسر بيت أم رثّ تعبير، ويقول إن هذا تجديد في الصياغة العربيّة، وإنه لا يريد من أدبه إلاّ أن يكون واضحاً، والحال إنه كالشمس وضوحاً، وكالبراءة صفاوة، وكالجدول عطاء.
شربل بعيني يعطي من قلبه بعفويّة الينبوع والورد، وتقع له على شطحات في قلمه رائعة، تبشّر بغد مثـمر يعد له مجداً أدبياً في عداد أدبائنا الكبار، وحسبه أنه يبذر في روح طلاّبه ومعارفه الروح الوطنيّة، والروح الإنسانيّة البعيدة عن روح التفرقة، التي كثيراً ما تستفيق في شرقنا الملوّع، فتحطّ به عن الرفعة بمصاف الأمـم.
كم أتمنّى أن يقرّب اللـه ذلك اليوم الذي نتلاقى فيه كلّنا تحت سماء لبنان، فنبنيه آية في الأمـم.
هذا الكلام كتبته ونشرته عام 1988، إثر لقائي الأول بشربل بعيني في المربد الشعري في العراق، وها أنا أتمسّك به أكثر وأكثر بعد معرفتي الطويلة به.. ولا عجب في اختياره أوّل أمير للأدب المهجري في عالـم الإنتشار، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافيّة ـ أميركا، ورئيسه الأديب جوزيف حايك، بل العجب كلّ العجب أن لا نفرح، مقيمين ومغتربين، بحسن هذا الإختيار. ألف مبروك لكم جميعاً في أوستراليا.
**
ـ2ـ
ومرّت سنة على الإمارة
لـم نكن ننتظر، لا من الشرق ولا من الغرب، ليطوّبوك (الأمير).. فأنت طُوّبت على قلوب محبّيك من زمان.
يكفي هوسك الدائـم بلبنان، وجهدك المستمر في سبيل الفكر، وعملك ليل نهار، في الخفاء، لتنشّىء طلاّبك على التشبّث بوطنهم الأم.
من قال، إن الذي، منذ ثلاثين سنة، يسكن أستراليا وكأنّه نازل لتوّه من مجدليّا، ببراءة الروح، وحلاوة القلب، وصفاوة الفكر، ونضارة الأدب؟
ومهما سبكتك الحادثات، تبقى الإبريز في مصهرة الأيام، خالصاً نقيّاً لا يشوبه تراب.
يكفيك أنك حامل في الغربة همّ الشعر ومجد الوطن. تدلّ على العورات للإصلاح والصلاح. تحفز هذا.. تؤنّب ذاك.. ودائماً في هيصتك المعهودة، ولجلجتك المحبّبة، وأسلوبك القاسي اللذيذ، إلاّ مع مع أحبّائك، الذين يغفرون لك دائماً الأخطاء، مهما ارتكبت من جرائـم بحقّ التاريخ. إذ أن وراء ضلوعك قلباً لا يعرف الحقد.. ونيّتك، دائماً، ننتحل لها آلاف الأعذار، ونفترض لها دائماً البراءة. إذاً مغفورة لك خطاياك، فلا لزوم لكرسي الإعتراف.
أتمنّى ألاّ تبهرك الإمارة، فترمي منجلك أيها الحصّاد الماهر، الذي يحصد الأخضر واليابس، ولا يخلّي وراءه إلا كما يريد، أو العفير أو الإخضرارلقد أضحت مسؤوليتك أكبر، وعيون الشعر والأدب عليك. ليس عشرة عشرة، بل ألف عين وعين.
وقّاك اللـه من إصابة عين، يا من أنت في قلبي وعيني.
في الذكرى السنويّة الأولى لإمارتك الأدبيّة، يسعدني، يا صديقي شربل بعيني، أن أكون أول المهنّئين.
**
ـ3ـ
أنتم أمه وأبوه وذووه
من وحي زيارة شربل بعيني للبنان
يا أحلى من المواعيد وصحوة الخير في النفس الطهور، ما زال في حيّنا ظلّك، على الزنبقات يتساحب في الضحوات وعلى ضوء القمر.
ها قد شرّعت لك القلوب، لتفلت لك من الحناجر كل الأهازيج على الرّحاب.
يا ضيعانك، تخلّي لبنانك مسرحاً للخفافيش والوطاويط، أنت الذي ربيت هنا على رأرأة الضوء، ورقرقة الشلاّل، ومسار العبير.
أين تغنّيك بأرزات هذه الرواسي الطالعة إلى السماء، أنت يا أطيب من نغمة المنجيرة، وأحرّ من النبض، وأعزّ من المجد وفصاحة العنادل؟
بروحي تلك الأنامل المشيقة تسلخ من شرايينك الحروف، وتحبكها حكايات سنيّة، وترانيم لاهبة تُشَدُّ إلى القلوب والعيون.
لقد فرشت لك الأهداب: يا هلا بطلعة ذلك الوجه الرضيّ والضحكة الصخّابة كقصفة بريق وشهقة رحيق. ها إنّي أطرح الصّوت على العباهر وأطباق الحبق في الحيّ لتلتمّ في مهرجان ملاقاة الحبيب.
أضحى الوطن فعلاً ماضياً ناقصاً، إلَّـم يلتحم به شطره الآخر ليتمّ إنّه أليف كلّ همّ بلا أمّ، لأنكم أنتم يا أهله الطيبين، أمّه وأبوه وحموه وفوه وذووه الأحبّاء الأصفياء الأوفياء.
أما جبلتموه بالعرق، بالدمّ، بالدموع؟
أما حملتموه رايات على مفارق الأمـم؟
أينزلق من بين أصابعكم كالزئبق والماء والهواء؟
الأمهات على الموانىء في شواطىء لبنان اللاهفة إليكم، يلوّحن بالمناديل للعائد من الغربة المالحة، يكسرن على العتبة الرغيف، ويدلقن النبيذ المعتّق، وينثرن الحندقوق والياسمين، ويلبسن العيد.
ماذا تعمل أيّها الحبيب في بلادٍ تسوس الهررة والكلاب أكثر من الإنسان؟
كفاك تزهق العمر على الرماد مع أنفاث لهاثات المدنيّة المتوحّشة والتكنولوجيا العمياء. إن لباس الجنفيص هنا أنعم من الحرير المستعار هناك. وإن المساميك العارية هنا أندى من الناطحات هناك. حتّى مَ البحر يجوع ويجوع؟ ونحن نأكل المرارة على الشموع بعيون مطفأة ويباس هذه السّحن في غمرة الضباب؟
متى يجفّ سيل الدم عن البحر، وتزهر العظام النخرة تحت السنديانات العتاق، ويجبر خاطر هذا الوطن المسكين الكسيح؟
لا لـن تعيش هنا كالضبّ، يا من عمّرت لك حيث عشت، حدّ وطنك، وطناً آخر، ونسجت من رموشك وعروقك راية وراية، فمعك هنا زند آخر ينبت معك الربيع والدفء والخير.
يا هلا بك تفقأ حصرمةً في عين الدهر المشتّ.. فها إنّ قلبي المشلَّع المنعصر عليك، على التلّة الغارقة بالضوء والعبير، قرب ذلك المعبد العتيق، ها إنه يشفى من شماتة العوازل وتمزّق الوداع.
لا لن ينشرنّ أحد، بعد اليوم، على صنوبر بيروت، إفلاسي منك، بل أنادي من ينادي معي، صبايا بيبلوس ليهيّئن لعشتروت وأدونيس، التاج والصولجان.
**
مقالات طوني الشيخ
عن التكريم
ـ1ـ
شاركوا بتكريم شربل بعيني
لقد دعتني رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في منطقة السانت جورج لحضور حفل تكريم الشاعر شربل بعيني في العاشر من شباط 2001، عند الساعة السابعة مساء.
ولكي لا تفوتني الفرصة، وتؤخّرني تشعّبات الطرق من الوصول في الوقت المحدّد، ركبت سيّارتي وتوّجهت إلى منطقة "أرنكليف"، وأنا أراجع دليل الطرقات، إلى أن وصلت إلى "BARDENفوجدته يتفرّع من التي توصلنا إلى مطار سدني، مباشرة بعد صالة عرض منتوجات (شيريدن) للأقمشة وأغطية الأسرّة والملاحف وما شابه.
الطريق سهل للغاية.. فلا داعي، إذن، للضياع، الذي قد يؤخّر الإحتفال الشيّق المدروس، المحلّى بكوكتيل لذيذ في نهاية الأمسية.
سمعت أحدهم يقول، وهو يقرأ نص الدعوة المنشور في جريدة البيرق الغرّاء: لقد انتظرناهم من الشمال فجاءونا من الجنوب. كون الشاعر شربل بعيني من شمال لبنان، ورابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج من جنوبه. وهذا ما يدلّ على بعد تفكير المسؤولين عن هذه الجمعيّات، وأن النجاح اللبناني هو نجاحهم، وأن حدود وطنهم الصغير لا تستوعب طموحَهم، فراحوا يتلاحمون في الإغتراب، ليكوّنوا الوطن اللبناني الأكبر، الذي لا تغيب عنه شمس الحريّة والإنسانية والحياة الأجمل.
لقد دخلت رابطة الجمعيات اللبنانية في السانت جورج ـ أستراليا، مع المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ فرع أميركا الشماليّة، الذي يترأسه الأديب جوزيف حايك، في اتحاد لبناني مهجري راقٍ، غايته الأولى والأخيرة تكريم المبدعين من مغتربينا، أيّاً كانوا، ومن أيّ منطقة لبنانيّة جاءوا.. ليثبتوا للعالـم أن الوطن الذي أعطى جبران والصبّاح ودبغي، بإمكانه أن يعطي أكثر. وأن الحرب اللئيمة التي اجتاحته لـم تكن سوى زوبعة في فنجانه. فمحبّة واندفاع أبنائه من أجل الحق كفيلان بأن يبنيا وطناً أكثر اتحاداً، وأقوى ديموقراطيّة.
عظمة شربل بعيني لـم تكن في أدبه، ولا في رسالته التربويّة، بل كانت في إنسانيته وتواضعه ومحبّته واندفاعه من أجل مساعدة أصدقائه. فلقد ربطتني به صداقة طويلة، لـم تتمكن السنون، ولامزاجيّة الغربة، من التغلّب عليها. كانت صداقتنا واضحة لا دجل فيها. وشربل بعيني يكرّه الدجّالين والوصوليين، الذين لا هم عندهم، سوى استغلال صداقة الطيّبين من الناس، وتجييرها لمصالحهم.
هو هكذا، طفولي المزاج، مرح إلى أبعد حدود المرح، يتكلّم بصوت عالٍ كأنه الرعد، فإمّا أن تحبه كما خلقه اللـه، وإمّا أن تبتعد عنه، لأنه لن يبدّل سلوكه إكراماً لك، أو لغيرك. وصدّقني أنك ستحبّه، وستفتخر بصداقته، كما أفتخر أنا وأكثر.. شرط أن تعمل بنصيحتي.
العاشر من شهر شباط، هو يوم الجنوب، يوم الشمال، يوم لبنان الـ 10452 كلم2، يوم المجلس القاري، يوم شربل بعيني، ويومنا جميعاً.. لذلك أدعوكم للمشاركة بهذا الاحتفال التاريخي.. وأعدكم بأن كل ما سيحصل فيه سيكون رائعاً، إذ لا أحد مثل أبناء الجنوب اللبناني يعرف كيف يستقبل ضيوفه.. ولا أحد مثل أبناء الجالية في أستراليا يعرف كيف يكرّم مبدعيه. فتعالوا ، تعالوا.. ولسان حالكم يردد: المكان ضيّق ولكن القلوب واسعة.
في العاشر من شباط ولد شربل بعيني، وفي العاشر من شباط يكرّم شربل بعيني.. فهل من ذكاء يضاهي ذكاء أهل الجنوب؟!.. لقد اصطادوا عصفورين بحجر واحد.. وقالوا لنا: نحن لا نحفظ أشعار شربل بعيني فحسب، بل نعرف تاريخ ميلاده أيضاً.. ونعرف كيف نقول شكراً، ومتى نقول شكراً، للمبدعين من أبنائنا، ولا فرق عندنا بين شمالي وجنوبي، بين ابن ساحل وابن جبل، بين مسيحي ومسلم، فكلنا أبناء اللـه، وكلنا أبناء لبنان.. وكلنا، وهذا هو الأهم، أبناء غربة قسريّة فرضت علينا، فحوّلناها جنّة بمحبتنا.
يا رابطة الجمعيّات اللبنانية في السانت جورج.. شكراً
يا خطباء الاحتفال.. شكراً
ويا أيّها القادمون إلى "السانت جورج" لحضور الاحتفال ليلة السبت القادم.. شكراً وألف شكر.
وإلى اللقاء في العاشر من شباط في منطقة "أرنكليف".
**
ـ2ـ
شربل بعيني يكرّم مرتين:
بإمارته الأدبيّة وبعيد ميلاده الخمسين
إلتفاتة الجنوب اللبناني للأدب المهجري كانت رائعة. فلقد لبّى المئات من شخصيّات الجالية ومثقّفيها دعوة رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج لتكريم الشاعر شربل بعيني لنيله لقب (أميرالأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار لعام 2000) من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة.
وكما كانت الأمطار تنهمر بغزارة، هكذا كان الناس يتوافدون إلى قاعة الرابطة في أرنكليف، غير عابئين برداءة الطقس، همّهم الأول والأخير المشاركة بتكريم من كرّم الحرف الإغترابي، وبذر المحبّة والإنسانيّة بين المغتربين.
حضر الإحتفال رئيسة معهد سيّدة لبنان الأخت إيرين بو غصن والأخت كونستانس الباشا، كما حضره قنصل بنغلادش الفخري السيّد طوني خوري والسيّدة عقيلته، ورئيس الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في نيوساوث ويلز السيّد فؤاد جابر، ورئيس مجلس الجالية اللبنانيّة الدكتور مصطفى علم الدين، ورئيس بلديّة روكدايل المحامي شوكت مسلماني والعديد من الشعراء والأدباء والإعلاميين ورؤساء الجمعيّات وفعاليّات الجالية.
باختصار شديد، وباعتراف كل من حضره، كان تكريم الشاعر شربل بعيني أكثر من رائع، منحته فيه رابطة الجمعيّات اللبنانيّة لوحة تذكاريّة تخلّد الذكرى. كما منح أبناء مجدليا والدكتور عصام حداد رئيس معهد الأبجديّة في جبيل جائزة شربل بعيني لعام 2001، لكل من رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج، ولرئيس المجلس الإقليمي للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم الدكتور جوزيف حايك.
وفي ختام السهرة أطفأ الشاعر شربل بعيني شمعته الخمسين، وسط هتاف الناس وغنائهم له (سنة حلوة يا أمير)، كما قطع قالب كاتو كُتب عليه: (مبروك عيد ميلادك الخمسين أيها الأمير شربل). والجدير بالذكر أن رابطة الجمعيّات اللبنانية في السانت جورج قد خطّطت لتكريم شربل بعيني في يوم عيد ميلاده، فضربت عصفورين ذهبيين بحجر واحد.. وأقامت لذلك حفل كوكتيل عامر في نهاية السهرة.
عرّف الإحتفال الدكتور علي بزّي، فكان السيّد على المسرح، يعرف كيف يجمع حلقات الإحتفال ليكوّن منها وحدة أدبيّة رائعة. والجدير بالذكر أن الدكتور بزّي ألقى كلمتين مرسلتين من الدكتور جوزيف حايك من أميركا، والدكتور عصام حدّاد من لبنان. كما أنه تسلّم الجائزة نيابة عن الحايك.
أولى كلمات الإحتفال كانت للرئيس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافية في العالـم ـ قارة أميركا الشماليّة، الدكتور جوزيف حايك، جاء فيها:
حضرات رئيس وأعضاء رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج ـ أستراليا
أيّها الأخوة الكرام.. يا خير المواطنين.
إن حفل تكريم الشاعر شربل بعيني، أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار، إن دلّ على شيء، فإنّما يدلّ على أنّكم خيرُ رسلٍ لموطن الأرز تحت سماء اللـه الواسعة، وبأن تكريمكم للأدباء إنّما يجسّد مقوّماتكم اللبنانيّة الشّامخة. إذ أنّ إكباركم وإجلالكم للأدب، هو المرآة التي تعكس حقيقة من أنتم، حيث لا يكرّم الأدب سوى الأدباء، وأصحاب المستويات الرفيعة والأخلاق والمكرمات.
لَكَم يؤسفني أنّ ظروفي في الوقت الحاضر لا تسمح لي بالسفر إلى ربوعكم، للمشاركة بتكريم أديب لبنان الأكبر، الأستاذ شربل بعيني، مؤكّداً لكم، أيّها الأخوة الكرام، أنّني في الساعة السابعة من مساءالسبت في 10 شباط، سأكون معكم بكل قلبي وشعوري وإحساسي. كيف لا، "وأميرنا" قد فاق وتفوّق بمواهبه على 41 مرشّحاً لإمارة الأدب من مختلف قارّات الدّنيا، وكلّهم من أسياد القلم والكلمة، ومن خيرة الأدباء اللبنانيين، ومن رسل أبجديّة أجدادنا الفينيقيين.
إنّ المجلس التنفيذي في القارّة الأميركيّة للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم، الذي لي شرف رئاسته، يلتقي معي اليوم، ليس فقط في تكريم أديبنا الأكبر الأستاذ شربل بعيني، بل وبتكريم كلٍّ منكم، لأنّكم بهذه البادرة الطيّبة، إنّما ترتفعون بلبناننا الغالي إلى أعالي السّموات.
لكم جميعاً، ولأميرنا الأكبر، الأستاذ شربل بعيني محبّتي وتقديري واحترامي.
وكانت الكلمة الثانيّة لرئيس الرابطة الأستاذ خليل حراجلي، الذي عدّد الأسباب التي حدت بهم لتكريم الشاعر بعيني، إلى أن قال: أحدٌ لـم يسمع شربل ينطق كفراً طائفيّاً في يوم من الأيّام. وأحدٌ لـم يجرؤ على تقويله ما لـم يقل مذهبيّاً، على العكس، بقي شربل بعيني النبيل صامداً في مواقفه الإنسانيّة الثابتة، ذلك على رغم سهولة الإنجراف في تلك الأيام المشؤومة في تيّار التعصّب والمذهبيّة، حين كان المتشدّد طائفيّاً يلقى تشجيعاً وشعبيّة من المرضى والمهووسين، ويوم كان بعض المغتربين يبالغون في السعي إلى جمع المال، كان شاعرنا المجيد يسعى إلى القصيدة والمقالة والخاطرة.
بعده اعتلى المنبر رئيس تحرير جريدة البيرق الأستاذ جوزاف خوري فقال:
بداية، أودّ أن أشكر رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج، على دعوتهم لي للتكلّم في هذه المناسبة القيّمة، عن صديق عزيز شارك معنا في مسيرة الغربة الطويلة، عنيت به الشاعر شربل بعيني.
أيها الحفل الكريم
عندما وصلني إلى مكاتب البيرق نبأ فوز الشاعر شربل بعيني بلقب أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الانتشار لعام 2000، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميرك االشماليّة، برئاسة الأستاذ جوزيف حايك، حبست أنفاسي وقلت في داخلي: الآن بدأت الجامعة الثقافيّة في أستراليا تشعر بأن هناك أدباء أكفّاء يجب أن يكرّموا.
قرأت الخبر مرّة ثانية، فوجدت أن التكريم قد جاء من شمالي أميركا وليس من أستراليا.
وكما قال الصديق طوني الشيخ: انتظرناهم من الشمال فجاؤونا من الجنوب. أقول أنا: إنتظرناها من أستراليا فجاءت من أميركا.
ولكن، ماذا أقول.. وأنا أحد المسؤولين في الجامعة؟.. طبعاً: مقصّرين..
آن الأوان كي نعي قيمة الأدب ومساهمته في بناء الإنسان العربي لغةً وفكراً وحضارة. خاصّة وأننا، في هذه البلاد النائيّة البعيدة، بأمسّ الحاجة إلى الكلمة الواعية، لنثبت وجودنا في المجتمع الغربي كجالية راقية ومتحضّرة وفاعلة.
شربل الذي نذر نفسه للقلم، وللجيل الصّاعد، أعطى زخماً أدبيّاً وشعرياً وفكرياً، محوره الإنسان بغض النظر عن لونه ودينه وشكله، فامتلأت الصحف من نتاجه الشعري، ونحن في "البيرق" كان لنا نصيبنا الأكبر.
وبهذه المناسبة أهدي صديقي شربل هذين البيتين من الشعرشربل..
قبل الإماره مْقامك كبير
مش هلّق كبرت بِـ عيني
كانت إماره نصفها بقلبي
صارت إماره كامله بعيني
الأديبة مي طبّاع، مؤلفة كتاب (شربل بعيني قصيدة غنّتها القصائد)، كانت كلمتها مطعّمة بالنثر البليغ والشعر المجنّح، فقالت: ما أجمله من لقاء لتكريم صديقنا شاعر المهجر الأستاذ شربل بعيني لفوزه بجائزة أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار لعام 2000، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة.وأعتبر هذا التكريم ليس لشربل فقط، وإنّما لكلّ صاحب قلـم حرّ نذر نفسه للكلمة.
رئيس تحرير مجلّة أميرة الأستاذ شوقي مسلماني ألقى قصيدة مستوحاة من روح شربل بعيني، فقال:
تَقُول
يَا بَحْرُ اتَّسِعْ أَيْضاً
لِلْمَعاوِلِ شَرَاراَتٌ
للشَّجَرِ نَسَائِمُ
وَللبَحْر قُدْسِيَّة
أجراسٌ،
أطفالٌ
فَرَحٌ
وَمَلائِكَةٌ
لِلْجُموع أَلاَّ يُمْسِكَها فَردٌ
لِلفردِ أَلاَّ تَطْغَى عَلَيْه الْجَماعة.
أمّا الشاعر فؤاد شريدي فقد هنّأ الشاعر شربل بعيني بالإمارة الأدبيّة، وألقى قصيدة عن الطفل الشهيد محمد الدرّة، جاء فيها:
محمد الدرّة أيّها الطفل
أيها الملك الذي بدمه تتوّج
يا عريساً يوم استشهاده تزوّج
المهندس رفيق غنّوم صاحب الحلقات الشهيرة (أجمل ما قيل بأدب شربل بعيني)، التي تنشرها البيرق كل يوم ثلاثاء فقد قال:
أريدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ سُؤالاً بِسِيطاً: لِمَاذَا تَنَادَيْتُمْ لِتَكِرِيمِ شَربل بعيني، لَوْ لَمْ يَكُنْ صَوْتُهُ صَوْتَكُمْ.. وَصَرْخَتُهُ صَرْخَتَكُمْ.. وَقَصَائِدُهُ قَصَائِدَكُمْ؟.. إِنَّهُ شَاعِرُ قَبِيلَتِكُمْ الإغْتِرَابِيَّةِ، كَيْ لا تَنْسَوْا جَريِرَوالْفَرَزْدَق.. إِنَّهُ إِبْنُ غُرْبَتِكُمْ، كَيْ لا تَنْسَوْا وَطَنَكُمْ الْمُفَدَّى.. إِنَّهُ إِبْنُ وَطَنِكُمْ، كَيْ يَبْقَى لَكُمْ الْوَطَن.. إِنَّهُ إِبْنُ لُبْنَان.. وَكَفَى.
ومن لبنان أرسل الدكتور عصام حداد صاحب معهد الأبجديّة في جبيل رسالة تهنئة لصديقه شربل بعيني، جاء فيها:
وَبِالْمُناسبَةِ، أَقْتَرِحُ على الدَّوْلَةِ أنْ تَخْتَرِعَ وِسَاماً تُسَمِّيهِ (وِسَامَ الإِغْتِرابِ اللبناني)، عَلَّها تُشَجِّعُ هَذا وَذاك لِيَحْمِلوا في أجسامِهِم دَماً نَقِياً للبنان، ويكونَ شَرْبِل أَوَّلَ حاملي هَذا الوِسَام.
سلامُ اللـهِ عَلَيْكَ يا أخي شربل. بُورِكَتْ لَكَ الجائزةُ وهذا التقديرُ، وَهَذَا التَّكْرِيمُ الآتي مِنَ الْجَنُوبِ الْبَطَل، مِن رَابِطَة الْجَمْعِيَّات اللُّبْنَانِيَّة فِي السّانْت جُورْجْ، فَأَنْتَ كُنْتَ وَتَظَلُّ رَسُولَ لبنان.
كلمة مختار بلدة مجدليا الدائـم السيّد الياس أبي خطّار كانت مفعمة بالصدق، فلقد شكر بها الرابطة والجامعة والحضور باسم أبناء مجدليا في الوطن والمهجر، فقال:
فَلِلْمَجْلِسِ الْقَارِيّ ورئيسِهِ جُوزيف حايك شُكْرُ مِجْدَليَّا، ولرابِطَةِ الْجَمْعِيَّاتِ اللبنانيَّةِ فِي السَّانْت جُورْج مَحَبَّةُ مِجْدَليَّا
فَهَلْ مِنْ مُعَادَلَةٍ أَجْمَلُ مِنْ هَذِهِ الْمُعَادَلَةِ: أَلْمُغتربونَ اللبنانيّونَ فِي أميركا يُتَوِّجُون أَمِيراً لِلأَدَبِ مِنْ أستراليا. وَالْمُغْتَرِبُونَ الْجَنُوبِيُّونَ الشُّرَفَاءُ يُكَرِّمُونَ شَاعِراً شِماليّاً.. وأبناءُ الْجَالِيَةِ الْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ كَافَّةِ الْمَنَاطِقِ اللّبنانيّةِ وَالْبُلْدانِ الْعَرَبِيَّةِ يَجْتَمِعُونَ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ لِلْمُشَارَكَةِ بِهَذَا التَّكريمِ، فَهَلْ مِنْ وِحْدَةٍ وَطَنَيَّةٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْوِحْدَةِ؟.. وَهَلْ مِنْ تَضَامُنٍ أَخَوِيٍّ أَقْوَى مِنْ هَذَا التَّضَامُنِ؟
وبعد أن انتهى المختار المجدلاوي من إلقاء كلمته، أعلن عن منح جائزة شربل بعيني لعام 2001 لرابطة جمعيّات السانت جورج، وللدكتور جوزيف حايك.
وفي الختام ألقى المحتفى به الشاعر شربل بعيني قصيدة رائعة ألهبت الأكف، ناجى بها القديس جرجس (سانت جورج)، وطالبه بتخليص لبنان من مصائبه، وبمؤازرة أطفال فلسطين الصغار، وقد نشرت البيرق هذه القصيدة في عدد الخميس الصادر في 15 شباط 2001، فاستبقت كعادتها الحدث.
ألف مبروك للشاعر شربل بعيني بالإمارة وبعيده الذهبيّ، وأعترف هنا، أمام القرّاء، أن احتفال تكريم الشاعر بعيني من قبل رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت سيبقى الحدث الأدبي الأجمل في تاريخ الجالية.
فألف شكر لكل من خطّط للحدث، لأنه رمانا جميعاً في أحضان التاريخ. ومن يعش يرَ.
**
ـ3ـ
شربل بعيني..
مبروك يا أمير
أتته كالحلم.. لـم يكن يعتقد أن بإمكان الريح الإغترابيّة استبدال العويل بالفرح والزغاريد. وأن بإمكان الانتظار الرمادي تصدير بنفسجه إلى العالـم.
لقد انكسرت قامته من كثرة العطاء، ولـم ينكسر قلمه. يراعه ظلّ شامخاً، لـم تتآكل حروفه، ولـم يشحّ عطاؤه.. إنه النائـم اليقظان في غربة مستبّدة، متى دخلتها تمسّكت بك واستعبدتك، ولكنه لـم ييأس، وكيف ييأس والتوق يشده إلى وطنه المسلوب الإرادة.. إلى أرزه المكفهّر الجبين.
أتته، على حين غرّة، لأن من أعطى الغربة سني عمره، وأجمل أدبه، ستعطيه الجامعة اللبنانية الثقافيّة في العالـم ما هو جدير به: إمارة الأدب.
قد يكون شربل بعيني ضد الزّعامات والملوك والأمراء، قد يكون ضد الألقاب، ضد التمييز وضد التشاوف، فمن زرع الأخلاق السامية في عقول الأجيال الإغترابية الصاعدة، يكره كل ما يسيء للآخرين.. وكل ما تمجّه الأخلاق. ولكن لقب أمير، منذ أحمد شوقي، وانتهاء بالأخطل الصغير، قد أرثى القواعد الصحيحة لأدب صحيح، أقل ما يقال فيه إنه صادق.
على الصفحة الأولى، رسمت البيرق بيرقاً جديداً أهدتنا إيّاه، بيرقاً أدبياً رفرف في غربتنا لأكثر من ثلاثين سنة ولـم يتعب، ولـم تتغيّر ألوانه، كما تتغيّر سحنات البعض كل لحظة.
البيرق علّمتنا أن نحترم بعضنا البعض، وأن نشجّع مبدعينا، وأن أخبارنا الإغترابية أهـم بكثير من مئات الأخبار التي تنشر باجترار مقرف.
خبر إمارة شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني على الصفحة الأولى، هذا أقل ما يطلبه المغتربون من إعلام يدفعون ثـمنه من عرق جبينهم.
البيرق.. عرفت كيف تعطينا حقّنا.. فألف شكر لها.
كتابات شربل بعيني ليست منزلة، قد يشوبها الكثير من السقطات الأدبيّة، وهذا ما يعترف به الشاعر نفسه. ولكن المجنون وحده من يسأل النهر الغزير المياه عن طحالب علقت بمياهه.
فشربل بعيني شاعر غزير العطاء، كتب بالفصحى والعاميّة، بالنثر والشعر، ونشر العشرات من الكتب الأدبية والمدرسيّة، ووزع جائزة تحمل اسمه، كنت أنا من أوائل الحاصلين عليها بفخر لا يوصف.
كما أنه ساهم بنشر الكثير من مؤلفات الآخرين، حباً بأدبنا الإغترابي، ومساهمة منه في نشره. فكيف لا نفرح بانتخابه أول أمير أدبي في عالـم الانتشار؟
كيف لا نفرح بالتفاتة شكر أتتنا من الخارج بواسطة أدب شربل بعيني الساكن بيننا، المتنقّل بيننا، والعامل معنا؟.
من ناحيتي.. أنا مسرور للغاية، فلتقرع طبول الفرح في جاليتي، لقد كانت من نصيبنا إمارة الأدب.
منذ مدة طويلة، وأنا أفكّر بطريقة مبتكرة، تقدر أن تنقل للعالـم أجمع أدب شربل بعيني دون أدنى ارتباك. الإنترنت سيكون الوسيلة، ولكنني أريد التنفيذ أن يكون خارقاً، تكريماً لمن كرّمنا في غربتنا.
أليس هو القائل: القلـم الذي يكرّم يكرّم، والقلم الذي يشتم يشتم؟
شربل بعيني.. مبروك يا أمير
**
رسالة إلى رئيسنا القاري
الدكتور جوزيف حايك
عزيزي الرئيس..
من كعب الارض أكتب إليك، لأبثّك، والمجلس القاري، حبّي وامتناني. ولأخبرك عن العبير النادر الذي فاح في أرجاء غربتي الطويلة.
كنت أعتقد أن الغربة تحجّر قلوب وعقول الناس، وكم حجّرت منها، ولكنّ قلبك رفض أن يتنشق ما تنشقّه غيرك من سموم، فظلّ ينبض بالحبّ، ويوزّع علينا في مواسم الأعياد هداياه، كالبابا نويل، أو كأولئك الجدود الأشاوس الذين ما أن تبادرهم بتحيّة العيد حتى يفرغوا ما في جيوبهم من خير أمام أعين سعادتنا.
لقد حاولوا أن يسرقوا السّعادة التي زرعتها، دون معرفة، في قلبي وعينيّ. همّك فقط أن تسعد مغترباً أعطى الغربة سني عمره، وعصارة فكره دون أن يمنّن أحداً.. وكيف يمنّن، وهناك من أعطاه أيضاً دون منّة.. هناك من كرّمه ومن خلّده ومن أحبّه.. ألـم يشرح لنا المعلّم الأكبر، صاحب الميلاد، كيف تكون المحبّة؟!.. وأن المحبّة المجزوءة لا تلفحها الشمس، ولا تعترف بها الورود، ولا تغني لها البلابل!!..
محبّتك، يا حبيبي جوزاف، وأقولها بملء فمي، كانت أكبر من عالمنا الاغترابي هذا، وأوسع من حدقات عيوننا، وأعمق من تفكيرنا، لذلك خافها البعض، وحاول أن يستتر بأنانيته، دون أن يعلـم كـم هي مفرحة، وكـم هي لذيذة، وكـم هي منعشة تلك المحبّة التي أرسلتها لنا جميعاً، باسمك، وباسم المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالـم ـ فرع أميركا الشمالية.
منك نطلب المعذرة، فاعذرنا أيّها الكبير، لعدم تفهّمنا واستيعابنا لتطلعاتك الإغترابية، لالتفاتاتك الأدبيّة، ولاعترافك بنا، كطاقات تحمل الضوء في قناديل قهرها وعذابها وقلقها المتواصل، لتهديه، كما أهديتنا، للقوافل الآتية من الشرق.
أمامك.. وأمام من يقرأني.. وأمام سنوات غربتي الطويلة.. أقسـم أن لا أحد من أدباء وشعراء المهجر في أستراليا، أنكر جميل بادرتكم، وإن كان كلّ واحد منهم قد عبّر بطريقته الخاصّة، وفقاً لأصول الديموقراطيّة التي بها نؤمن جميعاً، لذلك باسمهم، وباسم كل الادباء والشعراء في عالـم الانتشار اللبناني أرجوك أن لا تتراجع، وأن لا تتوقّف عن تكريم طاقاتنا الاغترابيّة، فلا فضل لنا إذا أحببنا من يحبّنا، بل الفضل، كل الفضل، أن نحبّ من أشاح بوجهه عنّا. فأنا وعالـم الانتشار الذي تحبّ، بانتظار تتويج أمير آخر تختاره والمجلس القاري لعام 2001، فما أجملها من ساعة حين أسلّم صكّ الإمارة لأمير آخر أفنى عمره وهو يبني قلاع إمارته الأدبيّة في غربة لا ترحم أحداً.
كلّنا نحبكم.. فلا تشيحوا بوجهكم عنّا.. جاليتنا غنيّة بأقلامها.. بتسامحها.. وبمحبّتها. ومن هذه المحبّة المتدليّة الأغصان أقطف لك ولزملائك الكرام أجمل الشكر وأصدق السلام.
**
أشكركم
أشكركم، يا من سخّرتـم وسائلكم الإعلاميّة وأقلامكم الشريفة للدفاع عن الحقّ، دون الإلتفات إلى الوراء.
أشكركم، يا من حملتم إليّ ورود الفرح، وبطاقات التهنئة، وكلمات التشجيع والمحبّة.
أشكركم، يا من ألهبتم خط هاتفي بنبرات أصواتكم الطالعة من قلوب لا تعرف إلاّ الخير، ولا تعترف إلاّ به.
أشكركم، يا من وطئتم أرض منزلي، ودخلتـم قلبي، وأنتم ترددون عبارات التهنئة بصدق ظاهر كابتسامة طفل.
أنا أعرف أن كلمة شكر واحدة لا تكفي، وكيف تكفي؟ ولكنني لا أملك سواها.. فاقبلوها منّي مع صكّ إمارتي الأدبيّة.. وفقكم اللـه.. وخفف من آلام غربتكم.
**
إستفتاء "أميرة" شوقي
حول "إمارة" شربل بعيني
الإستفتاء الذي أجراه رئيس تحرير مجلّة أميرة الصديق شوقي مسلماني حول إمارتي الأدبيّة، كان رائعاً شكلاً ومضموناً.. وبعيداً كل البعد عن فلسفتنا الإجتماعيّة (مسّحلي تا مسّحلك).. إذ أنه اختار أناساً لا أعرفهم، ولـم ألتقِ بهم، أو ألقِ عليهم ولو تحيّة عابرة. كالسيّدات والسادة: حيدر سعيد، رياض الأشقر، الياس فرحات، أكرم حنّاوي، إنتصار عبد اللـه، زهوت حب اللـه، هادي ماهود، حسين الحاج، وأبو أنيس غانـم. لذلك جاء استفتاؤه مشرقاً كالشمس، وناصعاً كقلوب جميع الذين استفتاهم:
ـ1ـ
إلى صديقي أنطوني ولسن أقول: أنا لـم أشجّعك على نشر مؤلّفاتك، بل أنت من شجّعني على تشجيعك، كوني وجدتك إنساناً مبدعاً، وقاصّاً محلّقاً، وقلماً أعطى بصدق، فاستحق محبة واحترام كل من عرفه. فشكراً على محبتك.
ـ2ـ
إلى أخي رئيس الجامعة الفلسطينيّة السيّد حيدر سعيد أقول: أنا لست بحاجة إلى جائزة الإنتفاضة.. لأنني حصلت على ملايين الجوائز منها.. فكل حجر ضربه أطفال فلسطين باتجاه الأعداء كان وساماً يعلّق على صدري.. وما كتبته عنهم كتبته بدموعي.. ودمي. فشكراً لك على محبتك. ولينصرنا اللـه.
ـ3ـ
إلى رئيس جمعيّة بنت جبيل الدكتور خليل مصطفى أقول: لقد كرّمتني بنت جبيل يوم أرسلت أبناءها لزيارتي وهم يحملون إليّ المركب الفينيقي الأول الذي تلمذ العالـم. وبما أنني أعيش كل يوم ذكرى ذلك التكريم الرائع.. لا داعي للتعب.. فلك ولبنت جبيل ـ حبيبتي ـ كل المحبّة والفرح.
ـ4ـ
إلى المثقّف الوطني رياض الأشقر أقول: لقد حزنت جداً عندما قرأت أنك لـم تقرأ كل إنتاجي، لأنني ما كتبت إلا لأناس مثلك، يحملون هم الناس والوطن، ويعترفون بفضل المبدعين من أبناء جلدتهم. أعدك بأن أرمي بين يديك بعضاً من نتاجي. شكراً لك.
ـ5ـ
إلى أخي الشاعر الياس فرحات أقول: إمارة الشعر ما وجدت إلاّ لشعراء من أمثالك.. يحاربون الطائفيّة، ليبنوا الوطن الأجمل لشعب مثالي.. فاسمح لي أن اتقاسم معك صك إمارتي. وألف شكر لك.
ـ6ـ
إلى رئيسنا الدكتور مصطفى علم الدين أقول: إن الذي أوجد في الجاليّة مناخاً تضامنياً هو أنت. فهنيئاً للجالية بك.. وهنيئاً لي بصديق نظيف الكف واللسان، ويدرك أن الصداقة متى وجدت لا تنهيها الغايات.. ولا الأمزجة الهوائية. أشكرك يا رئيس الجالية.
ـ7ـ
إلى صديقي الجديد أكرم حنّاوي أقول: كيف عرفت يا أكرم أن اللقب أتعبني بدلاً من أن يفرّحني؟. كيف عرفت بأنه قد ألقى على كاهلي أعباء كبيرة؟. أجل يا عزيزي.. فلقد بدأت أشعر بهذا التعب. ولكن كلامك أراحني.. وأعطاني دفعاً جديداً. فألف شكر لك.
ـ8ـ
إلى الكاتبة إنتصار عبد اللـه أقول: السعادة ليست في أن نسمع أن في المغتربات من يكرّم الإبداع، بل السعادة في أن نجد في المغتربات من يحمي المبدعين وإبداعهم. وأعترف أنك واحدة من هؤلاء العظماء. فشكراً لك.
ـ9ـ
إلى الصديق ميشال سعادة أقول: لقد كنت من أوائل المذيعين الذين أجروا معي حديثاً إذاعياً، ومن ذلك اليوم، وأنا أتذكر استقبالك لي في منزلك. لست أنا الرجل العاقل يا ميشال، بل هو أنت. وأتمنى لك النجاح الدائـم.
ـ10ـ
إلى ذواقة الأدب زهوت حب اللـه أقول: أنا لـم أغضب من النقد، بل غضبت من التجريح الشخصي الذي يدينه المجتمع والقانون. النقد عندي يا زهوت بمثابة السماد للنبتة. منه تستمد قوتها واخضرارها، وصدقني أن تهنئتك الصادقة لي تساوي طن سماد أدبي. فألف شكر لك.
ـ11ـ
إلى حبيب القلب الدكتور علي بزّي أقول: إذا كنت أنا المحبوب من أبناء جميع الطوائف اللبنانيّة في المغترب.. فكم بالأحرى أنت يا دكتور.. فلا أحد مثلك ينافسني على سنة 1951، أو على محبّة الناس. الجائزة الكبرى التي حصلت عليها يا علي هي محبّتك لي. فشكراً لك. آخ يا ضرسي..
ـ12ـ
إلى المخرج السينمائي المعروف هادي ماهود أقول: نعم يا هادي، إن لقب الإمارة مسؤوليّة كبرى، لـم أشعر بثقلها كما أشعر به اليوم.. ولو لـم تكن المغتربات تعج بالأدباء والشعراء المغتربين الكبار لـما أوجد المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية ـ فرع أميركا الشماليّة مثل هذا اللقب. تهنئتك لي بالجائزة فيها إخراج إنساني وأدبي وفني رائع. فألف شكر لك.
ـ13ـ
إلى الناشط الإجتماعي والسياسي والأدبي حسين الحاج أقول: دعمك لي كي أكون قدوة للكتاب ليكونوا على قدر كبير من المسؤوليّة تجاه قضايا بلادهم، هو مسؤوليّة بحد ذاته. ولكنني أعدك بأنني سأكون عند حسن ظنّك، طالما أن نجاحي ونجاحك يصبّان في مصبّ واحد، ألا وهو (النجاح الكامل للجالية اللبنانية والعربية في المغترب الأسترالي).. ألف شكر لك.
ـ14ـ
إلى الممثل الكبير سعيد الدهّان أقول: دعني أهديك ما قلت فيّ: أنت هو الممثل الممتاز، وأنت من يمثّل بنبض القلب.. ولو كان للتمثيل إمارة لكنت أول من يتربّع عليها. فالإنسان الذي يعطي بنبض القلب ستنبض له القلوب لا محالة. شكراً يا سعيد.
ـ15ـ
إلى صاحب الوفاء النادر أخي الصحفي جوزاف بو ملحم أقول: إذا كنت أنا الرقم واحد أخلاقيّاً.. فاسمح لي أن أقدّمك عليّ.. لأنني تتلمذت على يديك طوال سني معرفتي بك.. وها أنا أعترف اليوم أنني كنت أغبطك على أخلاقك الرائعة.. وكنت أتعلّم منها محبّة الآخرين وطول البال. أشكرك يا أبا الزوز.
ـ16ـ
إلى السنديانة المهجرية الشامخة كأرزة أبو أنيس غانـم أقول: أطال اللـه بعمرك.. وأخبرك أنني لـم أتفاجأ بوجود إسمك بين المهنئين، فمن أعطى الصحافة إبناً كأنيس غانـم، عجيب أن لا تستفتيه الصحافة، وأن لا يصبح الشعر طوع بنانه. واسمح لي أن أهديك هذه الأبيات:
بْتِسْتَاهِلْ التِّقْديرْ يا بَيّْ الأَدَبْ
يا بُو أَنِيسْ.. الْـ زِيَّنِتْ دُنْيَا الْعَرَبْ
أَللَّـه يْطَوِّلْ عُمْرَكْ.. وْعُمْر الأَنِيسْ
إِسْـم الْحَبَايِبْ بِاْلقُلُوب بْيِنْكَتَبْ
ـ17ـ
وأخيراً.. إلى الوفي الأكبر شوقي المسلماني أقول: عندما استلمت مجلّة (أميرة)، ووجدت صورتي على الغلاف الملوّن.. لـم أفاجأ ابداً، لأنني أعرف معدنك.. وأعرف أنّك من القلائل الذين تجتاحهم العظمة، من شعر رؤوسهم حتى أصابع أرجلهم. ولكنني همست لنفسي وأنا أتطلّع بإخراج الغلاف الرائع: مسكين شوقي.. سيكون أول سؤال يوجّه إليه: كم دفع لك شربل بعيني لتبرزه هذه البرزة التاريخيّة. أنا أعرف جوابك يا شوقي.. أعرفه جيّداً فلا تحبسه في قلبك.. أطلقه في الريح، ليتعلّم الآخرون كيف يكون الوفاء. أحبك.
**
حول الإمارة الشعر
البراءة الأولى ـ 2000
حيث أن الأستاذ شربل بعيني كان، ولأكثر من ربع قرن، ويبقى سيّد الكلمة والقلـم في عالـم الإنتشار.
وحيث أن الأستاذ شربل بعيني قد جنّد حياته وقلمه لتربيّة الأجيال، وأغنى المكتبات العامّة بأدبه ومؤلّفاته.
وحيث أن الأستاذ شربل بعيني أصدر أكثر من 25 كتاباً، وارتفع باللغة والأدب والتربيّة والتعليم إلى أعلى مستويات الأبجديّة، وأصبح (قدموس) الثاني في التراث الفكري والثقافي والحضاري الذي أعطاه للعالـم، هذا العطاء الذي أمامه يتضاءل كل عطاء.
وحيث أن الأديب شربل بعيني قد وفّر بعطائه الأدبي والفكري والتربوي ما يوفّر للإنسانيّة أسباب العزّة والكرامة.. فكانت أنشودته (الحرف والكلمة)، وكان الفكر الخلاّق يستوي على عرشه.. وحدود أرضه قد ضاقت بطاقاته، فراح يوسّع حدوده إلى أقمار الدنيا، فاغترب عن لبنان إلى أستراليا في العام 1971.
وحيث أن كبير أدباء موطن الأرز الأستاذ شربل بعيني قد فتح صفحات التاريخ، وترك تلك الصفحات تتكلّم، فأصبح موسيقى العذارى على فـم الأنبياء، الذين أحنوا الجبين أمام عظمة الأدب والفكر والكلمة.
وحيث أن الأستاذ بعيني قلّده المفكرون والأدباء والشعراء وأسياد التراث الحضاري والفكري، ومنهم الحكومة اللبنانيّة، أكثر من 20 من الأوسمة والميداليّات المذهّبة عربون إجلال وإكبار لمستواه الأدبي الرفيع..
لهذه الأسباب المشرّفة، وهذه المقوّمات الأدبيّة الشامخة، وهذا المستوى الثقافي الرفيع، كان لنا الفخر، كل الفخر، في المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم، أن ننتخب من بين 41 مرشّحاً من خيرة الأدباء اللبنانيين، الأستاذ شربل بعيني أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار.
الرئيس الدكتور جوزيف حايك
**
البراءة الثانية ـ 2001
حيث أن الأستاذ شربل بعيني، كان ويبقى، سيّد المنابر، يدغدغ بأشعاره أعماق النفس، ويعالج ما تعاني الإنسانيّة من شدائد ومتاعب وملمّات..
وحيث أن شربل بعيني، العبقري الملهم، كان ولأكثر من ثلاثة عقود من زمن الخير والعطاء، قد كرّس حياته لعذوبة الشعر، ولجأ إلى سكون النفس، يعبّ من خيال فيه إبداع، ومن غذاء ملحمي في الروح، ومن شاعريّة فيّاضة لا زخرف فيها ولا ميوعة..
وحيث أن الأستاذ شربل بعيني، بكل إعجاب وإكبار وإجلال، تغنّى به الشعراء والمعجبون، وكتب الأدباء والمفكّرون، وقرّظ المثقّفون والصحفيّون، وقلّدته الحكومة اللبنانيّة، وعدد من الدول الحرّة، أكثر من 20 ميداليّة من الميداليّات المذهبّة..
وحيث أن سيّد الشعراء والأدباء، الأستاذ شربل بعيني، قد ضاقت بطاقاته أرض وطنه في لبنان، فاغترب إلى أستراليا في العام 1971، وتوسّع في أغاني الشعر الكلاسيكي، يسلخ الكلمة حارّة من أعماقه، متميّزاً بولاء قومي وحنين مهجري، وأغنى المجتمعات بأكثر من 30 كتاباً من أشعاره الرائعة، ومن أدبه الرفيع..
وحيث أن الأستاذ بعيني، في أسلوبه عذوبة نسيمات الصباح في لبنان، وفي تسلسله عمق وتفكير ووحدة بناء، وأغانيه جداول في نعومة أيّار، وموسيقاه عذوبة الصيف في شهر تموز..
فلهذه المقوّمات السحريّة، شعراً أدباً وثقافة، كان لنا الفخر في المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافيّة في العالـم أن ننتخب من بين 67 مرشّحاً من خيرة الشعراء اللبنانيين في العالـم: الأستاذ شربل بعيني أمير الشعراء اللبنانيين في عالـم الإنتشار مدى الحياة.
الرئيس الدكتور جوزيف حايك
**