رسائل محمد الشرفي الى شربل بعيني

أحييك
   الأخ العزيز الشاعر شربل بعيني
   تحيّاتي
   أرسلت اليك قبل أيام أربع مسرحيات في كتابين، أرجو انها وصلتك.
   أحييك، واستمتع بقراءة دواوينك، أتمنى لك مزيداً من العطاء والابداع.
   تحياتي وشكراً
محمد الشرفي
4/3/1989
**
اخبار الجائزة
   الأخ الشاعر الكبير الاستاذ شربل بعيني المحترم
تحية طيبة
   ارسل دفعة جديدة من كتبي بواسطة الأخ السفير والسفارة، أرجو انها تصلكم تباعاً، وسأبدأ في البحث عن بقية مطبوعاتي في الاسواق ان وجدت أو أواصلكم بالكتب اليمنية الأدبية والفكرية.
   بدأت الصحافة تنشر أخبار رحلتي الى سدني اليكم، وكذلك الاذاعة والتلفزيون، سأرسل لكم تسجيلات إذاعية وتلفزيونية في الاسبوع القادم لتضم الى حصيلتكم الأولى.
   أخبار الجائزة انتشرت في كل الأوساط مع اسم رابطة احياء التراث العربي، بشكل ملفت، خاصة بعد المقابلة التلفزيونية معي، وانتظر منكم ما نشر في الصحافة، وسهرة الجمعة 22/12/1990.
   كما ارسل لكم كاتولوجات الراديو الصغير، وأحاول أن ارسل لكم مستقبلاً نسخة جيدة للقرآن المفسّر.
   وأنا على اتصال بالاخ أحمد الأشول وعبد الودود المطري، وهما من تعارفتما معهما في بغداد، الأخير أصبح لديه صحيفة الراصد، وقد وعد بالكتابة عنكم، وبمساعدتي بالطبع، سأهيىء لهما القات والماء، ونحكي كل شيء.
   قرأت ما كتبه عنكم الاستاذ الكبير كامل المر، وكان باحثاً ممتازاً، ودقيقاً جداً في تعريفه بالشعر، ورسالة الشاعر ةالأديب.
   لا أطيل عليكم، سلّم لي على الاستاذ جميل الدويهي، وقد كانت قصيدته محل اعجاب كل الادباء الذين استمعوا اليها، فهي صغيرة نافذة، وبسيطة بعمق.
   الاستاذ قؤاد نمور نوهت به في المقابلات كمناضل ومربٍ كبير لأجيال، وكذلك الاستاذ كامل المر، وهو الاستاذ والمفكر والكاتب والناقد الحصيف.
   سلم لي على الاخوة كلهم: جوزاف بو ملحم، ايلي ناصيف، ألبير وهبة، نعيم خوري الشاعر الجزل، وأكرم المغوّش، وكارولين طاشمان، ونجوى عاصي التي تصدرت صورتها والهدية معي كل الصحف.
   وسلم لي على الموهوبة الصغيرة ريما الياس وأبويها. وعلى اخوتك، ولا تنسَ أمك الطيبة، أم المؤمنين، اعطها قبلات حارة عني، ولك شخصياً كل محبة وتقدير.
أخوك
محمد الشرفي
9/1/1991
**
أصوليون
   أخي العزيز الشاعر شربل بعيني
   تحية
   أرفق لكم بهذا، مصحفاً مفسّراً تفسير الجلالين، ومصحفاً آخر مسجلاً على ثلاثين شريطاً. الأخير أهداه لكم الكاتب الصحفي والقاص محمد عمر بحّاح باسمنا معاً.
   نسأل الله أن يهديكم الى "الاسلام"، الذي أصبح شمّاعة لكل مدعٍ أثيم، مما يدفعنا للخروج منه، والتنصل من الانتماء إليه، إن ظلّ يمارس بالطريقة التي مارسها الخليجيون والسعوديون أخيراً، ومارسوها في أفغانستان، ومارسها ويمارسها الأصوليون في "نقطة زيت" الذي وعد الاستاذ محمد عمر البحاح بالكتابة عنه قريباً.
   كما ارفق اربع قصص قصيرة له لمحاولة نشرها في صحفكم.
   تحياتي للاخوة جميعاً، وشكري وتقديري.
محمد الشرفي
13/3/1991
**
إعجاب
أخي الشاعر شربل بعيني..
تحيّة..
  أصدّقك من خلال أشعارك، والإستمرار، أنك صاحب رسالة، وأصدّق الآخرين فيما كتبوا ويكتبون عنك.
الجندي في المعركة يصوّب على الهدف، وقد يصيب، وقد يخطىء، لا يهم، المهم أنه صوّب وكرّر التصويب، وله أجر إن لم يفز بالأجرين، وله حسنة إن فاتته الحسنة الثانية.
أنت أحد المهمومين بالإنسان، وبالإنسان في لبناننا، وبيروتنا، وفلسطين، والعرب. والمهمومون بمثل هذه القضايا متعبون، والمتعبون هم الشعراء، والأنبياء، والمصلحون. لأنهم يفكّرون في كل شيء يهمّ الإنسان، من نظافة البيت الى نظافة الشارع، الى نظافة النفس والسلوك.
قد نلتقي مرة أخرى، وقد لا نلتقي، ولكننا التقينا وكفى. لقاؤنا في بغداد لقاء، ورسائلنا الآن لقاء أعمق وأسخن، لأننا على بعد آلاف الأميال، وما زلنا نلتقي على صهوات الروح، ومتون الأدب والشعر: أدب الإنسان، وشعر الهدف والقضيّة.
وها أنا أكتب إليك من صنعاء التي تعيش هموم الوحدة، والحرية، والديمقراطية، وهي هموم الانسان العربي في كل مكان، في موطنه أو في المهجر. وتعيش لبنان الجرح، وفلسطين البطولة والانتفاضة، ولن نحسدكم على متعة الحريّة، لأنكم مقيّدون بألف قيد عبودي في وطنكم العربي الكبير والصغير في لبنان، التي تنعكس على صفحات إبداعكم وحياتكم اليومية.
وهكذا كنت أعود من سياحة أو زيارة لبلد أوروبي متأزماً، لأنني كنت أتذكر بلدي اليمن. أما قلت لك أنك مهموم؟ ويا ويل الشعراء من هموم الوطن والانسان، وتجارب الشعراء وهمومهم تكاد تلتقي في كل زمان ومكان.
أخي شربل :
أنا الان في صنعاء.. عنواني هكذا: الشاعر محمد الشرفي، وزارة الخارجية، صنعاء. أشغل منصب مدير إدارة الثقافة، والعلاقات العامة.
فوجئت في صنعاء بمنحي وسام الدولة للفنون والآداب من الدرجة الأولى. أشكر الدولة والرئيس على هذه المفاجأة. والدنيا بخير.. أحياناً.
اكتب لي عمّا ينقصك من كتبي، أو ينقص اصدقاءك منها، لأحاول إرسالها إليك تباعاً.
قد أفرغ بعد فترة من ترتيب أمور الاستقرار بعد غيبتي لأربع سنين في بغداد، وألملم نفسي وذاكرتي، ومكتبتي، وأقدّمك للقارىء اليمني.
أزفّ إليك إعجاب بعض المعجبين بنشاطك، ونشاط الإخوة المهجريين في أستراليا. ويقول البعض ويتساءلون: هل هذا غزو أو فتح أو استيطان للغة العربيّة في المهجر؟ وقد أجيب أحياناً بأن ذلك يشير إلى أمرين سلبي وإيجابي:
ـ السلبي، هو انعدام الحريّة للمبدعين في بلادهم (دليل على قيمة الحريّة للإبداع).
ـ والإيجابي، نشاط المبدعين واستمرار إبداعهم في المهجر (دليل على حب الحرية والوطن، وأن المهجر ضرورة).
أؤمن كما تؤمن أنت، وكل المهاجرين، أن الحريّة أساس الإبداع، وأن الإبداع أساسه الحريّة، وأن الشعوب المبتلاة بالعبوديّة والقهر والكبت، سوف تظلّ في أول صفوف المتزاحمين على القبور والمشانق والفناء. هم ومن.. أو هي ومن فرض عليها العبودية والقهر والكبت والاستلاب.
لقد سقط جدار برلين، فمتى تسقط بقيّة الجدران في الوطن العربي أو في العالـم الثالث "عشر"؟.. عمر الخطّاب قال: متى استعبدتـم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟
كم أتمنى اليوم الذي تكتب لي فيه من قريتك الصغيرة في لبنان، ولبنان صدر ورئة، كما كان يتنفّس منها المبدعون الأحرار.
قال أحدهم: بيروت غلطة حضاريّة صحّحها العرب. ليتنا نصحّح معاني الحريّة والديموقراطيّة، والتعامل، والأخلاق، والسلوك، وأقول: يا ليت.. يا ليت.. حتى ولو بعد أن نموت".
أخي شربل:
أستودعك الله. أما أحمد الأشول فهو موجود في صنعاء. سأتصل به، وأبلغه تحاتك، وانتظر رسائله إليك. وسأهديه أحد المرسل منك: شربل بعيني بأقلامهم5، حتى يتذكرك.
وفي انتظار رسائلك على العنوان المذكور آنفاً، أعدك بالرد رغم مشاغلي الكثيرة التي لن تحول أو تمنع استمرار التراسل.
ودمت لأخيك
محمد الشرفي
9/12/1989
**
العيد الأول للوحدة
   أخي الشاعر الكبير الأستاذ شربل بعيني
   تحية طيبة..
   أرجو أن تكون في أفضل إبداع، ووفرة إنتاج، وأهدأ عمل، وأوفر كسب. ولقد شغلتنا ظروف الحرب، وما بعد الحرب، وبعد يومين من هذا التاريخ نستقبل العيد الأوّل للوحدة التي هي العزاء، والعوض، والبديل لكل منغصة، وألـم، ونقص في الحياة. وما زلت أتابع مسألة دعوتكم لدى رئاسة الوزراء، ولكنّهم مشغولون، ولكن ستتم قريباً.
   أما عبدالودود المطري فقد وفى بوعده، وأصدر عدد العيد مرصعاً بمقابلة معك، وحديث جيّد، وقصة مغتربة، ومقابلة مع الأخ السفير. فإليك بعض الأعداد من هذا العدد الخاص، وبعض الأعداد السابقة، وستنشر قصيدة الاستاذ جميل الدويهي في عدد آخر أو مكان آخر.
   وستصل للرابطة مجاميع من الكتب اليمنية المختلفة تباعاً بالحقيبة.
   سلم لي على الاستاذ كامل المر، وعلى الاستاذ فؤاد نمور، وعلى الدويهي، وعلى اخوانك واهلك، ومبروك الزواج السعيد من آل بعيني، وخصّ أمك بأحر السلام والامتنان.
ودمت لأخيك
محمد الشرفي
20/5/1991
**
أمنيات الشعر
أخي الشاعر الانسان الاستاذ شربل بعيني
تحية، وأمنيات الشعر والأدب لقلمك، وروحك الشاعرة، وحروفك المتوهجة، ونبض قلبك الدائم بالحب للانسان، والوطن والارض.
تسلمت رسالتك، مع خمسة كتب من كتبك، وكنت قد استلمت قبلها كتاباً جميلاً، وقرأته، وهو جميل عنك، وأنا معجب لهذه الاستمرارية العجيبة في ذلك البلد البعيد.
انه لمن الجميل أن يجمع الأدب وهوايته، وهواية الشعر واحترافه، أديبين وشاعرين على مسافة قريبة، ولكن أجمل من ذلك، وأجلّ، وأربح، أن يجمعهما، ويظلاّن مجتمعين، ملتقيين، رغم آلاف الاميال الفاصلة.
انها الروح الشاعرة الطائرة عبر المسافات، تقتحم المجهول، وتسبر أغوار الحياة، وتجمع بين بني الانسان، أينما كانوا، وحيثما حلّوا.
أشكرك أيضاً على الكلمات القصيرة، لكنها أطول في القلب، والتأثير من مقالة، أو دراسة.
لنظل مع هذا التواصل، وقد تسنح الفرصة عند عودتي الى اليمن، نهاية هذا العام، فأقدّمك للقارىء اليمني والعربي.
في الختام، ترى مع هذا أربع مسرحيات في كتابين، إحداهن باللهجة العامية اليمنية.
تحياتي لك، وتمنياتي مرة أخرى.. وشكراً.
ودمت لأخيك
محمد الشرفي
بغداد، 13/2/1989
**
بعض خصائصي
   أخي الشاعر الاستاذ شربل بعيني المحترم
   بعد التحية
   تشرّفت باستلام رسالتكم، ومعها كتاب "ملاّح يبحث عن الله"، وهي الرسالة الوحيدة التي أتسلمها بعد رسالتكم الأولى التي أرفقتم بها دواوينكم، والتي أجبتكم عليها، وطرحت ما أحب أن أطرحه على من أعزّهم وأقدّرهم.
   ولم أستلم أي رسالة غيرهما، وتأكّد أيّها العزيز أنه لا يمكنني إهمال أي رسالة لصديق مثلك، دون أن أرد عليها، ولن تشغلني أي ظروف عن الرد.
   وها أنا أبادر بالرد قبل أن أقرأ الكتاب "ملاح يبحث عن الله" حتى تعرف بعض خصائصي، وسأقرأه وأكتب لك مرة أخرى.
   وها أنا أبادر أيضاً، وأرسل لك ديواني الجديد الذي صدر خلال الشهر الماضي مع أربع مسرحيات نثرية عن دار الحرية في بغداد.
   تحيّاتي لك، ودمت لأخيك
محمد الشرفي
30/11/1988
**
دعوة الى اليمن
   أخي الشاعر الكبير الاستاذ شربل بعيني..
   تحيّة..
   أشكرك على الإتصال التلفوني إلى عبد الودود المطري. دعوتك والأستاذ كامل المر في وزارة الثقافة. سأتابعها لمناسبة جيّدة.
   صمّم الأصوليون على أن يفرّقوا بيني وبين زوجتي، فطلّقت، وتزوجت، وأعيش الآن شهر عسل ممتاز. والضرورات تبيح المحظورات، وللضرورة أحكام.
تحياتي.. أخوك
محمد الشرفي
7/7/1991
**
رفيقا درب
   أخي العزيز الشاعر المبدع الكبير 
الاستاذ شربل بعيني
   تحياتي الطيبة
   وأسفي الكبير لتقطع المراسلة، وقد انشغلت كثبراً بالعمل، والاعمال الكتابية، والعهد الجديد، والمهمات خارج البلد: المانيا، بغداد، الاردن، تونس، خلال هذا العام، بالاضافة الى المعارك والصراع مع أولئك المعروفين بالأصوليين، الذين وقفوا أولاً ضد الوحدة، ثم ضد دستور الوحدة، ثم ضد توحيد التعليم، ثم الآن ضد قانون الاحوال الشخصية "المرأة"، وقد هزموا في الثلاث المعارك، آخرها تصويت مجلس النواب واقراره لقانون توحيد التعليم، فقد كانت لهم معاهد خاصة دينية بميزانية تقدر بمليار ومئتي مليون، غير الميزانيات الخارجية، كلها لتدريس تكفير الناس وتفسيقهم، وبث روح الفرقة والتنازع بين أبناء البلد الواحد، وسيهزمون في كل المواجهات.
   وأرفق لك بهذا بعض القصائد التي قد تشير الى بعض ذلك، وأيضاً دموع الشراشف، الذي اغتصبته من كاتب يكتب عني هو أحمد الزبيري، ووعدته بالعوض على أبيه.
   واشكر الاستاذ الشاعر جميل الدويهي فقد صدق في وعده، وهكذا أنتم أيها اللبنانيون ما كنتم إلا مثالاً للصدق والابداع، ورسل سلام ومحبة، تخترقون بالهمم والاخلاص والمعاناة جدران الازمنة والامكنة دائماً.
   أخي شربل..
   لا بد أن أكتب عنك، دواوينك أمامي أقرؤها، وأتمعن فيها لأختار أجودها، وما يناسب مقتضى الحال هنا في اليمن. فأنا وأنت رفيقا درب، وفكرة، ومحبة.
   سلم لي على أمنا العزيزة، واخوتنا الاعزاء، وقد رزقت ابنة سميتها "لبنى"، سترى قصيدتها في أوراق الاستاذ كامل المر، بعثتها اليه للنشر في مجلة الرابطة، أو غيرها. وأنت بين يديك مجموعة اذا استحسنت أن تنشرها، أو أهم مقاطع منها.
   تحيّاتي لك أيضاً، وراسلني يا أخي، فأنا سعيد جداً مع زوجتي الحبيبة، وقد كتبت لها أكبر دواوين العمر، شعر حب جميل رقيق، لم أنشر منه الى الآن إلا بعض القصائد، وله طابع خاص، ولغة خاصة.
   تمنياتي وشكري ودمت لأخيك
محمد الشرفي
2/9/1992
**
عسل يا عسل
   أخي العزيز الشاعر المسرحي شربل بعيني
   تحية
   تسلّمت رسالتين، إحداهما مع مقال الاستاذ الكاتب القدير جميل الدويهي، والأخرى مع شريطين إذاعة وفيديو. وبعد عودتي مباشرة من شهر العسل يا عسل، يا طعماه، يا شربل.
   حلاوة، لا أجمل، ولا ألذ. أصبحت شاباً في العشرين يا شربل. بلّغ كل الأصدقاء بهذا: لقد خرجت من القبر، ونفضت أكفان الموتى، وزال القبر والكفن.
   لقد كانت مؤامرة اكتشفتها في وقتها المناسب، وقبل أن أنتهي. هل تتصوّر أنني كنت في طريقي الى العمى، ولم أكتشف ذلك إلا في ألمانيا، أثناء شهر العسل؟.. أجريت عمليات أشعّة ليزر لمدة عشرين يوماً، وعلى اتداد ستة عشر جلسة للعينين، تلافيت بها ما أمكن تلافيه، على أن أعود بعد ستة أشهر للمعاينة والفحص.
   واطمئن يا شربل.. إن زوجتي الحبيبة بلا شراشف أو أحجبة، وإن كانت تستخدم نصف حجاب مادي على وجهها في حالات، فأسرتها محافظة جدّاً، ولكن ممارستها للعمل كمدرّسة وإداريّة وجامعيّة أتاح لها فرص التخلّص من بعض التقاليد والرواسب الماديّة، فلا يوجد ما يبرّر إنتحاري على أبواب صنعاء، أو إحراق كتبي، إنها تشاركني كل القضيّة بتناغم عجيب فاطمئن. ألهمتني إلى الآن نصف ديوان إنتحار الشراشف الذي سأهديه إليك. وهي ملهمة جداً بعقليتها وثقافتها وجمالها وأعوامها الثلاثين. هل تريد أن ترى صورتها تفضّل؟"..
   تبلّغك السلام، وتقول لينتحر أعداء الحب والخير والجمال، ومن لم يفهموا محمد الشرفي، وعليك أن تقرأ القصيدة المرفقة لترة الحب، والصدق، والعاطفة المتبتلة في محراب الله.
   أنت يا شربل تحب، مجرب بالحب الحقيقي المتجسّد في امرأة، المرأة كل الحب، وكل العالم الجميل. تزوج من تحب، التصق بالحب حتى الامتزاج، حتى الذوبان، ولا تترهبن، ابحث عمن تحبك تجد نفسك أكثر عطاء، وأصدق كتابة، وأجمل بياناً، وأخصب عاطفة وشوق مع الآخرين.
   شاهدت مسرحيتك معها، أعجبنا بها، وبالاطفال الممثلين، وكم كنا نتمنى أن تخرج إخراجاً آخر كالمسرحيات، أي أن الاطفال يمثلون، ولا يلقون كلاماً على الميكرفونات، لتعلّق الميكرفونات في سقف المسرح، ولينطلق الأطفال الممثلون في تمثيلهم بدون الاهتمام بالميكرفون، ومكانه، والاقتراب منه. على أن المسرحية أكبر من مستوى الصغار الممثلين، ولكنها ربما تكون بروفة تجربة ليقوم بها في المستقبل ممثلون محترفون كبار، وهؤلاء الصغار مرشحون لها عندما يكبرون.
   أما ريما الجميلة، ذات الصوت الجميل العذب، فقد كبرت، وصارت أجمل وأعذب، أنا معجب بنشاطك ومثابرتك، فاستمر.
   الاستاذ عبدالودود المطري في أمريكا. اسلمه رسالتك عندما يعود. دعوتك والاستاذ المر موجودة في وزارة الثقافة وسأتابعها.
   سلم لي على الاخوة كامل المر، فؤاد نمّور، جميل الدويهي، وكل الاخوة.. وسأرسل لك في الحقيبة بواسطة السفارة بعض الكتب.
   وسلم لي على أمّك الطيّبة المحبّة واخوتك، وآل بعيني جميعاً.
   إقرأ القصيدة على الاساتذة الاعزاء كامل المر وفؤاد نمّور، والاخوة الشعراء. وتنشر في صوت المغترب إذا سمح أخي وعزيزي وشاعري الحبيب جميل الدويهي.
أخوك
محمد الشرفي
29/8/1991
**
ملاحظات
  "في رسالته الأولى الى شربل بعيني، وجّه محمد الشرفي الكثير من الانتقادات بسبب طريقة كتابته الشعر، وراح يطالبه بالتقيّد بالتفعيلة والأوزان، دون أن يعلم أن شربل كان يدرّس الأوزان الشعرية لطلابه في معهد سيدة لبنان، سيدني، مدة 30 عاماً، وقد كتب الكثير من القصائد الكلاسيكية الموزونة. ولكن الشرفي بعد سنة من مطالعة أشعار شربل، آمن بالطريقة التي يتبعها، وكتب في رسالة أخرى: "أصدّقك من خلال أشعارك، والإستمرار، أنك صاحب رسالة، وأصدّق الآخرين فيما كتبوا ويكتبون عنك". 
   وآمن أكثر بقول شربل بعيني: الشعر هو الشاعر لغة وموسيقى.
   وراح يعنون رسائله هكذا: أخي الشاعر المبدع الكبير.. والإنسان الإنسان الأستاذ شربل بعيني المحترم.
   وقد اعترف في إحدى جلساته الادبية في سيدني ان شربل بعيني الشاعر ما جاء إلا ليكون منفرداً ومميزاً عن غيره".

   عزيزي الشاعر شربل بعيني
   تحية
   تسلّمت بريدك المتضمّن رسالة طيبة إليّ، وقصاصة عن النهار الأسترالي، قلت فيها شيئاً جميلاً عنّي، وأربعة كتيبات هي:
ـ كيف أينعت السنابل؟، أحد دواوينك.
ـ من كل ذقن شعرة، ما كتبته ايام زمان والآن.
ـ ما كتب عنك بأقلامهم 1و2
   كل الكتيبات الاربعة هدية جميلة، وأجمل ما فيها عبورها كل القارات، وأيدي الرقابة، والمفتشين، وموظفي الطرود الى بغداد المناضلة، حتى تسلّمتها مفتوحة طبعاً.
   رسالتك حملت إعجابك بما قرأته في بعض ما أهديته اليك من شعر، أشكرك جداً، ولو ملكت الآن بعض الدواوين كنت أرسلتها اليك فوراً، ولكن الى فرصة أخرى، أعدك، وعنوانك لدي.
   أعجبني في ديوانك المهدى إليّ "كبف أينعت السنابل؟"، الحنين في الغربة، والحب للوطن، وطن الشعراء لبنان.
   وأنا غنيّت لبنان، ونزفت من أجل لبنان في أكثر من ديوان. راجع ديوان "من مجامر الأحزان"، "صاحبتي وأناشيد الرياح"، "السفر في وجع الكتابة"، "الحب دموع والحب ثورة"، الأولان من طبع وتوزيع دار المسيرة بيروت.
   ملاحظتي على ديوانك عدم ضبط الوزن "التفعيلة"، والنثريّة أحياناً، والنزاريّة الواضحة، وقد يكون شعرك بالعاميّة اللبنانيّة "جبل لبنان" أفضل من شعرك بالفصحى، ولكنني لا أشجّعك أن تعتبرها البديل للغة العربيّة الفصحى. فأنت عربي، ولن تكون كسعيد عقل، أو على مذهبه، ولا تصدّق من يشجّعك، المنطقة واحدة تراثاً وتأريخاً ولغة وجغرافيا، وأحلاماً، وآلاماً، ومسافات عبر التاريخ الطويل الماضي، والمستقبل التأريخي القادم، ولا مناص من ذلك.
     ولا أطيل عليك، ويمكن أن تراجع بعض أصدقائك فيما طرحته عليك، لنرى صدق محبتي وتقديري.
ملحوظة:
   الأخ أحمد الأشول في صنعاء، كتب عنك مقالاً بعنوان: شاعر عربي من أستراليا وتذكرة بثلاثة آلاف دولار.
   هكذا كتب كما أظن إن لم تخنّي الذاكرة، وأتمنى أن نلتقي في مهرجان مربدي آخر.
ودمت لأخيك
محمد الشرفي
30/3/1988
**
من أنت أيها الرجل؟
   أخي الشاعر المبدع الكبير.. والإنسان الإنسان الأستاذ شربل بعيني المحترم.
   ألف تحيّة، وكل عام وأنت بخير..
   والأذن تعشق قبل العين أحياناً..
   وقد تذوب العين والأذن والقلب محبّة عند اللقاء. وتنساب أنهار المحبّة بعد اللقاء، وتنفتح بساتين في القلب، وتنعقد ألف أغنية وأغنية في الأذن، وتخضرّ ألف سماء وسماء في العين.
   لقد امتدت جسور بيني وبينك من الأهداف والمبادىء الإنسانيّة قبل اللقاء الأخير، وها هي جسور مجنّحة من المشاعر والعواطف تمتد جديدة دافئة متينة في أعماق القلبين، وأغوار النفسين..
   مَن كنت أيّها الرجل؟
   ومَن أنت اليوم؟
   أيّها التضحيّة التي لا تنتهي، والمحبّة التي لا تذبل.
   مَن أنت عندي بالأمس؟
   ومَن أنت اليوم وغداً؟
   يا مَن أينعت السنابل في قلبه محبّة، وضميراً حيّاً، وخلقاً كالربيع الدائـم.
   هل أقول إنك واحد ممن كنت أبحث عنهم في شعري، وأفتّش عنهم في زوايا الخيبة، وجفاف الأرض؟..
   مثلك أيها الإنسان عملة نادرة، فأنت مبدع سلوكاً، ومبدع شعراً، ومبدع عملاً، وعلاقات مع الآخرين. لقد رأيت، وسمعت، وقرأت، فما أخطأت فيك عين، ولا خابت أذن، ولا كذبت قراءة.
   وما كنت أحسب أن للقصائد قدمين تمشي بهما، وعينين ترى بهما، وأذنين تسمع بهما، حتى لقيتك..
   أتمنى لو تتحوّل القصائد إلى سلوك، ودواوين الشعر إلى قيم وأخلاق، حينئذ سيبحث الشعراء عن موضوع آخر للشعر، وأرض أخرى للإبداع. أو يستحيلون إلى أرواح ملائكيّة، تبث السعادة في نفوس البشر، وتزرع النور في كل طريق.
   لـم أعد أحملك في نفسي أفكاراً مجردة، وكلاماً أو شعراً هلاميّاً بارداً، لقد أصبحت أغنية أصغي إليها كل يوم، وجريدة يوميّة أقرؤها كل صباح، وفنجان قهوة أكسر به بقايا نعاس، وأنفض به بعض رماد عالق في الوجه، والمتطاير من منافض الرداءة الفكريّة، ورديئي الشعر والشعراء، نجّاك اللـه من رماد الشعر، وغبار الشعراء!!
   أخي شربل..
   قد لا أستطيع أن أقول كل شيء في هذه العجالة، وفي أوقاتي المزدحمة بالعمل والهموم، ولكنني قد أقول كل شيء بالتقسيط، وعلى امتداد الأيام والسنوات القادمة، وكيف لا، وقد حفرت بنفسك صورتك في الأعماق، كما هي أمام عيني صباح مساء على جدران منزلي، ووراء كل حرف وسطر في كتبك وشعرك وابداعك ورسائلك التي لا أرى أنها ستنقطع أو تتوقّف، والتي قد تتحوّل إذا أردت إلى وسيلة أدب وفكر متبادل، ونقاش صادق لهموم الأدب والانسان.
   أخيراً، قبّل عني أمك، أمي، أم المرمنين، التي أعادت إليّ دفء الحب في صور أمي الراحلة، وحنان عواطفها، ورعايتها، وبورك لها فيما أنجبت، واحتضنت، وربّت، ورعت.
   سلّم على كل الاخوة والاصدقاء فرداً فرداً، وكل عام وأنت بخير.
ودمت لأخيك
محمد الشرفي
اليمن ـ 1/1/1991
**
نفس انساني
   أخي العزيز الاستاذ الشاعر الانسان شربل بعيني
   تحية طيبة
   رسالتك وصلتني مع قصاصة الصحيفة، أشكرك على الاشارة الى مسرحياتي، وأشكر مشاعرك اللطيفة والرقيقة دائماً نحوي، ونحو أصدقائك القريب منهم والبعيد. وقد أعجبتني قصيدتك بالعامية اللبنانية "كبارنا انتو"، فالنفس الانساني الوطني يشع من خلال الصدور أشواقاً، وحباً للانسان والوطن.
   أحييك، وسأحاول أن ارسل لك في كل مرّة ديوان شعر مما ينقصك من دواويني، إلا انه من المؤسف فدواويني غير متوفرة في بغداد.
   في هذه المرة، ارسل لك هذا المستل من مجلة الخليج العربي، والمستل عبارة عن دراسة كتبت باللغة الانجليزية للقارىء الانجليزي، واستحسن البعض ترجمتها الى العربية، وقامت ابنتي هدى بالمهمة. أرجو أن تطلع عليها وتعجبك، وعندما تصدر باللغة الانجليزية في كتاب سأرسله اليك في حينه.
   حياك الله أخي، ودمت لأخيك
محمد الشرفي
15/4/1989
**