مقدمة بقلم شربل بعيني
كنت أجلس وحيداً أمام فندق الشيراتون، أنتظر إقلاع الباص للذهاب إلى قاعة الرشيد الكبرى، لألقي قصيدتي (أرض العراق.. أتيتك)، وفجأة صعد إلى الباص رجل خمسيني يكلل الشيب مفرقيه، وجلس بجانبي، وهو يبتسم لي، فقلت له بعد أن أذهلني وقاره:
ـ يا مرحبا.. عبد الوهاب البياتي من العراق.
ـ أأنت عبد الوهاب البياتي؟!.. ألله كم أنا مشتاق لرؤيتك، والتحدث إليك، وها أنت تجلس بقربي على أهون سبيل.
ـ أشكرك.. شعراء المهجر دائماً يفكرون بنا.. أهلا بكم.
ـ والله يا أستاذ أحب أن أقول شيئاً..
ـ تفضل..
ـ على الأمة العربية واجب تكريمك، فلماذا كل هذا التأخير؟
ـ (...)
ـ سأرسل لك ما سأكتبه عنك في النهار الأسترالي..
ـ ولمن هذه الصحيفة؟
ـ للأستاذ بطرس عنداري..
ـ إذن، توجد نشاطات أدبية في أستراليا.
ـ هناك رابطة إحياء التراث العربي التي توزّع (جائزة جبران العالمية) كل عام، كما أنها تقيم الندوات الشهرية لدراسة الأدب المقيم، ولتشجيع الأدب المهجري أيضاً.
ـ عظيم.. ها قد وصلنا..
فمن هو هذا الشاعر العربي الكبير؟
ولد عبد الوهاب البياتي في مدينة بغداد عام 1926، وتخرج من دار المعلمين عام 1950 ليعمل مدرساً ثانوياً.
صدر ديوانه الأول (ملائكة وشياطين) عام 1950، ثم توالت أعماله بعد ذلك.
فصل من عمله في مجلة الثقافة الجديدة، واعتقل عام 1954، ثم ترك العراق إلى سوريا فلبنان.. فمصر.
عاد إلى وطنه عام 1958 ليعمل مديراً للتأليف والترجمة والنشر بوزارة المعارف العراقية، أما الآن فهو المستشار الثقافي لبلاده في مدريد.
مثّل العراق في أكثر من مهرجان دولي.
وفي ندوة أقامتها رابطة إحياء التراث العربي ـ سيدني، بتاريخ 29 تموز 1988، حول مؤلفات الشاعر عبد الوهّاب البيّاتي، ألقيت هذه القصيدة بعنوان:
ـ1ـ
عُمْر الدِّنِي عُمْرَكْ
وْعُمرْنَا أَيَّامْ
يَا شَاعِر.. بْعِطْرَكْ
عَطِّرْ الأَحْلاَمْ
وكْتُوبْ فَوْق الطِّينْ
أَشْعَارْ مَا بْتِفْنَى
بِتْخَوِّف شْيَاطِينْ
مْنِ عْمَايِلاَ قْرِفْنَا
ـ2ـ
وِالنَّارْ بِالْكِلْمَاتْ
سَارِقْ حِمِلْهَا وْفَلّْ
يَا عَبدْ.. نُورَكْ هَاتْ
انْطَفْيِتْ نِيرَان الْكلّْ!!
صَار الأَدَبْ كذَّابْ
بِيبِيعْ أَرْض.. عْيَالْ
وَحْدَكْ عَبِدْ وَهَّابْ
وْكِتْرُوا عَبِيدْ الْمَالْ!!
ـ3ـ
يَا ابْنِ الْعِرَاق الْبَارْ
الْـ بِالتِّمّْ غِنِّيِّه
زِرْتُو أَنَا بْمِشْوَارْ
وْحِوَّشْتْ حُرِّيِّه
يَا مْجَدِّد الأَشْعَارْ
بِحْرُوفْ مضْوِيِّه
كِلْ مَا يْطِلّ نْهَارْ
بْتِكْبَرْ بِـ عِينَيِّي.
ـ4ـ
الْـ إِخْدُوا الأَدَبْ دُكَّانْ
لْتِرْوِيجْ أَقْوَالُنْ
بِيطَالْبُوا بْأَوْزَانْ
وْمَا بْيُوزْنُوا حَالُنْ
بِيفَكّرُوا الإِنْسَانْ
مَرْبُوطْ بِخْيَالُنْ
بْيِنْجَرّ كِيفْ مَا كَانْ
تَا يْزَقِّف قْبَالُنْ!!
ـ5ـ
شُو بْخَبّرَكْ عَنْ هَجْرْ
مِكْوِي بْأَوْجَاعُو
شُو بْخَبّرَكْ عَنْ عُمْرْ
فِيه الْبَشَرْ ضَاعُوا
وْكِتَّابْ أَرْدَأْ عَصْرْ
وِقْفُوا تَا يِنْبَاعُوا
بْسَاحَاتْ فِيهَا الْعُهْرْ
بِيبِيضْ أَتْبَاعُو؟!!
ـ6ـ
الْكِلْمِه الْـ مَا بِتْمُوتْ
لَمَّا بْيِجِي دَوْرَا
بِتْصِيرْ تِبْنِي بْيُوتْ
لِلْحُبّ وِالثَّوْرَه
لْشَعْبْ.. خَنْقُو سْكُوتْ
عَمَّلْ بِزَلْعُومُو
خَايِفْ مِنِ التَّابُوتْ
وْمَقْبُورْ بِهْمُومُو!!
ـ7ـ
يَا خَجْلِة الأَيَّامْ
مِنْ طِفلْ الِحْجَارَه
الْـ عِينَيْهْ مَا بِتْنَامْ
وِسْعِ الدِّنِي مْدَارَا
تَا تْقَلِّق الْحُكَّامْ
الْمِتْبَاهْيِه بْعَارَا
أَصْنَامْ.. شُو أَصْنَامْ
حجْرَانْ طِفْل زْغِيرْ
رَحْ تِقْطَع بْدَارَا!!
ـ8ـ
سْيَاسَاتْ كِلاَّ كِذْبْ
الإِبنْ خَان الْبَيّْ
وِالْخَيّْ صَفَّى الْخَيّْ
وِالشَّعْبْ.. وَيْن الشَّعْبْ؟!
تْفَرْفَطْ كَأَنُّو حْرُوفْ..
أَرْقَامْ جَمْع وْضَرْبْ..
وِصْفُوفْ حَدّ صْفُوفْ
انْوَقْدُوا بْنَار الْحَرْبْ
زْعَامَاتْ.. لَوْ بِتْشُوفْ
خُوَّانْ عَ الْمَكْشُوفْ
بَدُّنْ شَنِقْ أَوْ صَلْبْ..
ـ9ـ
تْرِكْنِي.. تْرِكْنِي قُولْ
رَحْ يِنْفِجِرْ رَاسِي
بْلاَقِي الشَّعبْ مَسْطُولْ
بِيأَلِّه كْرَاسِي
بْأَوْطَانْ مُشْ مَسْمُوحْ
تْرَبِّي بْحُضْنَا زْغَارْ
نَامِتْ.. عَ صَدْرَا جْرُوحْ
وْفَاقِتْ.. بِـ قَلْبَا نَارْ.
ـ10ـ
.. وْيَللِّي هْجَرْت الدَّارْ
مِتْلَكْ أَنَا بْغُرْبِه
بْسَافِرْ بِـ هَـالأَشْعَارْ
عَ جْوَانِح الْكِذْبِه
وْمَعْلَيْشْ لَوْلا كْذِبْتْ..
مَا نْسِيتْ كِيفْ هْرَبْتْ
وِالْخَوْفْ بِـ دَرْبِي
وِبْكمْ كِلْمِه كْتَبْتْ
قِللَّتْ مِنْ خَوْفِي
وْرِوَّضْتْ مَنْفَى.. تْعِبْتْ
وْبَعِدْنِي مِنْفِي!!
ـ11ـ
تْغِرَّبْنَا.. وْغُرْبِتْنَا كْبِيرِه
أَكْبَرْ مِنْ حِقْد الإِنْسَانْ
مْنِ الْعَتْمِه بِعْيُون الْغِيرِه
مْنِ الظُّلْم الْحَاكِمْ أَوْطَانْ..
صَفَّى الْعَالَـمْ كِلُّو مَنْفَى
وِيْنْ مَا بْتِسْكُنْ.. مُشْ رَحْ تِغْفَى
وْصَفَّى الْخَوْفْ.. وْصَفَّى.. وْصَفَّى
لُعْبِه بْإِيدَيْن الشَّيْطَانْ!!
ـ12ـ
رَجِّعْنِي بْحَرْفَيْن زْغَارْ
عَ الْبَيْت الْـ تَعِبّتُو النَّطْرَه
وْعَمْ يِتْسَلَّى بْكِلْمِةْ "بُكْرَا"
وْعَشْعَشْ تَحْت لْسَانُو غْبَارْ
يَا بَيَّاتِي الْحُلْم الرَّاجِعْ
لا تِتْركْنِي وَحْدِي هَوْنْ
حْمِلْنِي وَرْقَه بَيْنِ أْصَابِعْ
تَرْكِتْ بَصْمَاتَا بْهَالْكَوْنْ..
ـ13ـ
بَصْمَاتْ.. شُو بَصْمَاتْ!!
وَهْج الْعُمرْ فِيهَا
وِخْطُوطْهَا آيَاتْ
مْنِرْكَعْ تَا نِقْرِيهَا
صَارِتْ فَرَحْ لِلنَّاسْ
زَهَّرْ عَلَى دْرُوبُنْ
وْحَتَّى الْفَرَحْ مَا يْبَاسْ
زَرْعُوكْ بِقْلُوبُنْ..
ـ14ـ
نِشَّفْتْ وِجِّي بْرِيحْ
إِسْبَانْيَا الْجَايِي
مِنْ أَعْتَق حْكَايِه
وِسْمِعْتْ صَوْتَكْ.. زِيحْ
يَا سْكُوتْ مِنْ دَرْبِي
مِشْتَاقْ لِتْلامِيحْ
وِجّْ انْشَوَى بْغُرْبِه
وْمَحْبُوسْ بِمْرَايِه
بِرْوَازْهَا آيِه
وْنَاطِر يْطلّ الْعِيدْ
وِالْعِيدْ مِتْأَخَّرْ
نَاطِرْ شِي فَجْر جْدِيدْ
بِالْحَقّْ يِتْنَوَّرْ..
سْمِعْتْ صَوْتَكْ.. زِيدْ
صَوْتَكْ طِلِعْ مِنِّي
بْيُوت وْسَمَا مَدْرِيدْ
مَا بْتِبِعْدَكْ عَنِّي.
ـ15ـ
وِبَغْدَادَكْ الْـ حِبَّيْتْ
يَللِّي كَرَمْهَا غْلالْ
وْغَزْلِتْ نَخِيلاَ شَالْ
حِبَّيْتْهَا مِتْلَكْ..
بِرْبُوعْهَا مِدَّيْتْ
إِيدَكْ إِلِي.. وْخِلَّيْتْ
هَـ الْقَلْبْ يِشْتَقْلَكْ.
سْكَبْتَكْ بِـ قَلْبِي دَمّْ
بِعَّدْتْ عَنِّي الْهَمّْ
وْلِـمْ صِرْتْ بِيّ وْأُمّْ
صِيَّرْتْنِي طِفْلَكْ.
ـ16ـ
وْهَاك الْـ نَطَرْتُو تَا يِجِي
الظَّاهِرْ إِجَا مِنْ هَوْنْ
مِنْ رَابْطَه مَا بْتِرْتِجِي
إِلاَّ الْعُطرْ الِبْنَفْسَجِي
يِغْمُرْ زَوَايَا الْكَوْنْ
يْرَطِّبْ حْرُوف.. يْزَيِّنَا
بْصَفْحَاتْ بَيْضَا يْلَوِّنَا
وْمَا يْضِيعْ فِيهَا اللَّوْنْ.
ـ17ـ
شْلَحْنِي قَصِيدِه بْصَفحتَكْ
نْفِخْنِي نَبَضْ بِمْحَبّتَكْ
يَا شَمْخِة الشَّعْب الأَبِي
الْـ وِقْف النّسِرْ عَ كِلمتَكْ
عَارِفْ أَنَا حَرْفَكْ رِبِي
مِنْشَانْ يِمْحِي غُربتَكْ
مَا بْشَبِّهَا بْصَرْخِةْ نَبِي
خِلْقِتْ وَحِيدِه.. صَرختَكْ!
خِلْقِتْ وَحِيدِه.. صَرختَكْ!
**
الرسالة الأولى
صديقي العزيز الشاعر شربل بعيني المحترم
تحيّاتي ومحبتي
أقدم إليك خالص التهاني بالعام الجديد، متمنياً لك الصحة والسعادة ومزيداً من الإبداع. كما أشكرك على هديتك الرائعة: (كيف أينعت السنابل)، وكتاب (شربل بعيني بأقلامهم)، وقصاصات الصحف المنشورة فيها بعض قصائدك وأخبارك وشذرات من لقائنا في بغداد.
سأرسل إليك عما قريب بعض كتبي المتوفرة لدي هنا في مدريد حتى يتسنى لك تقديمها في رابطة إحياء التراث العربي في أوستراليا.
مع خالص التقدير والاحترام.
المخلص
عبد الوهاب البياتي
**
الرسالة الثانية
مدريد في 14-4-1988الأخ العزيز الشاعر الاستاذ شربل بعيني
تحياتي ومحبتي
وصلتني رسالتك المؤرخة 16-3-1988 قبل أيام قليلة ومعها مجموعة مؤلفاتك الشعرية وبعض ما كتب عنك، وقصاصة من جريدة (صدى لبنان) الصادرة في سيدني.
شكراً على مشاعرك الطيبة وهداياك التي تؤكد نشاطك الشعري العميم في ديار الغربة ومحاولات التغلب على الغربة بالكتابة التي هي نعمة نادرة.
توقفت كثيراً عند رباعيتك الرائعة:
سكران وحدي بغربتي سكران
ومسكّر بْوابي بوجّ الناس
بْحاكي كْراسي البيت والحيطان
وِبْصير إتخانق أنا والكاس
تحيّاتي إلى الاستاذ كامل المر رئيس رابطة إحياء التراث العربي في أوستراليا، وإلى الدكتورة سمر العطار. مع شكري ثانية وحبي.
متمنياً لك مزيداً من العافية والنشاط الشعري.
عبد الوهاب البياتي
**
الرسالة الثالثة
مدريد في 14-9-1988
الصديق العزيز الشاعر الاستاذ شربل بعيني
تحياتي ومحبتي
وصلتني رسالتك ومعها عدة نسخ من جريدتيْ (صدى لبنان) و(النهار)، وقد قرأت أول ما قرأت قصيدتك الرائعة (البياتي: الحلم الراجع)، وانتظر الآن شريط الفيديو لكي أستمع إليها بصوتك.
لا أعرف كيف أشكرك وأشكر الأساتذة: الدكتورة سمر العطار، والاستاذ كامل المر رئيس رابطة إحياء التراث العربي، والاستاذ فؤاد نمور، والاستاذ عصمت الأيوبي. وقد نشرت محاضرة الدكتورة العطار في مجلة (الدستور) الصادرة في لندن.
وبمعونة الجرائد التي أرسلتها إليّ بادر أحد الأصدقاء إلى كتابة مقالة عن هذه الندوة، مشيداً بكم وبرابطة إحياء التراث العربي ورئيسها الاستاذ كامل المر وبالجالية العربية في أوستراليا لقيامها بهذه التظاهرة الثقافية الرائعة، وسأرسل لك المقالة حال نشرها في الصحف العربية.
أكرر شكري لكم وتحياتي إلى جميع الأخوة.
أصافحك ودمت للمخلص
عبد الوهاب البياتي
**
الرسالة الرابعة
مدريد 29/9/1988
الأخ العزيز الشاعر المبدع شربل بعيني المحترم
تحيّاتي ومحبّتي
قبل أسابيع كتبت إليك شاكراً على الصحف التي أرسلتها لي، المنشورة فيها وقائع الندوة الرائعة التي أقامتها رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا.
وقد ذكرت لك في رسالتي أن أحد الأصدقاء قد كتب مقالة عن هذه الندوة، وقد كتبها فعلاً ونشرت في الطبعة الدولية لجريدة (القبس) الكويتية، وهي من أهم الصحف العربية، وتوزع يومياً في كافة أرجاء الوطن العربي والولايات الأميركية وكندا وكافة الأقطار الأوروبية.
في طي رسالتي هذه أرسل إليك نسختين أو صورتين من مقالة الصديق هذه وعن طريق نشر هذه المقالة يكون القارىء العربي في كل مكان من العالم قد اطلع ولو بشكل مختصر على نشاطكم الجمّ وعلى ما تقومون به من خدمة جلّى للثقافة العربية مع خالص الود والتقدير والاحترام ملاحظة: تحيّاتي إلى جميع الأصدقاء في رابطة إحياء التراث العربي.
المخلص
عبد الوهاب البيّاتي
**
الرسالة الخامسة
مدريد في 4/10/1988
الصديق العزيز الشاعر المبدع الاستاذ شربل بعيني المحترم
تحياتي ومحبتي
وصلني بالأمس كتاب (مشوار مع شربل بعيني) للأستاذ كامل المر، وبدأت بقراءته، وقد سرّني وأفرحني أن شاعريتك تنال مثل هذا الاهتمام الذي تستحقّه (شاعراً وإنساناً)، وان مشوار الاستاذ كامل المر معك ومع شعرك كان شهادة عادلة إنسانية في زمن كثر فيه المزورون والأدعياء والمزيّفون. قرأت الحاشية التي كتبتها في حاشية (الفوتوكوبي) لمقالة الدكتورة سمر العطّار المنشورة في (الدستور) وأقول لك، أيّها الصديق الرائع، ان ندوتكم كانت تمثّل ذروة الموقف الأدبي والإنساني في تكريم الثقافة العربيّة، وذروة الموقف الوطني التقدمي في وجوه صنّاع الظلام.
كتبت إليك قبل هذه الرسالة رسالتين: الأولى: شكرتك فيها على إرسالك الصحف المهجريّة، والثانية: أرسلت لك فيها صورة من المقالة التي كتبها أحد الأصدقاء منشورة في جريدة (القبس) في طبعتها الدولية، وهي كافية للرد على السؤال: لماذا؟ أكرر شكري وتقديري واحترامي مع تحيّاتي للدكتورة سمر العطّار والأستاذ كامل المر وإلى جميع ألأصدقاء.
المخلص
عبد الوهاب البياتي
**
الرسالة السادسة
مدريد 24/10/1988
الصديق العزيز الشاعر المبدع الأستاذ شربل بعيني المحترم
تحياتي ومودتي
وصلتني رسالتك المؤرخة 7/10/1988، ووصلني كذلك شريط الفيديو مع رسالة موقّعة من الأستاذ كامل المر والأستاذ الأيوبي، فشكراً لك ولهما وللرابطة على تشريفي وتكريمي بمنحي "جائزة جبران الأدبية العالمية" لعام 1988استمعت إلى شريط الفيديو، وبخاصة إلى قصيدتك الرائعة بعد أن كنت قد قرأتها مرّات عديدة، ولقد ازداد إعجابي بعد أن استطعت من خلال إلقائك الخلاّب المثير المؤثر العميق الوصول إلى الضفاف الشعريّة الإنسانية التي تكتنز بها القصيدة، والتي تنطوي على ألم ثوري عاصف إنك شاعر حقيقي، وصوتك جزء لا يتجزّأ من شاعريتك الفذّة أكرّر شكري وتقديري ومحبتي
ودمت لأخيك
عبد الوهاب البياتي
**
الرسالة السابعة
مدريد 18/12/1988
صديقي العزيز الشاعر المبدع الأستاذ شربل بعيني المحترم
تحياتي ومحبتي
بعد عودتي من رحلة طويلة شملت مصر والعراق وهولندا، أكتب إليك لكي أقدّم أخلص التهاني بالعام الجديد، متمنياً لك مزيداً من الإبداع والصحة والسعادة، ومهنئاً بصدور كتاب (شربل بعيني: ملاح يبحث عن الله) للأستاذ محمد زهير الباشا، الذي أضاف زهرة جديدة في بستان إبداعك وكم كنت أتمنى أن أرسل كلمة لتقرأ في احتفال تسليم جائزة جبران، ولكن عودتي من السفر التي كانت في تاريخ 15/12/88 حالت دون هذه الأمنية العزيزة على النفس، إذ كان الوقت قد فات احتفلت على طريقتي الخاصة في مساء السبت الموافق 17/12/88، فقرأت كتاب (النبي) لجبران، وباحتفالي هذا أكون قد كنت معكم. أنتظر كافّة المعلومات المتعلقة باحتفالكم وشريط الفيديو لكي أعيش معكم، كما كان الأمر في حفل التكريم لك حبي وتمنياتي بالصحة والسعادة، ومزيداً من مقاومة الغربة بشعركم
المخلص
عبد الوهّاب البياتي
**
الرسالة الثامنة
مدريد 17/1/1989
الصديق العزيز الشاعر المبدع الاستاذ شربل بعيني المحترم
تحياتي ومحبتي
شكراً على تهنئتك ورسالتك الرائعة المسكونة بالنور والشعر والحب، وشكراً لرابطة إحياء التراث العربي في أستراليا على مبادرتها بمنحي جائزة جبران، ولكل الأصدقاء في الرابطة، ولقراءتك رسالتي الأخيرة إلى الرابطة، واستلامك الجائزة، وكم كنت أتمنى أن أكون معكم في هذه المناسبة المباركة، ولكن رحلتي إلى مصر والعراق وهولندا قضت على البقيّة الباقية من إمكانيّاتي المادية التي كنت أستطيع بها أن أكون معكم المدالية وشهادة الجائزة وربطة العنق (وهي هديتك) كانت عربوناً لرفاق الكلمة الصادقة الشريفة، وهذا العربون سيبقى رمزاً وعلامة وإشارة إلى أن الحب لن يموت وثورة الشعر والإنسان لن تقهر تحياتي وسلامي إلى الجميع، وإني سأبقى أنتظر إشاراتك الضوئية دائماً وأبداً ملاحظة: في طي رسالتي هذه مقالة نشرتها جريدة (الشرق الأوسط) الصادرة في لندن عن الأسبوع العربي في هولندا
المخلص
عبد الوهاب البيّاتي
**
الرسالة التاسعة
مدريد في 9/5/1989
صديقي العزيز الشاعر المبدع شربل بعيني المحترم
تحياتي ومودتي
أكتب إليك بعد رحلة طويلة إلى الأردن والعراق استغرقت أكثر من شهر.
بعد عودتي وجدت أن رسالتك المؤرخة 14/4/89، وكتاب (شربل بعيني بأقلامهم4)، وشريط الفيديو في انتظاري أشكرك جداً على حسن اهتمامك، وقد أعجبني شريط الفيديو، وأعجب الأسرة، حيث شاهدناه عدة مرّات، وعشنا معكم تلك الأويقات الأدبية الرائعة.
سأرسل إليك عمّا قريب ديواني الجديد (بستان عائشة) بعد وصول النسخ التي أرسلها لي الناشر من القاهرة، وكان الديوان قد صدر عن (دار الشروق) في نهاية الشهر الثاني من هذا العام.
أرجو إبلاغ تحيّاتي إلى جميع الأصدقاء في رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا، ولك مني خالص الشكر والود والتقدير والإحترام
المخلص
عبد الوهاب البيّاتي
**
الرسالة العاشرة
مدريد 21-2-1990
صديقي العزيز الشاعر المبدع الاستاذ شربل بعيني المحترم
تحياتي ومودتي
بعد أسبوع من تاريخ كتابة هذه الرسالة اليك، سأكون قد غادرت اسبانيا نهائياً، عائداً إلى الوطن، وسيكون عنواني، هناك، كالآتي:
عبد الوهاب البياتي
ص.ب 4076
أعظمية ـ بغداد ـ العراق
تلفون: 7740972
فإذا ما زرت بغداد، أيها الصديق العزيز، فالرجاء الاتصال بي حتى نواصل مشوارنا الشعري مع تحياتي إلى جميع الأصدقاء.
وإلى اللقاء مع خالص التقدير والاحترام
المخلص
عبد الوهاب البياتي
**
الرسالة الحادية عشرة
15-12-1990
الصديق العزيز الشاعر المبدع الاستاذ شربل بعيني المحترم
تحياتي ومحبتي
أكتب إليك من كاليفورنيا التي وصلت إليها من بغداد بسبب وفاة ابنتي (نادية) المقيمة نا.
في طي رسالتي هذه نص القصيدة المرثية.
عنواني هنا مدوّن على غلاف الرسالة، أما عنواني في بغداد فهو كالآتي:
ص.ب 3447
بريد العلوية
بغداد ـ العراق
سأعود إلى بغداد في بداية الشهر الثاني من العام القادم.تحياتي إلى جميع الأصدقاء.
وإلى اللقاء
المخلص
عبد الوهاب البياتي
**
الرسالة الثانية عشرة
15-2-1991
صديقي العزيز الشاعر المبدع الاستاذ شربل بعيني المحترم
تحياتي ومحبتي
وصلتني رسالتك الكريمة مع الكتابين، فشكراً.
ألهمتني رسالتك الحزينة بعض العزاء، ففقدان انسان عزيز في هذا الزمان البخيل لا يعوّض، وبخاصة اذا كان هذا الانسان منك وإليك:
ضياء عينك ومنارة حبك.
في طي هذا المغلف كتاب
Love, Death and Exile
الذي قامت جامعة جورج تاون بالإنفاق على طبعه ونشره، وهي أقدم وأهم جامعة في الولايات المتحدة، كما تعلم.
أنتظر دائماً إبداعاتك الجديدة.ولك خالص الود والتقدير والشكر
المخلص
عبد الوهاب البياتي
**
ملاحظة:
بإمكانك نشر (مراثي نادية البياتي) في أية صحيفة مهجرية تشاء.
**
رسالة الدكتور بسام خليل فرنجية
أخي شربل..
أطيب تحيّة إليك.
أشكرك.
فقد وصلني طرد بريدي فيه ما يقرب من عشرين ديوان شعري ودراسة لك/عنك. وأنا أبارك مثل هذا الإنتاج الغزير الذي وضعته بفخر في مكتبتي، فاحتلّ مكاناً بارزاً. فأنت طاقة على العطاء، وأيّة طاقة!..
تصفحت قصاصات الجرائد الأسترالية، التي وصلت مع الطرد، ورأيت صورك وصور المجموعة العاملة التي تحيي التراث العربي في المهجر، فألقيت عليكم جميعاً تحيّة سلام وحبّ وإعجاب، فكم نحن بحاجة إلى مثل هذا الإحياء، فما تفعلونه اليوم، واجب حضاري وقومي أنتم أهل له، قدوة وشعلة.
أشكرك، أخي شربل، لكل ما أرسلته لي، وأعدك أنني سأقرأه كلّه. وأشكرك للشريط الرائع الذي ما زلت أستمع إليه، وقد وضعته في آلة التسجيل التي هي فوق مكتب دراستي، وأنا أدرس وأستمع إلى الطفلة ريما الياس وهي تغني شربل بعيني.
أشكرك للمقالة عن البيّاتي والكتاب والتي تفضّلت مشكوراً بالإهتمام بها، ونشرها على هذا الشكل الجميل.
أحييك يا شربل، فقد طوّقتني بعواطف نبيلة فاضلة، أشعر بعجز ردّها".
بسام خليل فرنجية
**
رسالة إلى رابطة إحياء التراث العربي
29/11/1988
تحياتي ومودتي
استلمت رسالة الرابطة التي تحمل توقيعكما الكريمين، وأنا أشعر بالفخر والإعتزاز بالمواقف القومية الانسانيّة الرائعة التي تقومون بها تكريماً لأدباء أمتنا العربية الأحياء والشهداء منهم.
وأن الرسالة الأدبيّة ـ حسب تعبيركم ـ التي أخذت الرابطة مهمة الإضطلاع بها ونشر لوائها في أقصى أصقاع الدنيا، هي مفخرة ورسالة إنسانيّة عظمى، ستنير الطريق أمام باقي الجاليات العربيّة في أوروبا وأميركا وأفريقيا، وتحثّها على الإقتداء بكم.
وإن فخري ليزداد عندما تكرمون الشعر العربي من خلال تكريمي في أمسية حارّة أثارت إعجاب الذين قرأوا جريدة القبس الدولي في كل أرجاء المعمورة، وإنه لشرف عظيم لي أن أمنح جائزة جبران العالميّة من رابطتكم المناضلة من أجل غد عربي مشرق.
فشكراً لكما".
عبد الوهاب البياتي
**
قصيدة ألقيتها في سيدني بمهرجان أدبي أقيم باسم الشاعر العملاق عبد الوهاب البياتي
مُنذُ الوُجُودِ، خُلِقْتِ يا بَغْدادُ لي
أحْبَبْتُ وَجْهَكِ.. وَالْغَرامُ حِكايَةٌ
مِثْلَ الدِّماءِ تَدَفَّقَتْ بِمَفاصِلي
لَوَّنْتُ بِالشَّفَقِ الْجَميل شَوارِعاً
خِلْتُ الشَّوارِعَ أمْسَكَتْ بِأنامِلي
كَمْ مِنْ قَصائدِ حُبِّنا غَنّى الْهَوَا
وَتَشامَخَتْ فَوْقَ الرُّبوعِ مَنازِلي
قَسَماً بِحُبِّكِ.. إنْ تَكَحَّلَ مَوْطِنٌ
إلا بِدَمْعِ الْعَيْنِ لَنْ تَتَكَحَّلي
لا لَسْتُ أَنْسى يَوْمَ جِئْتُكِ مُغْرَماً
وَتَراقَصَتْ قُرْبَ الفُراتِ جَداوِلي
وَتَهامَسَتْ أَمْواجُ دِجْلَةَ: ها أنا
ماءُ السَّعادَةِ.. غُبَّنِي بِتَمَهُّلِ
أَوْدَعْتُ فيكِ طُفولَةً يَحْلو لَها
أن تَسْتَبيحَ عَواطِفي وَتَأَمُّلي
إسْمِي على شَفَةِ الصباحِ كَتَبْتُهُ
إبْنُ العراقِ أنا.. أنا.. إنْ تَسْأَلِي
مَهْما ابْتَعَدْتُ.. لَنْ أُطيلَ تَشَرُّدي
فَتَأَلّقي، وَتَزَيّنِي، وتَدَلَّلِي
إِنِّي أُصَدِّقُ بَيْتَ شِعْرٍ رائِعِ:
"ما الْحُبُّ إلاّ لِلْحَبيبِ الأوَّلِ"
**
قصيدة ألقيتها في سيدني بمهرجان أدبي أقيم باسم الشاعر العملاق عبد الوهاب البياتي
ألله بالخير..
بهذه العبارة استقبلَني الراحلُ العملاق عبد الوهاب البياتي يومَ التقيتُه في بغداد عام 1987، كنت مدعوّاً الى مهرجان المِربد الشعري، فصعدتُ الباصَ لأذهبَ الى قاعة الرشيد كي أُلقيَ قصيدتي "أرضَ العراق أتيتك"، فإذا بي أجلسُ بقربه، فعرّفته على نفسي قائلاً: شربل بعيني من أستراليا. فأجابني وهو يسلّم علي: عبد الوهاب البياتي من العراق. فصحت بأعلى صوتي: أنت عبد الوهاب البياتي؟ فضحك وقال: لقد غيّرني التنقلُ بين الدول.. لا ألومُك إن لم تعرِفْني. فقلت له: لا.. لا.. ولكنك فاجأتَني، كنت أعتقدُ أنني سألتقيكَ في مدريد أو في أيةِ عاصمة أوروبية، فإذا بي ألتقيكَ هنا في بغداد. فأحنى رأسَه الشامخَ وقال: بغدادُ هي حبيبتي.. ألم تقرأ ما قال الشاعر: ما الحبّ إلا للحبيبِ الأولِ. فإلى روحه الطاهرة أهدي هذه القصيدة، التي لحنها وغناها الفنان العراقي اسماعيل فاضل:
بَغْدادُ أنْتِ حَبيبتِي.. لا تَخْجَلي مُنذُ الوُجُودِ، خُلِقْتِ يا بَغْدادُ لي
أحْبَبْتُ وَجْهَكِ.. وَالْغَرامُ حِكايَةٌ
مِثْلَ الدِّماءِ تَدَفَّقَتْ بِمَفاصِلي
لَوَّنْتُ بِالشَّفَقِ الْجَميل شَوارِعاً
خِلْتُ الشَّوارِعَ أمْسَكَتْ بِأنامِلي
كَمْ مِنْ قَصائدِ حُبِّنا غَنّى الْهَوَا
وَتَشامَخَتْ فَوْقَ الرُّبوعِ مَنازِلي
قَسَماً بِحُبِّكِ.. إنْ تَكَحَّلَ مَوْطِنٌ
إلا بِدَمْعِ الْعَيْنِ لَنْ تَتَكَحَّلي
لا لَسْتُ أَنْسى يَوْمَ جِئْتُكِ مُغْرَماً
وَتَراقَصَتْ قُرْبَ الفُراتِ جَداوِلي
وَتَهامَسَتْ أَمْواجُ دِجْلَةَ: ها أنا
ماءُ السَّعادَةِ.. غُبَّنِي بِتَمَهُّلِ
أَوْدَعْتُ فيكِ طُفولَةً يَحْلو لَها
أن تَسْتَبيحَ عَواطِفي وَتَأَمُّلي
إسْمِي على شَفَةِ الصباحِ كَتَبْتُهُ
إبْنُ العراقِ أنا.. أنا.. إنْ تَسْأَلِي
مَهْما ابْتَعَدْتُ.. لَنْ أُطيلَ تَشَرُّدي
فَتَأَلّقي، وَتَزَيّنِي، وتَدَلَّلِي
إِنِّي أُصَدِّقُ بَيْتَ شِعْرٍ رائِعِ:
"ما الْحُبُّ إلاّ لِلْحَبيبِ الأوَّلِ"
**