شربل بعيني علامة فارقة في بستان الشعر المهجري


مقدمة بقلم شربل بعيني
   "رفاق غربتي الطويلة بإمكاني أن أعدهم على أصابعي، إذ ليس كل من تعرّفت عليه أو التقيته، أو تعاملت معه، أو كتب عني، أو كتبت عنه، يكون من رفاق دربي، ولهذا أجدهم أقل من رغبتي بهم. وبين هذه القلّة تشعّ ابتسامة أخي شوقي مسلماني".
    هذا ما كتبته عن صديق غربتي الطويلة الاستاذ الشاعر شوقي مسلماني في مقال تناولت فيه كتابه "كونين لطائف وطرائف"، الذي جمع فيه ابتسامة وحكمة ابناء قريته الجنوبية الشامخة "كونين".
   "وشوقي.. بجمعه لهذه النوادر كان جريئاً وصادقاً لأبعد حدّ، كونه يعيش في بلاد تخطت ثقافتها المحجوب من الكلام، وأصبح كل شيء عندها حلال، ولهذا شدني أسلوبه السلس المرح الى قراءة الكتاب عدة مرات.. وأتمنى أن يحذو البعض حذو شوقي مسلماني ويحفظوا نوادر وطرائف أهالي قراهم كما حفظها هو، فلقد كان السبّاق الى ذلك، وما علينا سوى التشبّه به". 
ولشوقي العديد من الكتب أذكر منها:
ـ أوراق العزلة 1995
ـ حيث الذئب 2002
ـ من نزع وجه الوردة 2007
ـ لكل مسافة سكان أصليون 2009
ـ أحمرة وحمران 2010
ـ محور مائل 2011
ـ قبل الموجة التالية 2012
ـ كونين لطائف وطرائف 2013
ـ شربل بعيني: علامة فارقة في بستان الشعر المهجري 2014
   ومن الغبن حقاً، أن نعتقد أن المؤلفات التي ذكرت هي كل ما أنعم به شوقي على أدبنا المهجري في أستراليا، لأن المقالات التي نزفها قلمه على صفحتنا الاغترابية، لو جمعها لزينت عشرات المجلدات.
   ومن منا لا يعلم ما لشوقي من أياد بيضاء على إعلامنا المهجري، فلقد كتب وما زال يكتب مقالات اسبوعية رائعة، في العديد من الصحف والمجلات الورقية والالكترونية، هنا وفي الخارج، ومن ضمنها موقع "الغربة".
   وعندما منحتني الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لقب أمير الشعراء اللبنانيين في بلاد الانتشار، قامت قيامة البعض علي ولم تقعد، إلا عندما تدخّل قلم شوقي المشرق لينهي الموضوع لصالحي طبعاً، فلقد نشر في جريدة "أميرة" التي كان يرأس تحريرها استفتاء مذهلاً حول إمارتي الشعرية، كتبت على أثره مقالاً أقتطع منه الآتي:
   "الإستفتاء الذي أجراه رئيس تحرير مجلّة "أميرة" الصديق شوقي مسلماني حول إمارتي الأدبيّة، كان رائعاً شكلاً ومضموناً.. وبعيداً كل البعد عن فلسفتنا الإجتماعيّة (مسّحلي تا مسّحلك).. إذ أنه اختار أناساً لا أعرفهم، ولـم ألتقِ بهم، أو ألقِ عليهم ولو تحيّة عابرة".
   وبعد أن أوجّه تحيتي وشكري الى جميع الشرفاء الذين استفتاهم، أختم مقالي بهذه العبارة الصادرة من القلب:
   "وأخيراً.. إلى الوفي الأكبر شوقي مسلماني أقول: عندما استلمت مجلّة (أميرة)، ووجدت صورتي على الغلاف الملوّن.. لـم أفاجأ ابداً، لأنني أعرف معدنك.. وأعرف أنّك من القلائل الذين تجتاحهم العظمة، من شعر رؤوسهم حتى أصابع أرجلهم. ولكنني همست لنفسي وأنا أتطلّع بإخراج الغلاف الرائع: مسكين شوقي.. سيكون أول سؤال يوجّه إليه: كم دفع لك شربل بعيني لتبرزه هذه البرزة التاريخيّة. أنا أعرف جوابك يا شوقي.. أعرفه جيّداً فلا تحبسه في قلبك.. أطلقه في الريح، ليتعلّم الآخرون كيف يكون الوفاء. أحبك".
    وإن أنسى لا أنسى تلك الحادثة الطريفة التي وقعت لي مع شوقي أثناء الحرب اللبنانية اللئيمة البشعة، أي منذ أكثر من ثلاثين سنة، فلقد أراد أن  يصالحني مع أحد الذين سرقوا قصائدي ونشروها باسمهم.. فأتى به إلى منزلي عند منتصف الليل، ليبدي أسفه أمامي. والمضحك في القصّة، أن والدتي، رحمها اللـه، طلبت منّي عدم فتح الباب، لأن الحالة الأمنيّة  في لبنان كانت متوترة، ومن يدري فقد أتعرّض للإغتيال!! فصحت وأنا أمترس خلف الحائط:
ـ من هذا؟
ـ شوقي..
ـ شوقي مَنْ؟
ـ شوقي مسلماني.
   فضحكت، وضحكت والدتي، التي كانت تحمل بيدها عصاة المكنسة، واستقبلنا شوقي وصحبه أجمل استقبال، وأرجلنا ما زالت ترتجف من الخوف.
   لقد كتبت الكثير عن شوقي، شعراً ونثراً، ولكن الأبيات التي ما زلت أرددها، تلك التي ألقيتها في ندوة رابطة إحياء التراث العربي حول مؤلفاتي عام 1986، فلقد قلت:
وِالْمِسِلْمَانِي.. الأَيَّامْ
رَحْ بِتْرَدِّدْ أَقْوَالُو
ما بْيِرْضَى الْعِينَيْن تْنَامْ
وْشَعْبُو عَمْ يِتْقَاتَلْ هَيْكْ
وْيَاكُلْ مِنْ لَحْم طْفَالُو
   ما أجمل أن يلتقي الانسان 
في غربته، 
إنساناً آخر 
يعرف كيف يخفف عنه الألم، 
وقد التقيت، والحمد لله،
بأشرف الناس، 
وأحبهم الى قلبي، 
ذاك الذي لم يتغيّر، 
ولم يتلوّن، 
ولم يشكك أبداً بصداقتي 
ومحبتي له. 
انه ابن الجنوب البار، 
ابن كونين البطلة، 
أخي وصديقي شوقي مسلماني.
   وها أنا أعيد له بعض ما أهداني من مقالات لم أتمكن، وللأسف، من جمعها كلها، لظروف صعبة مررت بها، ولساني حالي يردد: 
شكراً 
يا 
شوقي.
**
أقل ما يقال بالشاعر
   اعلنت لجنة احياء التراث العربي التي يرئسها الزميل كامل المر عن اقامة ندوة ثقافية تبحث في قصائد شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني، يشارك فيها نخبة من المثقفين وعشّاق الادب.
   من جهتنا.. نهنىء انفسنا وكل ابناء الجالية العربية بالشاعر شربل بعيني، لأنه شاعر مرهف أولاً، ولأنه عربي ثانياً، ولأنه منفي مثلنا في بلاد الاغتراب ثالثاً.
   يقولون عن شربل بعيني انه سليل طائفتين عريقتين في لبنان، وكل ابن طائفة يحب ان ينسبه الى طائفته، ولسان حال شربل يقول: أنا ابن كل طوائف لبنان، وأنا لا علاقة لي بكل طوائف لبنان. 
   أنا ابن كل الطوائف اللبنانية عندما يجتمعون في حب الوطن، وتقديس الانسان، والايمان بحريته الشخصية وبالديمقراطية، وعندما يكون شعارهم: الدين للـه والوطن للجميع.. لا فضل فيه لفرد على فرد إلا بمدى اخلاصه للوطن.
   وأنا لا علاقة لي بكل الطوائف في لبنان، عندما يكونون طوائف وأمراء وعسكراً متذابحين.
   فهلمّ يا عشاق الادب لنشارك جميعاً لجنة احياء التراث العربي ندوتها القيمة عن شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني.
 النهار ـ العدد 506 ـ 12/9/1986 
**
الدنيا هيك 1
   الشاعر شربل بعيني الذي ينظم في هذه الأيام قصائد مديح بالإمام علي بن أبي طالب، وينشرها في إحدى الصحف العربية، يحظى باسم جديد يطلقه عليه الشاعر فؤاد نعمان الخوري: شربل علي البعيني.
النهار، العدد 709، 11/7/1991
**
الدنيا هيك 2
   ورد سابقاً في زاوية "الدنيا هيك" أن الأديب جاد الحاج هو أول من قدّم فكرة حفل "توقيع كتاب" في أستراليا، عندما قام بتوقيع كتابه "دارج" في أشفيلد تحت رعاية التجمّع الثقافي اللبناني ـ سيدني.
   الاستاذ كامل المر رئيس رابطة إحياء التراث العربي يرى غير ذلك قائلاً إن أول حفل توقيع كتاب أقامته رابطة إحياء التراث العربي ـ أستراليا وليس غيرها.
   والمصادفة أنها أقامت حفل التوقيع بمناسبة صدور رواية "الأخضر واليابس" التي كتبها أيضاً الاستاذ جاد الحاج.
   يبقى أن التصويب لم يتم عبر اتصال هاتفي أو شخصي بكاتب "الدنيا هيك" الذي يرحب ممنوناً بكل معلومة تصل لديه. إذ ارتأى الاستاذ المر أن يعلن ذلك بمناسبة أدبية أقامتها الرابطة احتفاء بصدور كتابين جديدين للشاعر شربل بعيني ـ سيدني، والأديبة نجاة فخري مرسي ـ مالبورن.
   "الدنيا هيك" تلفت إلى أن ما يرد فيها ليس في عصمة بل قابل للنقض أو التصحيح على أن يكون ذلك بروح الزمالة والمحبة.. والإفادة من وراء القصد.
النهار، 20/2/1992
**
الدنيا هيك 3
   ذكرت "الدنيا هيك" مؤخراً أن الأديب جاد الحاج أول من أقام "حفل توقيع" في سيدني بمناسبة صدور كتابه "دارج".
   وسبق أن نشرت أيضاً رد الاستاذ كامل المر الذي يقول فيه إن أول "حفل توقيع" هو من صنع رابطة إحياء التراث العربي وليس غيرها، ذلك عندما وقّعت كتاب "الأخضر واليابس" الذي صدف أن كان لجاد الحاج أيضاً.
   هذا الأسبوع تلقينا من شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني رسالة حول ذات الموضوع، نقتطف منها:
الأستاذ المسلماني..
   والله لو كان الشيطان الرجيم أول من وقّع كتبه العربية لاعترفت له بذلك..
   أما من هو أول من وقّع كتاباً في أستراليا فإنه شربل بعيني شاء من شاء وأبى من أبى.. وكان اسم الكتاب "الغربة الطويلة" 1985.
   وبعدها وقّع الاستاذ كلارك بعيني كتابه "شربل بعيني بأقلامهم" 1986.
   والاستاذ نعيم خوري وقّع "قال صنين" أيضاً عام 1986.
   لولا احترامي لقلمك لما صححت لك معلوماتك، لأن الكتابة، أية كتابة، ولأي كان، أصبحت تنبع من الكراهية والحب لفلان أو فليتان.
آسف على الازعاج ـ شربل.
   يذكر أن الشاعر الصديق شربل بعيني أرفق رسالته الى "الدنيا هيك"، تأكيداً لما ذهب إليه، بصورتين إحداهما تغطية لندوة بعنوان شربل بعيني بأقلامهم، البيرق، العدد 5، 30 آب 1986. والثانية بعنوان أمسية شعرية للشاعر شربل بعيني ، التلغراف، العدد 1506، 22 آب 1986.
النهار، 5/3/1992
**
المدى.. هو خطوك
   أيتها السيّدات.. 
   أيّها السّادة.. 
   أيها الحضور الكريم..
   لأكتب هذه القطعة المتواضعة في صديق الغربة الطويلة شربل بعيني، كان عليَّ أن أدخلَ من باب هذه المناسبة، أو من باب ما قرأت له من شعره، أو أن أدخل من باب خفيٍّ إلى روحه. ولأن هذا الباب الثالث هو الأصعب.. ولجته:
ـ1ـ
المدى..
هُوَ خطوُكَ
تَتَفتَّحُ في المسافةِ البراعمُ
كُلُّ عَينٍ تَتَّسِعُ
وَكُلُّ فَمٍ يُغَنِّي..
ـ2ـ
تَقُولُ:
يَا بَحْرُ اتَّسِعْ أَيْضاً..
لِلْمَعاوِلِ شَرَاراَتٌ
للشَّجَرِ نَسَائِمُ..
وَللبَحْر قُدْسِيَّةٌ..
أجراسٌ، أطفالٌ،
فَرَحٌ
وَمَلائِكَةٌ
لِلْجُموع أَلاَّ يُمْسِكَها فَردٌ
لِلفردِ أَلاَّ تَطْغَى عَلَيْه الْجَماعة.
ـ3ـ
تقولُ:
كوني رفيقتي يا سماء
يا صوتُ كُنِّي
يا حُلمُ احْلمْنِي!
ـ4ـ
معاً نحنُ
عُصفور ذهب
وناي قصب
هَداهد
وبحيرات زرق
صنيعُكَ
هو يدُ الأحلام
ضحكةُ الزمان
لمعانُ الشهب
في الليل العالي
هرجُ البحر ومرجُه
.. وحكمتُه الرصينة.
فيك تغرّد البلابلُ
وترعى الغزلان النسائم
ـ5ـ
أقطف الأحلام
وأملأ سلّتَك ضحكاً..
ـ6ـ
أيُّ عمرٍ
معاً!!
سيدني2000
**
أميرة تستفتي حول "أمير": شربل بعيني شاعر الهم الإنساني والوطني بامتياز
  جائزة التقدير التي حازها الشاعر شربل بعيني من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ـ فرع أميركا الشمالية، أثارت أكثر من رد فعل في سيدني، فمنهم من هنّأ ومنهم من انتقد. وقال الاستاذ جوزيف بو ملحم صاحب جريدة صدى لبنان سابقاً، وصاحب مطبعة راليا برس راهناً محقاً: "أن شعر شربل قد لا يعجب البعض، وهي وجهة نظر، فما الضرر أن تعلن الجامعة في أميركا الشمالية أن شربل هو أمير الشعر في المهجر لعام ألفين؟".
   وفي مجلة "أميرة" وجدنا أن السجال الذي دار في الصحف العربية المحلية حول الجائزة هو ظاهرة صحية بشرط أن يبقى هذا السجال في دائرة الأدب والنقد البناء لا الهدام المكروه من الجميع.
   حول الجائزة التي حازها شربل استفتينا البعض من ذواقة الأدب والشعر ورؤساء جمعيات ومؤسسات فاعلة، فكانت الأجوبة على النحو التالي:
القاص أنطوني ولسن:
   لا أحد يستطيع أن ينكر فضل شربل بعيني على الأدب في أستراليا والأدب العربي المهجري تحديداً: أولاً لأنه أحد أبرز مؤسسي النشاط التراثي في هذه الديار. ثانياً هو من أكثر الشعراء إنتاجاً. ولشربل فضل علي أنا. هو الذي شجعني على النشر، وأعتقد جازماً أن كلمة أمير قليلة عليه، رغم أنها جائزة معنوية، فلماذا لا نشجع بعضنا البعض لوجه الأدب؟.
رئيس الجامعة الفلسطينية حيدر سعيد:
   يكفي شربل بعيني فخراً أنه كتب قصيدته الرائعة الأخيرة عن انتفاضة شعبنا في الأرض المحتلة، وأنا أتمنى أن تصل هذه القصيدة الى شبابنا هناك ليعرفوا حجم التضامن معهم عالمياً.
   أكثر ما أقرأ انتاج شربل في مجلة "أميرة" التي تقف الى جانب شعبنا الفلسطيني بشجاعة نادرة. 
   أقول ألف مبروك للشاعر شربل بعيني، وأتمنى أن تكرمه الانتفاضة بجائزة مماثلة.
رئيس جمعية بنت جبيل ورئيس مجلس إدارة "أميرة" د. خليل مصطفى:
   شربل إنسان اجتماعي وتربوي، وفيه مواصفات أخلاقية قد نفتقدها في كل أستراليا.
   شعره ثاقب وفيه مضامين بالغة ، وأسلوبه جيّد ولاذع ومتصل بالواقع.
   أنا أقول لشربل ألف مبروك الجائزة التقديرية، ونحن في جمعية بنت جبيل نحضّر لتكريمه على طريقتنا الخاصة.
رياض الأشقر: قارىء ومثقف وطني:
   الحقيقة أقول إني لم أقرأ كل انتاج الشاعر شربل بعيني لكني أقرأ له ما يرد في "أميرة".. وعلى هذا الصعيد أقول انه لو لم يكن شربل يستحق الجائزة على الأقل من وجهة نظر الاخوة في أميركا الشمالية لما قدموها له.
الشاعر الياس فرحات:
موحداً كنت أم مشركاً فذنبك واحد 
ان كنت بين الناس غير موحد
فأنا لا أصدق أن لصاً مؤمناً
أدنى الى الله من شريف ملحد
   بهذا المعنى أفهم أن الشعر يؤدي أغراضاً وله مواقف، وبالتالي أنا أهتم بالشعر من هذه الناحية وأرى تكريم شربل بعيني هو تكريم للشعر البعيد عن الطائفية المذمومة.
رئيس مجلس الجالية اللبنانية د. مصطفى علم الدين:
   شربل بعيني شاعر مهجري بكل معنى الكلمة، دواوينه مقروءة، وهو يعرض المسرحيات سنوياً، وكان صاحب مجلة واسعة الانتشار. إذن شربل ابن القلم وأنا أحب إنتاجه كله، فهو جريء ووطني ومحبوب من الجميع.. وحين أصدر ديوانه "مناجاة علي" خلق في سيدني مناخاً تضامنياً بين أبناء الجالية على أعلى مستوى.
   أهنىء شربل على جائزة الجامعة في اميركا الشمالية، وأقول له مبروك مدركاً أن الأديب في المغتربات يعاني من البعد عن الوطن حيث أصل اللغة.
أكرم حناوي، رجل أعمال ومثقف وطني:
   لماذا التجريح أو الزعل؟ 
إذا أعضاء الجامعة في أمريكا وجدوا أن شربل بعيني يستحق التقدير فهذا أمر مشكور منهم، وهم أحرار.
   أنا أسمع بشربل بعيني منذ زمن بعيد، وهو ليس بطائفي، إنما ينظر الى الأمور بموضوعية عموماً. كذلك أعتقد أن هذا اللقب سوف يلقي على كاهله أعباء كبيرة، ولربما هذا التكريم له سوف يدفعه الى كتابة الأفضل دائماً، فلنشجعه بدل أن نحطّمه.
انتصار نصرالله، كاتبة ومتعهدة حفلات:
   يقول المفكر: دعني أقوم شعباً من خلال أغانيه. ويقول آخر: اعطني مسرحاً أعطيك شعباً. والشعر أيضاً هو واحد من الفنون ذات التأثير الهائل على حياة الناس. وقد سمعت بشربل بعيني.. لكن أهم ما سمعت عنه أنه علماني بعيد عن الطائفية، وأنا أبارك له الجائزة، وسعيدة جداً أن أسمع أن في المغتربات من يكرم الابداع.
ميشال سعادة، مذيع في اذاعة 2000 أف إم:
   أنا لم أقرأ شربل، ولكني التقيته، فهو رجل عاقل.. ورأيت بعضاً من كتبه في المكتبات. 
   عموماً، للجائزة التي حازها أثر ايجابي. 
   شربل بعيني أعطى، ولا بد أن جماعة أميركا الشمالية وجدوا انه يستحق التكريم فكرموه، ولمَ لا؟
   ألف مبروك للشاعر وأتمنى له النجاح تلو النجاح.
زهوت حب الله، ذواقة أدب ومثقف وطني:
   قرأت شربل، وخصوصاً ديوانه "مناجاة علي" وبعض ما يكتبه في الصحف المحلية، وعموماً يمكن القول ان شربل غزير الانتاج شعراً ومسرحاً، وأنا أهنئه على الجائزة، إنما أقول إن الأديب الحقيقي لا يغضب من النقد الذي قد يوجّه إليه، فالنقد أمر طبيعي ومنه ممكن الاستفادة لتطوير أنفسنا.
د. علي بزي، ناشط اجتماعي وكاتب وذواقة شعر:
   ما أكثر ما قرأت الشاعر شربل بعيني، وخصوصاً ديوانيه "قرف" و"مناجاة علي" الذي ترجم لأكثر اللغات.
   شعر شربل واضح، صريح، جريء، وطني، ولا غبار عليه. وإذا سألتني عن شخص الشاعر البعيني فأقول انه محبوب من أبناء جميع الطوائف اللبنانية في المغترب. وبدوري أقول له بمناسبة حيازته جائزة إمارة الشعر في الاغتراب: قليلة عليك الإمارة يا شربل.. وألف مبروك.
هادي ماهود، مخرج سينمائي:
   قرأت قصائد ومقالات أدبية لشربل بعيني في مجلة "ليلى" التي كان يصدرها سابقاً، والآن أقرأ له في مجلة أميرة.. وعموماً إن تقديم جوائز تقديرية لمبدعين مغتربين هي خصلة من خصال الامراء. 
   وإذا تسألني عن الجائزة التي حصل عليها شربل من أميركا الشمالية، اقول إن لقب الامارة مسؤولية كبيرة خصوصاً وان المغتربات تعج بالادباء والشعراء المغتربين الكبار، ولست هنا بوارد ذكر الأسماء.
   أخيراً، مبروك لشربل الجائزة، ومبروك لكل مبدع مغترب سلفاً أن يحصل على جائزة مماثلة.
حسين الحاج، ناشط اجتماعي وسياسي:
   مبدئياً لست مؤهلاً لإبداء رأي نهائي بأي شاعر، ولكني أقرأ لشربل بعيني.. فهو لم يخرج في أغلب ما كتب ويكتب عن الهم الاجتماعي والانساني ويكفيه شرفاً بهذا.
   وأنا أدعم شربل كي يكون قدوة للكتاب ليكونوا على قدر كبير من المسؤولية تجاه قضايا بلادهم.
   وبفخر أهنىء شربل على جائزة الامارة من جماعة أميركا الشمالية، فنجاحه هو نجاح كامل للجالية اللبنانية والعربية في المغترب الاسترالي.
سعيد الدهان، رابطة الفنانين العرب:
   سبق وأبديت رأيي بشربل، فهو شاعر ممتاز، ويكتب بنبض القلب.
   ألف مبروك له إمارة الشعر في الاغتراب.
جوزيف بو ملحم، صاحب مطبعة راليا برس:
   أقول مبروك لشربل بعيني على الجائزة من أعماق قلبي، فهو إنسان ممتاز.
   أعرف أنك بالشعر لا تستطيع أن ترضي الجميع.
   أخلاقياً: شربل هو رقم واحد، وهو أكثر الناس إنتاجاً في هذا البلد شعرياً، ومسرحه يعرض سنوياً في "سيدة لبنان" فيما غيره يكتب إنما لا يطبع.
   لماذا نحن نعترض إذا ربحت أنت جائزة؟ أحيلك على الحسد.
أبو أنيس غانم، كاتب وذواقة شعر:
   نعم أنا أقرأ شربل بعيني، وأحب شعره، ومبروك عليه الجائزة.
   شعره ينضح بالوطنية وهو كاتب جريء ويستحق التقدير.. وأنا أقول:
بتستاهل التقدير يا شربل بعيني
شعرك أدب والأدب زينه
انجينا نزين الشعر بعينة الميزان
ألف شاعر بعينه وشربل بعينه
مجلة أميرة، العدد 12، كانون الثاني 2001
**
تقديم شربل بعيني
   لسنا نقرظ شربل بعيني لو قدّمناه على شعراء المهجر عندنا، وهو الأحقّ بالتقديم، لأنه المرهف بأحاسيسه فعلاً، ولأنه الإنسان الذي يواكب مأساة شعبه فيبكي لأحزانه، ويثور ثورة كريم على جلاّديه، ويقول كلمته بأعلى صوته، فلا يخاف لائـماً، ولا يخاف فريسيّاً، ولا يخاف عسكراً، ولا يخاف إلاّ أن يقول بنو وطنه: كنّا نموت جوعاً وويلاً وظلماً، وكان شربل يغضّ طرفاً، وكان مساوماً، وكان صامتاً.
   كلمة نقولها، وما تفي شاعر الغربة حقّه، ولكن حقّه علينا أن نقول في شعره ما يجب أن يقال لا ذماً ولا مديحاً، ولكن قولاً نقدّاً يصوّب بوصلته، ويوجّه سيره في الإتجاه الصحيح.
 ندوة رابطة إحياء التراث العربي حول شعر شربل بعيني، 1986
**
جميل ديوانك "فافي" يا شربل بعيني
جميل.. 
جميل.. 
جميل.. 
صديقي في مركب الغربة الطويلة شربل. 
كيف "سيدني" تضجّ بجموعتك "فافي" 
وأنا كأنّي حديدان ليس في الميدان؟ 
والأصدقاء يقولون في "فافي" شعراً، 
ويقولون في "فافي" نثراً، 
والكل مثلما يردّد عنتر وعبلة، 
وقيس وليلى، 
وجميل وبثينة، 
وكثير وعزّة، 
وعصام وعليا، 
وروميو وجوليات، يردّد: "شربل وفافي" 
وأنا كأنّي صمّ بكم عمي؟ 
يا لتعاستي، 
كأنّي الزوج المخدوع.. 
آخر من يعلم. 
والله يا شاعر فافي الجميل، 
بل الرائع، 
رمتني الأيّام أخيراً بسيل من الهموم، 
وجعلت سدّاً بيني وبين أحبّتي 
الذين منهم في الطليعة شربل الصديق الراقي. 
شكراً لموقع الغربة 
وبريده الجميل الذي طار إليّ بجناحي "فافي".
أنا لا أجلس إلى الكومبيوتر، 
صديقي،
يا صانع الفرح، 
أكثر من ساعة، 
بسبب من الألم الرابض على ظهري، 
وعلى الرغم، 
ها أنا أجلس إلى الكومبيوتر، 
أقرأ "فافي" منذ ثلاث ساعات، 
ولا ألم ولا من يتألّمون. 
بركاتك يا فافي.
 سيكون لمجموعة "فافي" أيّها الغالي شربل، 
قوس نصر في قلب كلّ حبيب وحبيبة، 
وصديق وصديقة، 
وأخ وأخته، 
وشاعر وشاعرة، 
وكلّ ذوّاقة للشفافيّة والرقّة والجرأة، 
وللشعر الطفل والناضج في آن. 
ألف ألف ألف مبروك..
 يا شاعر القلوب، 
صديقي شربل بعيني.
سيدني 2013
**
سؤال وجواب
سؤال شوقي:
   المقاربات السياسيّة للأحداث في لبنان تختلف من كاتب إلى آخر بحسب الموقع والمنطلقات والمشارب الروحيّة والوطنيّة والفكريّة وإذا يوجد إجماع على حبّ لبنان والإنتصار للبنان بوجه كلّ طامع بأرضه ومياهه، كما بوجه كلّ من يهدّده بوحدته وأمنه واستقراره، فهناك إجماع في الوقت ذاته حول الحيرة من أمر قادته السياسيين الذين بعضهم لا يزال أسير مفاهيم طائفيّة، وبعضهم لا يزال أسير مفاهيم إقطاعيّة،  وبعضهم أسير المصالح الخاصّة، فيما قلّة هم الساسة أصحاب المواقف الذين يؤثرون مصلحة الوطن ككلّ على كلّ مصلحة.
ومن ضمن هذه الخلفيّة تمّ توجيه السؤال التالي إلى عدد من الكتّاب: "منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق الراحل رفيق الحريري بالتزامن مع صدور القرار الدولي رقم 1559 ولبنان يعيش حال من الزلزال السياسي وجاء الغزو الإسرائيلي للبنان بتاريخ 12 تمّوز 2006 باعتباره الفصل الأعنف إبّان هذا الزلزال ما هو رأيك بما يجري؟ هل لبنان متّجه إلى انفراج أمني واقتصادي واجتماعي؟ أم متّجه إلى ضيق؟. ما هو رأيك بالسياسيين اللبنانيين، ومستوى إدائهم السياسي عموماً.
 جواب شربل بعيني (شاعر ورئيس تحرير مجلّة غربة)
   لبنان ومنذ بزوغ فجر استقلاله يعيش تقلبات سياسية موجعة لدرجة قيل معها: كل عشر سنوات هناك حرب أهلية في لبنان، وما نراه اليوم هو إمتداد لتلك التقلبات، لن يتغيّر ما لم يتغيّر نظام الحكم الطائفي، وتلتغى المحاصصة الطائفية وتتلاشى الكانتونات الطائفية. لبنان كما نراه مقسّم طائفياً بشكل مقرف، فبمجرد أن تذكر إسم منطقة فيه حتى تنعتها طائفياً، لذلك نجد أن معظم سياسيينا لا يعملون من أجل مصلحة لبنان ككل، بل من أجل مصلحة مناطقهم الضيقة التي تعطيهم القوة والاستمرار. بكل الأسف أقول إن لبنان لن ينعم باستقراره ما لم ينعم باستقلاله، فالتدخلات الأجنبية تتلاعب به كما تتلاعب الرياح بأوراق الأشجار الخريفية، والنعرات الطائفية تقضّ مضجعه إثر كل غياب شمس، وزعماؤه الأشاوس لا تهمهم سوى مراكزهم، والويل لمن يتطاول عليهم، إنهم جبنة الوطن المعفنة الفاسدة، وعلينا أن نلتهمها باستمرار. 
   جريمة إغتيال الحريري يجب أن لا تمر دون عقاب، كي لا تحصل جرائم أخرى قد لا تصيب السياسيين بل أرباب القلم كما حصل مع مي شدياق وجبران تويني وسمير قصير وسليم اللوزي وغيرهم، ولكنها ليست السبب فيما يحصل بلبنان، لأن لبنان كما قلت سابقاً، مبني على بركان طائفي ينفث حممه باستمرار ولن يتمكن متمكن من إخماده ما لم نبنِ المواطن العلماني الذي لا تهمه أولاً وأخيراً سوى مصلحة وطنه لبنان، كما أن اسرائيل ليست بحاجة إلى ذرائع كي تهاجم لبنان فأرضه مباحة لها ولغيرها، وهنا الطامة الكبرى، إذ كيف يقبل لبنان على إنفراج سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي وكل من فيه وكل من حوله أعداء له وإن اختلفت التسميات. لقد قال أحدهم: إنقاذ لبنان لن يتم إلا بإعجوبة، وأعتقد أن هذه الأعجوبة لن تتم إلا بأيدي الشرفاء من أبنائه، فتعالوا نعمل بإخلاص من أجل إنقاذه، إنه وطننا الذي لا وطن لنا في الشرق إلاه، نتطلع له وبه نحلم ومن أجله نشدو ونكتب وندمع.
المثقف، 5/12/2010
**
شربل بعيني يتعرض لإعتداء بسبب مقالاته
   اليوم الجمعة فجراً وفي تمام الساعة الرابعة بتوقيت سيدني استيقظ الزميل الكاتب والشاعر شربل بعيني على صوت صراخ وشتائم باللغة العربيّة مع تهديد بوجوب "إقفال فمه". 
   وفي تمام السادسة صباحاً تفقّد الزميل بعيني سيّارته المركونة أمام بيته المؤلّف من طابقين في محلّة ميريلاند فوجدها مغمورة بالبيض المحطّم دون غيرها من السيّارات. 
   وبعد عشرين دقيقة حضرت مفرزة من شرطة المنطقة وعاينت الحادث والتقطت صوراً وتمّ اصطحاب الزميل بعيني إلى مخفر شرطة ميريلاند لأخذ إفادته بعد إشاعات سرت وسط أبناء الجالية العربيّة الأستراليّة أن ما جرى، له علاقة وطيدة بمقالات بعيني في صحيفة إيلاف الألكترونيّة، التي تعيد الصحف العربيّة الأستراليّة نشرها نقلاً عن إيلاف، وجرى بالتحديد ذكر المقالة الأخيرة التي يتحدّث فيها بعيني عن تشكيل حزب سياسي إسلامي في أستراليا يطالب بحكم الأستراليين ضمن قوانين التشريع الإسلامي، والتي أعادت صحيفة المستقبل اللبنانيّة السيدنويّة، إعادة نشرها صبيحة يوم الأربعاء الفائت. 
   ومنذ صبيحة اليوم يتلقّى الزميل بعيني عشرات الإتّصالات الهاتفيّة من الأهل والأصدقاء والمحبّين للإطمئنان عن سلامته.
إيلاف 16 ايلول 2005
**
علامة فارقة في بستان الشعر المهجري
   "ألله ونقطة زيت" باقة شعر أخرى لشاعر الغربة الطويلة شربل بعيني، ضمّنها نوعاً آخر من تأملاته الطريفة حيناً، والمتطرفة حيناً آخر.
   وفي الحينين نقف مع شربل، ندعو له لا عليه ونقول: أحسنت. 
   الشعر كالسيف للسلم والحرب، ومن ينشد الكرامة لنفسه وشعبه وأمته يختبر كل الفنون إلاّ فن ال "لعم" "لا ونعم" للجهل والعبودية والارتزاق.
   كذلك هو شربل بعيني "لا" كبيرة، و"نعم" فقط للحب والخير والجمال.
   "ألله ونقطة زيت" كلمة على السطر، وكلمة على السوط، عين على المظلوم ويد على الظالم.
   أربع وعشرون قصيدة، علامات فارقة في بستان الشعر المهجري. جرأة نادرة. اقتحامات جديدة لمعاقل يعتقد أنها منيعة أو فوق الشكوك. أسئلة غريبة تتبعها إجابات واضحة. الشاعر فيها صريح، جريء، مقدام، يرى الداء ويصف الدواء، وينكر على القائلين بعجز الشعراء عن تقديم الحلول!.. كأني به "شربل" على صورته، يعرف الخاطئين، ويرسم لهم في بشارته طريق العدل، الذي لا ظلم فيه، ولا استغلال، ولا هلوسة، ولا تدجيل.
   وربما أيضاً كلمة تقال في المقدمة ـ المرافقة للكتاب، بقلم سيادة المطران عبده خليفة، فهي انتصرت للدين، بما هو الدين لخير الناس، يمنع عنهم غائلة العثرات، ويدفعهم إلى الخير العام، الذي ينتفع منه الجميع دون تمييز بين أتباع الدين الواحد، أو الأديان المختلفة.
   وهي أيضاً انتصرت للشاعر لترد عنه جهل الجهّال، فروّضت الديوان، بعد أن كان بريّاً متوحشاً، ولجمته بعد أن كان "جامحاً"، وحللته على الطريقتين، عمّدته ثم كبّرت عليه، بعد أن كان "كافراً" وكان "حراماً".
   يقال إن المطران أعطى الشاعر صك غفران، وكامل المر قبض على عنق الديوان، وشوقي مسلماني يقول: ألف مبروك.
   وكل "نقطة زيت" وأنت بخير يا شربل.
البيرق، العدد 84، 11/3/1988
**
قرفان
   في أعداد سابقة من صحيفة "البيرق"، نُشرت قصيدة "قرف" للشاعر شربل بعيني، يضمّنها ثورته على الذين يتاجرون بالكلمة والإنسان. وفي ما يلي قصيدة للزميل شوقي المسلماني بعنوان "طليان"، هي ردّ على "قرف" وتتمّة لها في آن واحد:
ـ1ـ
صارتْ قصّتنا قصّه
عَ كلّ شَفّه وكلّ لسانْ
والغصّه بعدا غصّه
من يوم الـ كنّا بلبنان
يوحنّا ما لُو خِصّه
ومحسن داير عَ النّسوان
قصّوا الشجره من نصّا
وقالوا بالتمّ المليانْ:
هيدي شغله من بّرَّا
عِملوها بوم وغربانْ
وْطلع الحقّ عْلَى الطّليانْ!
ـ2ـ
يا شربل خَفِّفْ عنَّكْ
ما تْعِيدا كلمة قِرفانْ
شو بدّن منّي ومنَّكْ
أسياد الحُكم بلبنانْ
عَ طول يْبَيِّنْ سنَّكْ
عُمرَك ما تغفَى زِعلانْ
وانْ هجمولَك عَ قِنَّكْ
وما خلّوا قِرقَه وْصِيصَانْ
قِلُّنْ بِالتِّم الْملْيَانْ:
واللـه عِمْلوها الطِّليانْ!
ـ3ـ
والطّاحونِه الْـ عَمْ بِتْعِنّْ
سامِعهَا ربّ الأكوانْ
مِنْقُولاَ عَ رُمح وْسِنّْ
نحنا الأبطال بْلُبنانْ
في عِنَّا شْعِير وْكِرْسَنّ
وْعَمْ نِطْحَنْ صَخْر الصّوّانْ
والطّاحُونِه ما بِتْكِنّْ
إِلاَّ عَ لَحم الأبْدَانْ
بَين الإِنْس وبَين الجِنّ
صرنا مَسْخرة الأَزْمَانْ
يا زَعامِه وْيا أخيارْ
بِتْبِيعُونا الْفِجل خْيَارْ
وْبتْقولوا: شَغْلِة طِلْيَانْ!
ـ4ـ
يا ستّار.. ويا لَطِيفْ
عَ الجِرْدَون وعَ السّعْدَانْ
عنّا سِيفْ وْعنّا لِيفْ
وما عرفنا نخلق إنسانْ
من بَرّا مْوَلّف توليفْ
ومن جُوَّا زفت وْقطرانْ
بينْ الْخِسِّه والتّزْيِيفْ
ضاعوا عْيارات الميزانْ
البُطل بْيِمْشِي مِتْل نْضِيفْ
العدل مْطَيْشَرْ بالبلدانْ
وكل خْرَيِّطْ وِخْرَيْطَانْ
يْقِلَّكْ: حَقّك عَ الطّلْيَانْ
ـ5ـ
وما دام الخَوْخَه بِتْصِيرْ
أَكبَر منْ كُوز الرّمّانْ
وِالْعَنْزِه السّودَا بِتْطِيرْ
فَوق رْبُوعَك يا لُبْنَانْ
شَعْبَك رَحْ يِبْقَى تِعْتِيرْ
الْحاكِم لَوْ أَيّاً مَنْ كَانْ
خنزير مْسنسَل خنزيرْ
أو دِيبْ الغابِه الفِلْتَانْ
الشّعب اللّي عقلو جنزير
حطّلوا قَشّ وبلاّنْ
بِتْقِلّلُو: سِر الحرْمانْ
إِقْطاعِي.. وإبن فليتانْ
عم بيتاجر بالأديانْ
ما بْيِفْهَم إِلاَّ.. الطّليانْ!
ـ6ـ
يا شربل.. رح بختِمها
عقلي من القِصّه تلفانْ
لكن مش رح إكتِمْهَا
كلمه.. أَقْوى من بُركانْ
بدَّك تِشْتِمْهَا.. اشْتِمْهَا
أُمِّه.. بْيِحْكِمْها الْخِصْيَانْ
لكن ما تقِلّلي بلبنانْ
خِربِتْ عِمْرِتْ.. طلْعِتْ نِزْلِتْ
كلّ الْحَقّ عْلَى الطِّليانْ!!
البيرق، العدد 678، 17 تمّوز 1993.
**
كلمة في ندوة حول أدب شربل بعيني
    أيتها السيدات، أيها السادة..
     سلام عليكم ورحمة من رب العالمين..
   يسر رابطة إحياء التراث العربي أن تلتقي بكم مجدداً عبر سلسلة ندواتها الأدبية، فتقدّم لكم في كل ندوة، أو أمسية، أديباً أو شاعراً، والأمل يحدوها للارتقاء بمستوى الكتابة العربية في المهجر الاسترالي الى مستوى من نبغوا من اللبنانيين خاصة، والعرب عامة، في العديد من بلاد الاغتراب، فساهموا مساهمة غنية وجادة في تطور ونمو اللغة العربية وآدابها منذ عصر النهضة حتى اليوم.
   وإذ يكون محور ندوة اليوم شاعراً معتبراً، طالما قرأتم أشعاره في الصحف المحليّة، فإن رابطة إحياء التراث العربي يهمها أن تؤكد على شاعرية شربل بعيني، ورهافة حسّه، وموهبته الأصلية، وقدرته الكبيرة على استنطاق ما لا يستنطق، واسترجاع الماضي صوراً حيّة تحاكي الحاضر، فتودعه كنوزها وحكمتها وعبرتها، كما وتؤكد على أن الشاعر يعيش حقاً حاضره بالتمام، وحاضر بلاده كلها، ومأساة أبناء جلدته المتعاقبة منذ العام 1975 حتى اللحظة.
   المأساة لم تتوقّف على فقد عشرات الألوف من الضحايا البريئة، وتشويه أضعاف عشرات الآلاف بالعاهات المستديمة، من مقطوعي الأيدي، ومبتوري الأرجل. ولم تتوقف عند دمار وخراب مدن وقرى كثيرة، ومؤسسات حيوية عديدة، صناعية وتجارية، ومرافق حكومية، بل تعدّتها لتدمر نفوساً، ولتأتي على مستقبل الكثيرين في العلم والمعرفة.
   من قلب المأساة، ومن وسط هذا الاعصار الذي يعصف في البلاد، استطاع شربل بعيني أن ينتشل مادته الشعرية، ويصبغ عليها بعضاً من أنفاسه الحارة، وروحه الطيبة، فأثّر وتأثّر، وحزن وأحزن، وثار وثوّر، فكانت كلمته ناراً على أسّ البلاء، وعلى مؤججيه من زعامات ليست بزعامات، ورجال هم أشباه رجال، وقيادات سادية تنتشي من عذابات الآخرين، وعصابات مسلحة في ثياب دين، وليست من الدين بشيء، وفي بذّات عسكرية ليس همّها إلا أن تحاكي وتناجي وتناغي أعداء بلادها بالقتل والنهب والسلب والتدمير.
   من قلب هذه العاصفة الهوجاء أيضاً، استطاع شربل بعيني أن يجعل من كلمته نوراً يضيء قنواتنا الى الحياة، وطريقنا إلى المستقبل، فشيع لدينا الأمل أن الباطل مهزوم لا محالة، وأن النصر حليف الجماهير، كل الجماهير المنكوبة بعيالها، وأرزاقها، وكرامتها قرُب اليوم أو بعُد.
   وإذ نفتتح ندوتنا الثقافية الليلة بكلمة إطراء وترحيب من مثقف ومؤسس في رابطة إحياء التراث العربي، عنيت به السيد إيلي ناصيف، فإننا نطمح لأن تقضوا معنا سويعات متميّزة بعطائها، وثمرها، حول شاعر الغربة الطويلة الانسان شربل بعيني.
صوت المغترب، العدد 903، 18/9/1986
**
كيف أينعت السنابل؟ أبيض وأسود في وريقات دفتر الغربة
   يبكي، يغضب، يثور، يتألّم، يناشد الحبيبة أن تفتح له ذراعيها لتقيه غائلة "الوحدة"، يسأل المدينة عن علامات فارقة يحملها وشم انتماء الى الارض التي ابتلعتها الحرائق، وتركتها سوداء، ليس غير الموت يجوب أطرافها، كأنه يبحث عن بقيّة باقية أسعفتها الصدفة، فهامت على وجهها لا تلوي على غير النجاة.
   عاقل، لأنه صاحب "دعوة الى الجنون".
   مبروك، لأنه يستمطر "لعنة الله".
   مشرّد في البلاد، يستشعر اليتم، فيناجيها أن تكون أمه، وممزق، فيسطّر "وريقات" في دفتر غربته عن الماء الذي في فمه، وعن لوح الزجاج الذي يتحطّم في داخله، لأنه إنسان تخلّت عنه السماء، فتناهشته الذئاب، ونهبته اللصوص، ورقد عاجزاً إلا عن رؤية الباطل يزهق الحق، والظالم يقاضي الضحيّة، والعبث الأسود يشرّع قوانينه الجديدة في إرم ذات العماد.
   شربل بعيني، شاعر، الطفل فيه حاضر دائماً، لأنه أصدق، لأنه لا يعرف المداهنة، أو اختلاق الأعذار والمبررات، ولأنه من طينة البراءة الأولى والحب الأول، لذلك يصرخ إذا تشكى، ويضحك إذا ناغجته أم حنون. أبيض وأسود، هكذا كل شيء، فإما الثورة على كل شيء، وإما اللعنة على كل شيء، ولا شيء بين الجنّة الموعودة للأنقياء والثائرين، وجهنم التي للمستكينين سواسية مع الظالمين، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وشربل لا يحب الشياطين، ولا الساكتين عن عبث الشياطين.
  "كيف أينعت السنابل؟"، كتاب شعري جديد لشاعر الغربة الطويلة، يحكي قصة عذاب شعب تقاذفته أيدي شر، فشردته "أيدي سبأ"، ولم يبقَ منه إلا شبه أطلال على مبان مزقتها قذائف، وحقول رعاها بوار، وجثث لضحايا أبرياء كانوا مثل كل البشر يحلمون بغد أجمل، فلم يأتِ، لأن أحفاد هولاكو وفرانكو لم يشأوا، فتوزعتهم أرصفة تخضّبت بالدم، لتشهد على بشاعة جريمة وحقارة أيدٍ لا تعرف إلا القتل والتدمير:
كي يصير الموت دوله
ترتمي، كالعار، في حضن أمير.
   وفي إحدى قصائد الكتاب "عرسنا استقلال"، يؤكد الشاعر نزاهته وصدقه، فهو لا يتهيّب، مهما كان، عن قول الحقيقة في فضح تجار "عصر المغاور"، الذين يوقعون بالفقير فـ"يعلبون لحمه، ويشربون دمه". وكيف يتهيّب؟ وكيف يهادن؟ وهو الذي حفظ وصاياها ـ المدينة، الأم، الحبيبة ـ محفورة على لوح قلبه:
أنت التي أوصيتني
ونهيتني
عن مسح جوخ الذلّ والعارِ
أو ابتياع الحقّ من أشداق سمسارِ
   فما أقبحهم، الذين يعدون ويكذبون، ويحكمون للظالم على المظلوم، ويزرعون الأرض، طولاً وعرضاً، ذلاً ونفاقاً وشقاقاً، وما كان ليصير لولا المداهنة والمراوغة، ولولا "حوت الكذب فينا"، الذي  "ما زال يبتلع الحقيقه"، كما ورد في "كيف أينعت السنابل؟" القصيدة عنوان الكتاب.
   شربل بعيني يتأوّه، يستصرخ، ويمتليء بالأنين والدموع والإحساس بالضياع، والغربة في معظم صفحات كتابه، الأفضل بين كتبه الشعرية، وهو يتوسل المدينة ـ الملجأ لو تكسر قيد يديه، وتعتقه، وتطلقه حراً بعيداً عن عسس السلطان وشرطته، والقبائل العائدة إلينا، والشعارات المزيفة، التي ترفع لواء العيش المشترك، لتغطي عورة الغبن والقهر، وترفع عقيرتها بالثقافة والحضارة والمدنية، لتخفي كل مظاهر الجاهلية فيها والتخلف والرجعية:
خلصيني من عشائرك
ومن عساكرك
ومن شعارات لئيمة
   مرة أخرى يطل علينا شربل بعيني بقصائد مؤثرة، تحبها "بهيسة"، ليحكي لنا قصة "كيف أينعت السنابل؟" وكيف تتناهش الضباع جسد الوطن الصغير، وكيف يثور الرجال الرجال على الذل والمهانة والاستصغار والجريمة.
   ومرة أخرى، يرفع شربل بعيني صوته ليضمّه إلى أصوات الشرفاء الذين يكرهون معادلة "خوف وغبن"، والذين ينتصرون للديمقراطية الحقيقية، والعلمانية، وللشعب، ليكون سيد قراره، فخوراً بين شعوب الأرض بأصالته، وعراقته، وتاريخه المجيد في صنع الحضارة الانسانية جمعاء.
البيرق، العدد 48، 26/1/1987
**
ملاحظات سريعة حول الشاعر شربل بعيني
     بعد قصيدته "لعنة اللـه علينا"، وبعد ندوة رابطة إحياء التراث العربي الأخيرة، تضاربت الأقوال في شعر شربل بعيني، وفي مصادره ومراميه. فقائل بيمنيّته وانهزاميّته، وقائل بيساريّته وثوريّته، وقائل بعدميّته وفوضويّته، وإلى ما شاكل.
   الثابت الوحيد، وهو لا شكّ فيه، أن الحرب قد أدمت الشاعر بويلاتها وأهوالها، وربما أصابت به الناس في عيالهم، وأرزاقهم، وأمنهم، وسلامهم، ووحدة وطنهم. ثـم ان الحرب قد أتت أيضاً على ما تبقّى من سعادة بني وطنه، ورغد عيشهم من جهة، وأوصدت الأبواب كليّاً بوجه المغتربين منهم، الذين يودّون العودة حنيناً إلى تراب البلاد، بعد هجرة وتهجير قسريين. والحال هذه، فإن الشاعر أراد أن يكون مرآة عاكسة وحسب لآلام هذا الشعب وعذاباته، فما كان منه إلاّ أن صرخ، وأول ما صرخ: أوقفوا هذه الحرب. وما كان منه إلاّ أن لعن، وأول ما لعن الحرب. وما كان منه إلاّ أن استنكر بشدة، وأول ما استنكر أن يقسّم الوطن ويجزّأ بين قبيلتين أو أكثر.
    في عرفنا ان القوى المذهبية الطائفية الانعزالية والمرتبطة بقوى خارجية، وبالتحديد اسرائيل، هي السبب في خراب البصرة، واشعال نار الحرب، وهي اول من اوقدها في الثالث عشر من نيسان العام 1975، وبالتالي فهي المسؤولة عن استمرارية الحرب الاهلية وكل مفاعيلها في اهدار ارواح كثيرة، وخراب بيوت عامرة، وتدمير نفوس بريئة، وتقسيمات جغرافية بين شرقية وغربية.
  من هذه الناحية، فإن غضبة شربل بعيني، ودعوته للكف عن الحرب والقتال، غضبة ودعوة إيجابية بعينها، فليس منّا من دعا إلى الحرب واحتكم للعنف، وليس منّا من ناصر شريعة الغاب، وليس منّا من لا يسعى لوقف هذه المجزرة، بعدما تفاقمت نيران الحرب، وتحوّلت في اتجاهاتها لتصير حرباً طائفيّة بامتياز بعدما كانت حرباً دموية من قوى يمينية متخلفة على قوى ديمقراطية علمانية تحمل لواء وحدة الوطن أرضاً وشعباً.
   غلطة شربل بعيني انه لم يستطع بعد ان يرى الجهة التي وقفت وراء الحرب، ودعت اليها تحت مختلف الحجج، لا بل الجهة التي تحتفل بيوم شرارة الحرب الاولى "13 نيسان عام 1975" على اعتبار هذا اليوم المشؤوم يوم بدء تحرير لبنان من الغرباء واليسار الدولي.
   وغلطة شربل بعيني انه لم يقدر حقيقة اليسار اللبناني ومطالبه العادلة بالاصلاح الديمقراطي في نظام متعفّن، متكلّس، كان سبب تهجيره شخصياً ودفعه الى الاغتراب هرباً من المحسوبية والرشاوى والفساد الاخلاقي والاداري.
   وأيضاً غلطة شربل بعيني انه لم يميز بعد بين القوى الديمقراطية العلمانية التي تجسّد بمشارعها وشعاراتها ما يطمح له هو ويتمناه، وبين القوى السياسية الطائفية المذهبية او الموسومة طائفياً في الساحة اللبنانية.
   لكل ذلك، واسباب اخرى حساسة جداً، فان شربل بعيني ضاع في لحظة غياب التمييز الواعي بين قوى الصراع، فاعتصم الى عقله الباطني برفض الحرب بالمطلق، ناقماً على الجميع، ولاعناً الجميع، ولم يدارِ لا اليمين ولا اليسار، وفي هذا الاطار شكّل شربل بعيني حياداً لذاته يمكن ان يوسم بالحياد الايجابي لجهة رفضه للحرب واستمراريتها بالذات.
   في هذه العجالة، يمكن الردّ على منتقدي بعيني العفويين، ويمكن القول بضرورة الأخذ بيده، فيرقى بشعره شكلاً ومضموناً، ومساعدته على تمزيق الغيوم الكثيرة المتلبّدة حول عالمه الخاص، ورائدنا بذلك قولنا: أن نضيء شمعة خير من أن نلعن الظلام.
النهضة، 25 أيلول 1986
**
مولود جديد لآل بعيني
   صدر الكتاب الرابع للاستاذ كلارك بعيني، بعنوان: شربل بعيني بأقلامهم.
   ومن المقدمة: "براءة شربل بعيني الكتابية حملته الى القمة، ورمته بين أحداق الكلمات"، لدرجة أصبح معها "عندما يقال شربل بعيني في أستراليا يعرف الجميع أن الشعر هو بيت القصيد".
   وفي الكتاب قصيدة مهداة من الشاعر جان رعد إلى شاعر الغربة الطويلة نقتطف منها:
ـ1ـ
يا شربل.. في بشر عن سوء نيّه
بكسر وفتح لعبوا بالهويّه
الـ فَتَحْهَا قال شاعر مجدليّا
الـ كسرها قال شاعر مجدليِّه
ـ2ـ
في بنت مراهقه كتابك وجدها
بقلبك عايشه.. وشعرَك عبدها
الصبيّه الـ حبّت الروح وجسدها
ما بدها ناس خلقاني لعددها
ما بتفرق التوبه من الْخطيِّه
ـ3ـ
وكتاب الرابع: الغربه الطويله
الهدف من هالمهمّه المستحيله
بشعرك ثور.. والثوره فضيله
الوطن شمشون والحاكـم دليله
وشعب مقصوص بمقص الضحيّه
   ألف مبروك لآل بعيني بالمولود الجديد: شربل بعيني بأقلامهم.
البيرق، العدد 143، 5/5/1989
**
نعود الى شربل عندما نفتقد الشرفاء
   للشاعر شربل بعيني الذي هاجر الى أستراليا منذ أكثر من عشرين سنة، والذي يلقّب بحق شاعر الغربة الطويلة، رصيد لا يستهان به من الحب الذي يكنه له أبناء الجالية اللبنانية والعربية هنا.
   ومبعث هذا الحب ليس غزارة انتاجه الشعري الذي يملأ الصحف الصادرة أسبوعياً في سيدني، وليس كثرة الكتب التي صدرت له، والمسرحيات التي أنتجها، أو مساهماته الفعالة في نشاطات رابطة إحياء التراث العربي وغيرها من الأنشطة الأدبية والشعرية، بالاضافة لكتابة الأغاني والاهتمام العميق بالاطفال الى حدود عبادتهم وتقديسهم.
   وليس أيضاً الطيبة التي يتحلّى بها، والتي تلازمه في عسره ويسره، بل قدرته الفائقة على الثبوت وعدم الانجرار وراء العصبيات الحزبية أو الطائفية، وصبره الطويل على الذين يحاولون النيل من موقعه الأصيل هذا.
   فمنذ العام 1975 حتى اليوم، أي منذ ابتداء الحرب الأهلية في لبنان وما رافقها من تذابح بغيض تحت مختلف الحجج الواهية، الى الزمن الراهن حيث تستمر اللهجة الطائفية البشعة بأثواب وأقنعة منوعة متباينة، وشربل بعيني ما يزال الشاعر الصامد على معتقده، القابض على الجمرة في حب الناس جميعاً، بغض النظر عن مشاربهم مهما اختلفت ومهما تنوعت.
   ويخطىء من يظن أن معتقد شربل الحب والتسامح وحسب، ولكن كما السيّد المسيح رفع الوردة الى الصدارة، ورفع الكرباج أيضاً بوجه لصوص الهيكل، فإن شاعرنا البعيني لم يتوانَ في مسلكه الشخصي، وفي قصائده، عن رفض البغضاء، بل دعا أيضاً الى مواجهتها ومكافحتها من وحي فلسفته في الحياة انه لا بد للوردة من الأشواك تحميها من عبث العابثين، ولا بد لبيوت الفضيلة والتسامح من أسيجة ترد عنها كيد المكيدين.
   والقصائد التي نظمها خلال السنوات الطويلة الفائتة شاهد حي على ما نذهب. فهي بمعظمها نقية من الأدران، بعيدة عن المثالب والأحقاد، نظيفة الكف واللسان، وفي الوقت نفسه داعية شريفة الى الوحدة والتماسك، ومحرضة لصون الأرض والعرض من اعتداءات الفريسيين الذين يتوغلون بيننا، والطامعين الكثر الذين يترصدون لشعوبنا في لبنان وبلاد العرب عموماً.
   والحق ان معظم ما قرأناه من انتاج شاعرنا المحبوب، وبعد التوقف ملياً أمام الكثير من صوره وأفكاره ومعانيه، خرجنا بنتيجة أن شربل واحد في جميع ما كتب، نقياً، صابراً، شجاعاً، توحيدياً، لبنانياً، عربياً، وللقدس المغتصبة شأن في قلبه وتقديس.
   ورب متسائل عن مناسبة الحديث على مناقبية شاعر الغربة الطويلة، ودوافع ذكر مواقفه وأياديه البيضاء ونقاء سريرته. وبصراحة نؤكد أننا نشهد في أستراليا وخصوصاً في هذه الآونة تطرفاً مذهبياً عند البعض يثير القلق والمخاوف، ولا يتوقف هذا التطرف عند من يتعاطى الشأن السياسي بل يتعداه الى بعض المستشعرين ممن لا يتوانى لحظة عن تقبيلك عندما تكون حاضراً، ثم لا يتردد عن طعنك حين تكون بعيداً عن مشاهد النظر، ممتشقاً القلم خنجراً، والقصيدة سيفاً مسموماً للتحريض العنصري والطائفي.
     في مجلس ضمنا مع أصدقاء متنورين أعلنا ان الطائفيين من مختلف الأديان الى تزايد، وبينهم من يدعون الوطنية والقومية، وان علينا مواجهتهم حتى لا يتفاقم نفوذهم وخطرهم.
   وأعلنا أيضاً أن الشرفاء أنبياء يجب إعزازهم وإكرامهم، حين يقل الشرفاء ونبحث عنهم فلا نجدهم إلا فرادى.
   من وحي هذه العبارة هذه المقالة، وإلى شربل بعيني شاعر الكلمة الطيبة والفعل الحسن تعظيمنا وحبنا.
النهار، العدد 765، 27 آب 1992
**
يوبيل شربل بعيني الفضي
    سعادة سفير لبنان الدكتور لطيف ابو الحسن الغائب الحاضر الذي يرعى أدب العربية وأدباءها في المهجر الأسترالي.
   الصديق القديم المتجدد شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني.
   فضيلة الإمام تاج ادين الهلالي السامي الاحترام.
    سيادة المطران يوسف حتي السامي الاحترام.
   معشر الثقافة والأدب والكلمة الحرة الأبية.
   أيها الحفل الكريم.
   إنها تجربة متواضعة على خشبة مرسح الحياة الواسع الضيّق معاً، ورغم ذلك فقد أوحت لي كواحد من أبناء الجالية البعيدة عن أوطانها، التي تبحث عن متنفّس للعيس والحرية، إن الحياة فعلاً وقفة عز، وان شجرة الانسانية الباسقة لن تزهر، ولن تثمر، بغير وجود أولئك المكافحين الذين هم بالنسبة إليها بمثابة الروح للجسد، والملح الذي يدخل كل شيء ليعطيه نكهة ومذاقاً ومعنى.
   والصديق الرفيق والحبيب شربل بعيني، الذي نقاسمه غربته الطويلة، هو واحد من هذه الطينة الضاربة في صخر الايام، معولها الكلمة، ورفشها الأخلاق، نحو انسانية أشمل وأعمق، لا رتوش فيها ولا تزيين، لا شريعة غاب يأكل فيها القوي الضعيف، ولا صحارى تنهش فيها لحم الضحية الصقور والضباع.
   نعم، لقد عرفت شربل بعيني منذ وصولي الى هذا البلد المتحضّر، أي منذ ستة عشر عاماً تقريباً. عرفته وقرأته، ومنذ اللقاء الأول تكشّفت الماسة حياته بكل لمعانها وصفائها.. طفل شبّ وكبر دون أن يتخلّى لحظة عن ملائكية الأطفال فيه، وثائر محرّض على كل متخثـّر وبالٍ، دون أن يفقد الخيط الفاصل بين الثورة والفوضى.
   ومنذ اللقاء الأول أيضاً، لم يحد شربل عن صراط الأخلاق الرفيعة، صراط الناجين كل في موقعه، الفنان، الرسام، الشاعر، الأديب، الدبلوماسي، السياسي، رجل الدين والدنيا. وقد نسمع حديثاً لا نفهمه عن فصل الأخلاق في مجالات ثقافية، سياسية وعلمية، ولكن الحقيقة تأبى إلا أن تبقى.  
   لا شيء بدون أخلاق، التي جوهرها القول والفعل، لا الكذب والرياء، واضمار شيء، واظهار خلافه. 
   وهل شغل الناس وملأ الدنيا شاعر العرب الأول أبو الطيّب المتنبي بشعره العظيم وحسب، أم بثورته وارتباط قوله بفعله.
   وهل شغل الناس وملأ الدنيا الزعيم الهندي الراحل مهاتما غاندي بحنكته ودرايته السياسية، أم بأخلاقه السامية، وارتباط قوله بفعله.
   وهل كان محمد والمسيح، عليهما السلام، ليُحَمّلا كلمة ربّهما لو لم يُعرفا بأمانتهما، ومحبتهما، وقولهما وفعلهما في آن.
   الأمثلة كثيرة، لكني في يوم صديقي الأغر، لا بدّ من الإعلان أنّي لم أقرأ له يوماً، ولم أسمع عنه انه انغمس في دورة الأحقاد المتبادلة، التي دوّخت بلده الأم، وأذهلته عن نفسه، كأنه في لجّة اليوم العظيم.
   ولم أقرأ له يوماً، ولم أسمع عنه انه تفتـّت أمام صخرة غربته الطويلة، أو سقط في محيط الكآبة والأحزان، كان دائماً هو هو، وما يزال شعلة وفاء، قريباً من أصدقائه، وفياً لهم، معتصماً بقلبه، محباً للجميع.
   هل أنا أمام أخلاق شربل بعيني في مناسبة تكريمه لمضي خمس وعشرين سنة على صدور ديوانه الأول "مراهقة"، أم يفترض بي أن أتحدّث عن الشعر في أعمال الشاعر بعيني، الذي دخل اسمه قلوب المهاجرين قبل بيوتهم، كإنسان مرهف حساس، أعطى وما زال يعد بالكثير.
   الحقيقة، لا فرق بالنسبة لي، أخلاقه وشعره قصيدة واحدة، لم يفرّط بوحدتهما، وربما عندي أن الأخلاق في المقام الأول، أرفع شأواً، وأشفّ من أي قصيدة كتبها، أو يمكن أن يكتبها شاعر.
   وفي يوبيله الفضي، الذي هو مناسبة لتكريم الشعر والشاعر والأخلاق الرفيعة، هذه الأقانيم الثلاثة الموحدة، ليست أقل من أن أحيي الشاعر المحبوب، وأن أقول له باسمي وباسمكم: ألف مبروك. وبمثله نعتز ونفتخر. وشكراً لكم.
يوبيل شربل بعيني الفضي 1993
**
بطل الجالية
شكراً لصديق الغربة الطويلة في أستراليا الشاعر شربل بعيني
وهو بطل الجالية اللبنانيّة والعربيّة في أستراليا
لإبداعاته الكثيرة شعراً ونثراً
ولنشاطاته المؤسساتيّة الأدبيّة والمسرحيّة والتعليميّة والإعلاميّة والثقافيّة والشعريّة
التي لم تعرف يوماً كللاً أو مللاً.
**
الكلمة الرائدة
ويبقى الشاعر شربل بعيني علماً خفّاقاً في سماء الكلمة الرائدة في أستراليا شعراً ونثراً.
كلّ الشكر والتحيّة والتقدير العالي لأسرة مؤسس جائزة شربل بعيني د. الراحل عصام حداد ولجميع الأصدقاء والأحبّة القائمين على معهد الابجدية في مدينة جبيل ـ لبنان
ومؤسسة الغربة الاعلامية في سيدني.
**
كتب
الحبيب دائماً شربل بعيني
بوركت كلّ جهودك
وبوركت الغربة التي ستغدو يوماً مرجعاً لكلّ باحث
في شؤون الجالية الأدبيّة تحديداً
وقريباً سأرسل إليك كتبي الواحد بعد الآخر
لتضمّهم مكتبة الغربة بين جناحيها الكريمين
مودّتي وتقديري العالي
**
عسل
ليس من شربل بعيني إلاّ العسل
دائماً كأنّه نحلة العطاء السرمديّة
أوّل فرصة أتّصل بك صديقي الجميل
**
أرزة لبنانية في سيدني
ـ1ـ
لأنّي مرّات لا أتصالح مع ذاتي،
وفيما أنا في عراك مرير معها، 
أُخطئها، 
فأصيب صديقاً لطالما كان لي أخاً لم تلده أمّي، 
كما قال لقمان الحكيم. 
ـ2ـ
واحد أحد في سيدني لم ينل منّي خطيئة.
واحد أحد لم أرشقه حتى بوردة.
هل هي المصادفة الكريمة؟. 
ـ3ـ
انّه الصديق في مركب الغربة الطويلة،
شاعر الحياة بصخبها وسكونها،
إبن مجدليا الغالية على قلبه في شمال لبنان 
مثلما هي كونين غالية على قلبي في جنوب لبنان، 
الصديق الجميل شربل بعيني. 
ـ4ـ
وحقّاً كثيرون هم أحبّة الصديق شربل،
ليس في سيدني وحدها،
بل في جميع مدن وولايات أستراليا،
وعليه أُعلن:
انّ كلّ من ينظر عالياً إلى شربل بعيني، 
عالياً أنظر إليه، 
وكلّ من يقدّم قلبه وردة إلى شربل، 
أقدّم له قلبي وردة. 
شمال لبنان وجنوبه قلب واحد في أستراليا، 
تحت خيمة أرزة لبنان في سيدني 
الشاعر الجميل والصديق النبيل شربل بعيني.
**
يوبيل شربل بعيني الذهبي
صديقاتي أصدقائي 
الحضورُ الكريم..  
النسورُ تحلّقُ طويلاً وعالياً، ومن مكانِها تُشرِفُ.. وترى. خمسون عاماً منذ "مراهقة" ـ الزغبِ الشعريِّ الأوّل، والإنتاجُ كلّما يكبر إلى سربِ حمامٍ من المؤلفاتِ في الشِعرِ العاميِّ والفصيح، في المقالةِ وفي مسرحِ الأطفال، إنّه شاعرُ الغربةِ الطويلة، شربل بعيني الوفي والأمين. وكانت رابطةُ إحياء التراثِ العربي، أقدمُ مؤسّسةٍ أدبيّة في سيدني، والتي كسبت كثيرَ الإحترام، وكان شربل الناشط فيها أيضاً. وكانت الصحفُ المحليّة، من "صدى لبنان" إلى "صوت المغترب"، إلى "البيرق" ـ "المستقبل و"النهارِ" و"التلغراف" وغيرها، وكانت المحطّاتُ الإذاعيّة العربيّة، وشربل بعيني في التغريدِ الدائمِ شعراً كريماً وأقوالاً كلّها وفاء وحبّ للإنسان الإنسان.  
لبنان ضاق به، إنتقل إلى أستراليا، تغيّر الوطن جغرافيّاً، إنّما الشاعر الثائر شربل بعيني لا يتغيّر، ليس لا يتقدّم، بل لا ينقلب على مبادئه في حبّ الحياة وحبّ الإنسان، في عدم الرضوخ لإرهاب السلطات المدنيّة والدينيّة معاً، في رفضِ الفساد وهدرِ المال العام والتفرقة الدينيّة أو المذهبيّة أو الإثنيّة، في إعلاءِ كلمةِ الحريّة لكلّ ما يمثّل اليومَ ويمثّل الغد ـ المستقبل ويعدُ بالزهور والأجمل. مناسبات كثيرة، وأحداث كثيرة، وأحلام كثيرة، وآمال كثيرة، مبثوثة هنا وهناك، في أشعار شربل بعيني، وخيبات أمل كثيرة، وآلام كثيرة، وانكسارات كثيرة، وأسف كثير، في قصائد شربل بعيني، ما دام الشاعر هو الحياة ببساطتها وتعقيداتها، بحصادها وبيادرها، وبالفقد الذي فيها. يفرح لفرح الناس، يتألّم لآلامهم. هو ذاته في مسيرة الحياة يفوز هنا وتكون كبوة هناك، يبتسم مزهراً هنا وينطوي متأثّراً حزيناً هناك، وفي كلّ أحواله يكون متمسّكاً بوجوب الإستمرار، بوجوب الإنتصار للحياة، وبإعزاز العِلم ـ سفينةِ النجاة.  
بمناسبة اليوبيل الفضّي لأوّل مجموعاته الشعريّة كنتُ بكلمة إلى جانبه مع المطران الراحل يوسف حتي، ومع الإمام تاج الدين الهلالي، الذي أدعو له بالعمر المديد، بالأمان والعافية. وبمناسبة اليوبيل الذهبي لا أزال إلى جانبه بحضور الجمع ـ أهلِ الكلمة والفنّ والثقافة والعلوم. وكما تمنّى لي شاعر الغربة الطويلة أن نكون معاً أيضاً بمناسبة اليوبيل الماسي، وهي أمنية طموحة بحقّ، وأنا فرحتُ بها عندما قالها لي قبل أيّام، لا يسعني إلاّ أن أكون على هديه في الطموح والتفاؤل، أن نكون جميعاً معاً في اليوبيل الماسي لصديقي الشاعر المعطاء والمبدع شربل بعيني، وهو بالعنفوان ذاته والغزارة الإنتاجيّة ذاتها والوفاء ذاته للإنسان وأمّنا الطبيعة الغنّاء، وليس ذلك على الإرادة التي لا تعرف الفتور يوماً إلاّ باليسير وليس أبداً بالعسير. 
وبالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الصديقات والأصدقاء في "لقاء الأربعاء" سلام الورود عليكم، سلام الأريج الفوّاح، والشكر الجزيل لإصغائكم. 
**
جواب طريف
قبل عقدين، تقريباً، حاز الصديق الشاعر شربل بعيني شهادة إمارة الشعر من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ـ فرع أميركا الشمالية، ونشرتُ في مجلّة "أميرة" يومها استفتاءً شمل عدداً من الشعراء والمثقّفين والقرّاء، واليوم، وبالصدفة المحض، وجدتني وجهاً لوجه مع هذا الإستفتاء، ولفتني فيه أيضاً جواب طريف لصديقي الراحل أبو أنيس غانم، ووفاءً لذكراه أنشر على صفحتي جوابه، مع الدعاء له، وهو الكريم الطاهر، أن يكون حيث هو مبتسماً كما كان دائماً: "نعم أنا أقرأ شربل بعيني، وأحبّ شعره، ومبروك عليه الجائزة. شعره ينضح بالوطنيّة، وهو كاتب جريئ ويستحقّ التقدير، وأنا أقول له: 
بتستاهل التقدير يا شربل بعيني 
شعرك أدب والأدب زينه 
انجينا نزِين الشعر بعينة الميزان
ألف شاعر بعينه وشربل بعينه".
ـ مجلة أميرة، العدد 12، كانون الثاني 2001
**