هدلا القصّار
شربل بعيني المهاجر
شاعر الماركة المسجلة
يقال في القانون أنه لا تقبل شهادة أهل البيت، لكن لو كان القارئ في مكاني، حين اقترب القلب من ذاك البستان اللبناني الذي اخترقته سهام عيني المسافة واخترقت حصاده الشعري كقذحة القوس .
ألا يحق لأصابعي أن تكتب عن شجرة أرز خلعت من أرضها، لتعاود زرع جيناتها في المنفى البعيد، بين موجات أرواح الشعر، ليظل الصوت اخضر كشذرات تبحث عن بعضها البعض ليكتمل الضوء بهما في عتمة الاغتراب عاشقين يكللهما سراً يعانق المحسوس، ويعبر الشاعر عن ذاته ليكتشف غربته الساخنة فوق أجنحته المحلقة على أوراقه المجروحة، كما فعل الشاعر والأديب اللبناني المهاجر" شربل بعيني"؟ حيث فتح أبواب خزانات ثروته الشعرية ورفع صوته في قصائده لينسج بين حبه للوطن وذاته بصراخ اعتقد الشاعر انه وصل السماء، وانزل عليه الرب الإله خاصاً به يحاوره / يحاكيه/ يبكيه كالطفل/ ويحتضنه كأزهار بستانه الشعري.
أن قصائد شربل تفوح بعطر الزمان الماضي، الأقرب إلى الأجواء الريفية اللبنانية، التي ما زالت تنثر روائحها على نصوصه الحنينية طوال الوقت ليعكس رثاء الماضي ويتكلم عنه كنوع من الأسى على فقدانه حين يقارنه بالحاضر . لذلك هو ينتقد جميع ممثلي الحاضر الذي يرى أنهم مسؤولون عن هدم هذا الماضي الجميل، كما نرى في نصوصه التي تحمل الرثاء الطويل لماضي لبنان . يسأل القصيدة حين تفتقد نفسه نفسها كما عبر في كتاب " الهي جديد عليكم" غَريبٌ أَنافي دِيارِ الأَحِبَّةِ
أَمْشي
وَأَرْكُضُ خَلْفَ الضَّياعِ
وَأَغْزُلُ نَجماً كَنَجْمِ الْمَجوسِ
مُضيئاً
لِيُرْشِدَني إِلى مِذودِ حُبِّي
أَنا مَنْ أَنا؟
مَنْ أَكونُ؟
فَصَمْتي رَهيبٌ
وَعَيْشي كَئيبٌ
وَأَتْرِبَةُ الْحُزْنِ تَأكُلُ نَعْلي
وَجَورَبِيَ الْعالِقَ خَوفاً
بِأَطرافِ ثَوبي
أَنا مَنْ أَنا؟
نرى هنا الشاعر شربل كيف يزرع غابات مهجره بحنطة سنوات غربته الرهينة بقداسة المنطلق من إيمانه الإنساني الذي خلقه الله على لسان أقلامه التي تترآى على لغته وتقاسمه البحث عن سلم لبلسم جراح الوطن لتكبر عائلة مجموعاته الديوانية الأدبية في أيقونة غربته التي لا يتوقف نزفها ولا تخفف الأم الذي يقطع حبل السرة بين الوطن وغربته ويظل كالنسيج يغزل قصائده المهاجرة في متاهات سفر القصيدة الممددة أمامه باكتمال المعنى كتألم وجع الجبال حين تعصفها الرياح .
كم سالت نفسي مرات عدة ؟ كيف يمكن لشاعر أن يستجمع جميع هذه الأصوات التي تتدفق من داخله؟! حين يغرد قصائده كالطائر السجال/ يغنيها كالعاشق الذي يتكلم بعد الصمت / ويحاكي النص كالراوي / وبمفهومه الأدبي يصنع كلماته من لغته الخاصة به، ويدونها لنا دون يدخل الفذلكة الشعرية كالذي يحمله اليوم .
أن قصائده ونصوصه غيض من فيض، وهي المسافة الفاصلة بين الذات والموضوع، كما وتساهم صوره الشعرية المحاكاة التي تخلق عالم من الدهشة والغرابة التي يفتن بها القارئ، ويأخذه بمفردات كلماته إلى حيث يريد، وهو يشير دائما إلى الغربة، حين يقع تحت وطأ العزلة، لتولد صور قصائده لغة مباشرة تبقيه كهمزة الوصل بينه وبين الزمان والمكان الذي يكحل به سطور شاعريته الملموسة، من واقع الحياة والسياسة ،كما في بعض قصائده الموجهة والمباشرة لمن يعنيه الأمر !! بطريقة ساخرة ودامية حين ينتقد الساسة والسياسيين والأحزاب والحكام القائمين على الطوائف التي كانت تؤثر على الشعب . لنرى ما قاله في هذه القطع من مجموعة " قصائد مبعثرة عن لبنان والثورة " .
مَرْكَبُنا الأَخْضَرْ
شَقَّ الرِّياحَ الْعاتِيَه
مُذْ كانَتْ فِينِيقِيَا
وَالْيَوْمَ يَتَكَسَّرْ
عَلَى صَخْرِ انْقِسَاماتِنَا يَتَكَسَّرْ
وَالْحَقُّ لَيْسَ عَلَيْنا بَلْ عَلَى الرُّبَّانْ..
مَرْكَبُنا الأَخْضَرْ هُوَ لُبْنانْ.
**
الطائفيّة
ـ1ـ
تَسْأَلُونِي يا أَعِزَّائِي الْكِرَامْ
ماذَا تَعْنِي الطَّائِفِيَّه؟
هَلْ هِيَ رُوحُ التَّعَصُّبِ وَالْخِصَامْ؟
أَمْ هِيَ حِقْدٌ وَكُرْهٌ وَانْقِسَامْ؟
تَسْأَلُوني وَالدُّمُوعُ تَنْسَكِبْ:
هَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ؟
عَجِّلْ.. أَجِبْ.
ـ2ـ
فَأُجِيبْ:
إِنَّ فِي لُبْنانِنا الْحَبيبْ
حَيْثُ الْهِلالُ والصَّليب
مُتَّحِدانِ لِلأَبَدْ
يَسْتَحِيلُ.. يَسْتَحِيلْ..أَنْ تَحُلَّ الطَّائِفِيَّه
أَنْ تَغُوصَ الأَنْفُسُ الطَّاهِرَةُ الأَبِيَّه
في آبارٍ شَيْطَانِيَّه
حَفَرَتْها الانْقِساماتُ السِّياسِيَّه.
**
ستحرقون
ـ1ـ
يا مَعْشَرَ الْيَمينِ وَالْيَسَارْ
بِالرَّغْمِ مِنْ أُنُوفِكُمْ
سَيَحْدُثُ ائْتِلافْ
سَتَلْتَقِي الْقُلُوبُ في حَدائِقِ الْوَطَنْ
سَيَرْجِعُ الزَّمَنْ
سَتُشْبَكُ الأَيادي وَالْحَناجِرُ تَصِيحْ:
لا يُوجَدُ اخْتِلافْ..
ـ2ـ
وُجُودُكُمْ مَبْني عَلَى الْكَرَاهِيَه
عَلَى الْخِصَامِ الْمُفْتَعَلْ
والطائفية..
وُجُودُكُمْ كَراهِيه
كما أن الشاعر شربل لا يعرف الغموض ولا تستهويه الإيحاءات، لكنه يواصل البحث في الأزمنة عن من تسبب بجراح الأوطان، وانتهاك الطبيعة والتراث الوطني، ولم يفكر في لبنان وحده فقط، بل كتب عن الجرح الفلسطيني وأحلامه المتكسرة، وعن العراق التي يمثل رمز البطولة والأسى على الواقع العربي المعاش، وعن حرقة الأوطان، ومرارة الخذلان، وجحيم الآلام. كما خاطب الشعب الفلسطيني ، في كتاب "حوار مع القمر " يقول :
نَعُودُ؟
إِلى أَرْضِنا سَنَعُودْ
وَنَقْذِفُ جَنْباً شَريطَ الْحُدُودْ
فَلَسْطِينُ أَنْتِ بِلادي.. وَهَلْ
سَأَتْرُكُ لِلْغَيْرِ أَرْضَ الْجُدُودْ
هَلُّمُوا إِلى قُدْسِنا رَاجِعين
لِنَطْرُدَ مِنْها الْعَدُوَّ اللَّدُودْ
ومن مجموعة "كيف ايعنت السنابل " اخترت هذه ألابيات من قصيدة "أَرْض العراق .. أتيتك"
ـ1ـ
أَرضَ الْعِراقِ.. أَتَيْتُكِ
وَالْهَجْرُ يَغْتالُ البَنينْ
عُمْري انْتَهىوَصَبابَتي
تَحْكي حَكايا غُرْبَتي
كَيْفَ احْتَبَسْتُ القَهْرَ أَعْواماً
وَعارَكْتُ الحَنينْ
كَيْفَ احْتَرَفْتُ الْقَفْزَ مِنْ شَكٍّ إلى شَكٍّ
لأَحْظَى بِالْيَقينْ
ـ2ـ
أَرْضَ الْعِراقِ.. أَتَيْتُكِ
مُدِّي الْيَدَيْنِ إلى الْحَبيبْ
إنّي سَكَبْتُكِ مِنْ عُيونِيَ دِجْلَةً
أوّاهُ.. كَمْ يَبْكِي الْغَريبْ
وَرَسَمْتُ وَجْهَكِ ساطِعاً
كالشَّمسِ..
لا يَخْشَى الْمَغيبْ
جَدَّلْتُ شَعْرَكِ بالْوُرودِ، كَأَنَّما
تَنْسابُ عِنْدَ سُفوحِهِ أَنْهارُ طيبْ
زَيَّنْتُ ثَغْرَكِ بِالْكَواكِبِ
وانْتَشى الْخَدَّانِ حينَ تَسامَرَتْ
بِالْقُرْبِ مِنْ أُذُنَيْكِ
أَقْلامُ أَديبْ
ـ8ـ
لُبنانُ، يا بَغْدادُ، كَمْ سَنَةٍ
يَقْتاتُ مِنْ أَكْبادِهِ الأَلَمُ
هَلْ يَنْتَهي الإنسانُ في وَطَنٍ
كانَتْ تُناغي أَرْضَهُ الْقِيَمُ
أَعْداؤهُ الأَوغادُ هَمُّهُمُ
أَن يُسكِرَ المُسْتَنقعاتِ دَمُ
أَوصافُهُمْ، إن شِئْتِ، أَكْتُبُها
كَيْ تَعْلَمي كَمْ يَخْجَلُ الْقَلَمُ
ـ9ـ
لُبنانُ، يا بَغْدادُ، مَعْبَدُنا
فيه ارْتَدَتْ أَرْواحَنا الْكِلَمُ
وَالْيَومَ.. تَدعو اللّهَ أَلْسِنَةٌ
يَغْفو عَلَى أَحْناكِها الصَّنَمُ
قَدْ قَسَّمَتْ أَوْطانَنا ضِيَعاً
وَالشَّعْبُ يَدْري كَيْفَ يَنْتَقِمُ
ـ10ـ
لُبنانُ، يا بَغدادُ، أُغْنِيَةٌ
تاهَتْ، فَتاهَ اللَّحْنُ والنَّغَمُ
كُلُّ الْجِبالِ الْعالِياتِ هَوَتْ
حينَ احْتَوانا بِكَفِّهِ الْعَدَمُ
حَتَّى اخْضِرارُ الأَرْضِ لَيْسَ سِوى
صَحْراءَ تَخْبو تَحْتَها الْحِمَمُ
ـ13ـ
أَرضَ العِراقِ.. أَتَيْتُكِ
مُتَعَطِّراً بِالْياسَمينْ
كَي تَعرِفي الْمَحْبوبَ
مِن بَينِ أُلوفِ الزّائِرينْ
الوافِدينَ إِلَيْكِ يا بَيْتَ الرَّسولِ
وَدَيْرَ عيسى
وَكُلِّ.. كُلِّ الْمُرْسَلينْ
يا نَجْمَةَ الشَّرْقِ الْبَهِيَّةَ في سَماءِ الغائبينْ
إِنِّي أَتَيْتُكِ..
فَافْتَحي الشُّباكَ
لا أَخْشى عُيونَ الْحاسِدينْ
كأن لغة الشاعر المهجرية تستعيد ذكرى شعراء المهجر العظام، الذين مثلوا وعي الوطنية القومية العروبية، من منافيهم في مستهل القرن العشرين كـجبران خليل جبران، وإيليا أبو ماضي، وميخائيل نعيمة، والبعض منهم لقوا نحبهم في منفاهم ، وهم من شعراء الرومانسية القومية الكبار .
وهو شاعر يهاجم بسخرية الواقع /يدافع عن الإنسانية /يقتحم الاجبة /يدخل جميع الأمكنة / يفتح كل الأبواب / لا يهاب قول الحقيقة /ولا ترهبة العقبات/ تميل طفيلياته الشعرية إلى ثلاث منحنيات الوطن/ والسياسة/ والحب العذري، وحين تسيطر عليه تجليات مخيلته الشعرية يتغنى بالمرأة الأنثى بطريقة غزله القروي البسيط النابض بعذرية الحب . ومن إحدى مجموعاته القديمة التي لفت نظري هذا النوع من الأسلوب السجلي /المحاكاة /المغنى بطريقة جميلة :
ارتعاشات الهوى
تَلْمَذْتُها عَلَى يَدِي، يَا حَبَّذَا
لَوْ عَلَّمَتْنِي الْحُبَّ رَغْمَ الأَسْتَذَه
أَحْلَى الْعُلُومِ، إِنْ أَنَا أَنْهَيْتُها
تَبْغِي بَقائي فِي صفوفِ التَّلْمَذَه
أَلْحُبُّ أَسْمَى نِعْمَةٍ حَلَّتْ بِنا
فيهِ هَناءُ الْقَلْبِ، أَوْ فِيهِ الْغِذَا
قَدْ عِشْتُ عُمْراً فِي متاهاتِ الْعَنا
إِنْ قُلْتُ شِعْراً مُغْرَماً، قَالُوا: هَذَى
خِفْتُ ارْتِعاشاتِ الْهَوَى مُنْذُ الصِّبَا
قَدْ أَسْمَعُ التَّأنِيبَ مِنْ هَذَا وَذَا
إِنْ قُلْتُ: مارَسْتُ الْهَوَى عَنْ رَغْبَةٍ
صَاحُوا: كَفَى كَفَى كَفَى، الْعَرْضَ وَذَى
كُنْتُ إِذَا أَشْعَلْتُ حَرْفِي قُبْلَةً
أَخافُ أَنْ أُلْغَى وَأَنْ أُنْتَبَذَا
قَالُوا: بِعَيْنَيْهِ غَرامٌ كافِرٌ
فَلْنَسْرُقِ الْحُبَّ وَنُمْطِرْهُ قَذَى
شَرْقٌ تَعِيسٌ لا يُجارِي عَصْرَه
يَخْشَى الْهَوَى بِالنُّورِ، وَالتَّلَذُّذَا
أَلْجِنْسُ، أَفْتَى، مُرْعِبٌ مُسْتَهْجَنٌ
لا الدِّينُ يَرْضَاهُ ولا ربُّ الشَّذَا
لكِنَّه بِالسِّرِّ يَسْتَقْوِي عَلَى
أُنْثَى اشْتَراها كَيْ يُدَمِّيها الأَذَى
عَنْ فُحْشِهِ، تَحْكِي الْمَرايا قِصَّةً
قَدْ تُخْجِلُ الأَبْوابَ والنَّوافِذَا
حَدِّقْ بِهِ.. شَكْلٌ غَرِيبٌ مُضْحِكٌ
إِنْ شَاهَدَ الْفُسْتانَ حالاً وَذْوَذَا
أَسْنانُهُ الْجَوْفاءُ أَضْحَتْ فَحْمَةً
وَالسَّعْدُ إِنْ لَمْ يُظْهِرِ النَّوَاجِذَا
أَهْلُ الْوَرَى كُلٌّ يُلاقِي خِلَّهُ
وَشَرْقُنا لَمَّا يَزَلْ مُشَعْوِذَا
وبهذا النفس المتواصل يبقى شاعرنا شربل بعيني شاعراً مؤثراً /أمينا/ نزيهاً /صادقاً/ في مواقفه، ولذلك استطاع في مسيرته الأدبية والشعرية الطويلة، أن يقود فكرته الإنسانية بعواطفه، التي تتعقب عصره الحديث بإفرازاته ومتغيراته في تقلباته التي أرقت شاعريته ليتكلم بصوته كما لو أنه صوت الجميع . وهو شاعر لا ينطبق عليه شاعر الموضى التي تنتهي صناعته وتتغير بعد زمن قصير ، فهو شاعر الماركة المسجلة، يحمل فاكهة الوطن إلى ما لا نهاية .
**
من العائلة الكهنية نصطاد البلبل الفرعوني الشاعر شربل بعيني، وملفوظاته السيميائية
قال الشاعر التشيلي بابلو نيرودا، بكل اللغات لكل شعراء العالم، أن الشاعر الحقيقي ليس عابر سبيل، فلا بد أن يصارع ويحفر بأظافره الصخر ليترك بصمته على الأحداث والأفكار والعواطف الزمنية...، مسلحا في معركته الإنسانية بالإرادة، والموهبة الصلبة التي لا يمكن وصفها بالسهلة، ولا البسيطة.
لذا اتجهنا إلى تجربة الأديب والشاعر اللبناني شربل بعيني، المقيم في استراليا، لنحيي جيوش المنحنى الإنساني في أعماله التي تقع على عاتق فلسفة الشاعر، في تجربته القائمة على استلهام المواضيع الديناميكية، في تشكيلات أعماله التي تحمل التواصل البرغماتي، في إيقاعه الفرعوني الآتي من بيئته اللبنانية المطرزة بالجداول والأنهار والبساتين.... ليقدم نفسه قربانا لهم أينما وجد، بصوته الشعري المؤثر، حيث يستنهض ضمير العالم بأكثر من نداء في المشهد الأدبي.
هو كالمولد الكهربائي يوزع طاقته المتصلة بالصدر ويوزع ذبذباته الشاعرية على المتلقي المتصل بفروع القلب والرئتين، ليعبر حجاب غربته كلما تنفس بإيقاعاته المهجرية، قبل أن يطلق العنان لأجنحة أحاسيسه، وأفكاره المحلقة في فضاء مخيلته الواسعة، التي جعلته مميزاً في تجربته المهجرية، وارتباطه بتاريخ كل فرد، في وحدته البنيوية المتفاعلة مع الموضات الإنسانية، وما هو معرفي ثقافي إبداعي في نتاجه الأدبي، المرتبط بالعالم المحيط بالسيسيوثقافي وأشكال المؤسسات الاجتماعية الثقافية العالمية، وما يشترك من صفات مع الآخرين، الذين يسكنون أوراق الشاعر، من مهجره الذي عمل على إعادة مكونات العالم الخارجي في إدراكه الفكري، وطرح إشكالية العلاقة بين الشاعر والمتلقي من خلال مادة لغته اللسانية، باعتباره حالة ثقافية منتجة مهارة قصائده المحملة قضايا الحرب، وحقوق الإنسان، والعلاقات الشخصية المرتبطة برهبة الشعر المعبر عما يدور في الواقع الحياتي بوسائله الفلسفية، لارتقاء ما يبهر ثراءه الدلالي والتأويلي...، في شعره المتميز بموسيقى وتجديدات تتجاوز أشكال عروض القصائد التقليدية.
انه شاعر منظم في سيرته.. بسيط في بوحه المسكون بحنين الفؤاد.. غني بفرادة صوره.. مبحر في موسيقى عروضه.. سابح في موضوعات مسائل الإنسان المرتبط بشرفه الوطني.. ينسج رسائله الوجدانية بكل ما تحمله كهنة العبارات.. مبدع في مجال الشعور الإنساني والوجداني.. يحمل في كلمه رؤى ديناميكية شعرية محورية بارزة.. يزرع أشجان الشعر الذي لا يهجره في كل بقعة من بقاع الأرض، حيث يسكن في كينونته الساخنة، المتحدية الأمل من منفاه الذي يحمل الجموع الواحد في تجربته، كما في تجربة الشاعر التشيلي أرياس مانثو،" الذي حول البنادق إلى أقلام تطلق رصاصات الرحمة على الإنسان، وتلملم ما فرقته الحدود بين الوطن والروح الشاعرة على نطاق عالمي . ليقترب من الشاعر الجوال "فرنسيس كومب" الذي يدمج الشعر بالشارع الإنساني.
اذاً، لا يمكننا أن نتجاهل اهتمامه بالقضايا الوطنية، والقومية، في مجهودات تجربته الإبداعية المتنوعة، ونماذج كتاباته الأدبية والفكرية المتعددة الأنواع والاتجاهات، فالذات الشاعرة تهجس الضمير والأحزان من شتى النوافذ المشرعة لديه، من خلال تجربته الإنسانية التي استعرضها في كتاباته المحتفلة بالصدق كونها صدى لمعاناته الداخلية التي تحرض الذات على مقاومة لعنة المنافي، ليعيد لملمة أجزائه القادرة على تحويل اللغة اليومية العادية إلى موسيقى شعرية، من خلال أسلوبه المونولوجي، ليبقى غناؤه المباشر، والساخر، والهجومي الموجه، مدافعا عن الإنسان والإنسانية والأمكنة التي فتحت له أبواب موسيقاه الخاصة بلهجته العامية، ضمن إطار التطور المعرفي، في مؤسسته الثقافية المتحركة على كافة الأصعدة، في مكوناته السيمائية، ودوره الواقع بين ملفوظات الحالة الشعرية، وشخصية الأديب الفعلية في مفردات جمله، التي قطفت من أشجار رسائله صنوبرات الكلم والقلم، الموصل ما يرمي إليه إلى المتلقي بجميع الوسائل الأدبية، بفصيج الشعر، وبعاميته، وزجلياته، وبنثره، و سردياته الموسيقية، أو من خلال مقالاته الرؤيوية . فهو لم يترك قضية سياسية أو اجتماعية أو إنسانية أو فردية إلا وطرح أسرار سرائرها على أوراقه، التي تطلب الرحمة في ركعات وتراتيل صلاته، وتواشيح شعره الغنائي المتسم ببساطة الصدق وحرارة العاطفة، التي دخلت سيكولوجية كتاباته بكثير من متع الأدب المتنقل بين الواقع المكاني، وبين اكتراث الذات، وانتمائه الذي تعرض لهزات عميقة...، إلى أن بقي المعنى حائرا في قلب الشاعر !، كما لدى الشاعر التشيلي هوغو، الذي تميزت كتاباته بالشعر الهجائي والسياسي إضافة إلى الشعر الغنائي المعبر عن كل المشاعر التي يعيشها البشر بعواطفهم وإحساسهم ....
لذا نرى الأديب والشاعر اللبناني شربل بعيني، يجري وراء المكان باعتباره وطنا تكرست فيه قضايا العالم من حوله، فأكسبه ذلك أدبا إضافيا مختلفا بغض النظر عن فردية نصوصه او المجتمعية، فالكل مشترك لديه في نفس ترنيمة انتماء بيت القصيد، الذي نقله إلينا بوسائله وبطقوس الشعر ليتجسد الوطن أمامنا بأسلوبه الفني، وتصوير صوته حيث نبت من بين أجمل الحناجر اللبنانية، لنتمسك بلمحات فرادة تجربته الشرقية، العالمية في إبداعاته الأدبية، وما تحمله أجواء تلك التجربة التي انطلقت من اللسانيات الأنثروبولوجيا المستلهمة أعمال الشاعر السريالي ماكس هاريس، وأميلي سوران، اللذين أحيطت أعمالهما بالإنسانية والشاعرية، في رسائلهما الحياتية.
اذاً، يعد الشاعر اللبناني، من أبرز وجوه المشهد الإبداعي الثقافي اللبناني في اشتغالاته وتميزه الشعري بلهجته اللبنانية، ومعجمه الذي لا يشبه غيره... واشتغاله على هوية الإنسان وانتمائه الذي يكشف عن كنوز تجربته التي تبدو قضية وجدانية، إنسانية، مجتمعية، منسجمة مع تجربته التي تمثل قلبه الذي يضخ هموم المجتمع العربي فيما تطرحه الكلم المتمثلة بأخلاقيات الشاعر السامية التي ميزته عن كونه مجرد فرد بيولوجي يتلمس ويتحسس بالكتابة لاستنجاد ملجأ لهجرته الإنسانية والوطنية، كما في تجربة الشاعر أوكونور مارك، الساعي لتوسيع الثقافات بين الدول، في رؤيته الحكائية المشيرة إلى أسطورة يمثلها الشاعر ليكشف لنا عن أقنعته وقناعاته في تجربته الشعرية المتجلية في أعماله بلغة أدبية راقية، مما زاد من أهمية هذا الجهد الإبداعي واجتهاداته.
هذه نبذة قليلة عن تجربة الشاعر اللبناني شربل بعيني، الذي نقلنا من لغته الحية إلى الشعرية الإبداعية العالية، ليعبئ سردياته " السيميوطيقية " التي أسعفتنا في تحديد مستويات كتاباته المنظمة في مجمل آليات نصوصه المعرفية ليتوالد نتاجه الأدبي، وقدرته الفائقة على ابتداع شعر الحداثة المليء بالرموز والدلالات، ولنتعرف على مضمون تجربته ومعاناته، وحيثيات رسائله، وتقنيات تأثيرها على المتلقي والمجتمع، ونفهم تجربته النموذجية، وشخصية ثقافته الشاعرة، وتركيباته الكامنة وراء تأملاته اللسانية المنسجمة مع جميع الطاقات المترابطة في المثل الإنساني العالي الذي تكور في شخصيته التي تعكس الكل الشامل في البعد الذاتي، والبعد الوطني، اللذين ابرزا هويته الشعرية التي ستحقق له عودة مجيدة من منفاه إلى قريته "مجدليا" في شمال لبنان.
**
محفوض جرّوج
أرزة شامخة
وجدت فيك شاعراً حرّاً طليقاً
تعشقه النجوم..
هزاراً صدّاحاً بنغمات
لا تعرف الأسى والمذلّة،
تنثر في كلّ مكان منثوراً وفلاًّ،
تزرع الأشواق في الطريق أمنيات..
قامةً طويلة تعانق الغيم
والنجوم،
تستعذب لذّة النجوى
وزهو الاكتشاف..
عيناً تحدّق في الظلمات،
تنزع من الليل المحمول على الأكتاف فجراً..
زهرةً تفتّحت بين أيدينا،
فأحالتها شمساً من نضار..
أرزةً شامخة نبتت في صحراء الغربة..
ومضةً مزّقت عين السماء الضريرة..
سيفاً لا يُغمدُ،
وفارساً في كلّ ساح..
صوتاً من نار،
عن الحقّ يدافع..
شعاعاً يبدّد البرد الجامد في الأطراف،
فيتفتّح الدفء زهرة في أعماقها..
نسمةً هبّت على الجذور الجدباء،
فسرى النسغ في أحشائها..
جدولاً روى شجرة الشعر،
فغدا جمالها يبهر العيون بوارف ظلالها..
ملجأً تأوي إليه الطيور
لتحتمي من ريح غدّارة..
كتاباً يقول الحقيقة،
كلماته ثائرة النبرة حرّة..
سحابةَ خير أمطرت،
ففجّرت الينابيع في البيداء..
مرفأً ترسو فيه سفن الأرواح الظامئة
للحب والجمال..
جسرَ العابرين إلى ضفاف غدٍ وضّاء..
هل أنت كلّ هذا؟
نعم،
يا عطراً يطلّ على القصائد..
إنّك شاعرٌ..
والشاعر هديّة السماء للبشر.
البيرق، العدد 149، 16/6/1990
**
قَصيدة غَنَّتها القصائد
إِسْتَلَمْتُ كتابَ الأديبة مَي طبَّاع "شربل بعيني قصيدة غَنَّتْها القصائدُ"، فوقفتُ حِيالَهُ خاشِعاً وَرِعاً، وفي قلبي شوقٌ عارِمٌ ومُلِحٌّ إلى هذا الأثرِ الفنّيِّ النَّفيس، وفي نفسي ظمأٌ شديدٌ إلى النّهْلِ من هذا الموردِ الأدبِيِّ البديعِ. فَأَقبلتُ على هذا الكتابِ أقرأه بكثيرٍ من الشّوقِ واللهفةِ، وأنهلُ مِمَّا أَبدعته قريحة مَي الفيّاضةُ. وكأنّني على موعدٍ مع هذه التّحفة الرّائِعةِ شَكْلاً ومضموناً، والمُنْبَثِقَة من قلبِ إنسانةٍ رقيقةٍ مرهفةِ الحسّ والمشاعرِ. فهي لـم تكتُب أثرَها هذا بالمداد، ولكنَّها سَطَّرَتْهُ بأَعْصاب فؤادها، وذوبِ عاطفتها الإنسانيّة. فكانت عينُ المولى راضيةً عنها، فمدَّتها بالوحي والإلهامِ، حتّى جسَّدت هذا العمل الفنّيَّ المعبّرَ عن رسالة شَربل بعيني الشّعريّةِ أصدق تعبيرٍ، بكلّ ما فيها من معاني الحياة السّامية، ومن مقاصد السموِّ الإنسانيّ . فشعرُ شَربل ، والحقّ يُقال، تعبير عن صوفيّة النفس والحياة والعالـم .
مشكورة جداً، أديبتنا مَي، على الجهد الذي بذلته في تصنيف هذا الأَثَر الرائع، بمثل هذه الحرارة وهذه الإحاطة وهذا العمق. فقد أحاطت بمؤلَّفها من جميع الجوانب، وجلت الصورة التي رسمها خيالي عن الشَّاعر، بعد أن لوَّنتها بريشة مبدعة، جامعة، مغموسة في حبر الأصالةِ وليس في وحلِ التقليدِ، فجسَّدت في البعيني ذلك العصامي الحر المناضل في سبيل حياة أفضلَ، ومقام أنبلَ له ولشعبه. فكان المحدِّقَ بعينينِ نهمتينِ، لا تكلاّنِ من التطلُّعِ إلى شلاّل النّورِ الأزليِّ.. الظامىءَ أبداً إلى منبع مِعطاءٍ ، ينشرُ الطيبَ، ولا تنضبُ فيه مياهُ الكرامةِ والوفاءِ ، بل يبقى ينسابُ مترقرقاً بالدّراري، الّتي تتألّق شعراً أَخَّاذاً، لا تذوي من حوله زهور الأمل .
وشربل، لَعمري، فنّان مبدع، كما عرفته تماماً من خلال قراءتي لكتبه، مَشْبُوب الفكر والقلب والرّوحِ، تسري فيه تلك النّـارُ القُدسيَّةُ، الَّتي تسمو بإنتاجِه إلى أفقٍ أَخضرَ يموج بالعبقريَّةِ .
ينزعُ شَاعِرُنا نحو الكمالِ الفني، ولا يكفّ عن التطلّع إليه، مهما كان عسيرَ المنال، صعب المرتقى، فروحه اليَّقِظَة أبداً، تدفعه إليه دفعاً، مضحيّاً بكلِّ شيءٍ بُغْيَةَ الوصولِ إليهِ .
أمنيته تتركَّزُ دوماً في التفوُّقِ الفنّي، وطلبِ المزيد من الإبداعِ، الّذي جعلهُ هدفاً وحيداً في الحياةِ، يسعى إليه بكلِّ ما حباه اللـهُ من قوّةٍ ودفعٍ وإلهامٍ، ليتصيّده ويتبتّل في محرابهِ، ناشداً الخلاص من كلِّ قديمٍ يكبّله، ويقف عثرةً في طريق عدم إرضاء حالته الفنيّة .
جبّار كالنسر هُو شَربل، يـحمل زاهداً ذلك المجد الباذخ على كتفيه، وينتقل من ذروة إلى ذروة، وكأنّه لا يرضى بغير القمم السّامقةِ مقاماً، ولا يقبل بغير الثّريّا موطناً وموئلاً. أمّا السّفوح والوهاد فقد بعد عنها لأنَّها كانت، وما زالت، مسرحاً للبُغاثِ .
لقد كان مبدعاً فيما كتب، فارتفعَ بمؤلفاته إلى الذّروةِ، الّتي صبا إليها طموحه، وأضافَ إلى المكتبة العربيّة بشكل عام، والمهجريّة بشكل خاصٍ، أسفاراً نفيسةً زادت الأدبَ الرّاقي ثراءً وغنى، والكتابةَ الفنِّيَّةَ سناءً ورواءً، بكلّ ما فيها من بيانٍ مشرقٍ أخّاذٍ .
عشت، يا أخي شربل، للقلمِ الحرِّ، للأدب الرّاقي، للخيالِ المجنّح وللفنِّ الأصيلِ الجميل سنداً ونصيراً. ودمتَ لمجد الحرف العربيّ قصيدة متهلّلة القافية.
محردة، 12/12/1994
**
فارس الكلمات
شربل بعيني..
فارس الكلمات،
يلعب بها حتى تصير أشجاراً وارفة .
هو الآتي على زغب النسائم ..
مد أعناق براعمه أزهاراً
تعطي من أفواه الزهر توهجاً
يستجلي المدى بقلب
لا يعرف إلا نبضات الحرية.
يرتدي عالماً منسوجاً من غزل الندى،
يخرج من أول الفجر نجماً،
نسمةً رخيّة العبور ..
يعدو إلى حيث يهتز في جسده
ينبوعاً لا يرى
يبدأ ..
كما تبدأ الحياة صباحاً،
يتأبطّ حلماً عزيزاً عليه
لـم يكن خائفاً، متهيباً من مشقة النضال
من مفاوز الدروب ..
بل مارداً جباراً..
كبيرة أحلامه
يمد جسر العبور إلى الشفق
يتفتّح مزهواً،
مثلما يفعل كل العاشقين ..
يزرع على وجهه ابتسامة،
يغني الفجر دوماً
يشق طريقاً لمن يولدون
يرصّعه بالنجوم،
ينسج الريح شراعاً
والأماني زورقاً ..
الشمس في قلبه وحنجرته ..
يبدد الظلام..
يفتح الأبواب السحرية
تحدوه رغبة عارمة إلى غاية واضحة
شدت يداه خيوط مجلة (ليلى)
يجدّ السير ليجتاز الغدَ
مسرعاً بها في طرقات العمر ..
زرع اسمها نخلة في تربة الأدب
شيّد لها معقلاً في الأعالي
ارتفعت دوحة وارفة
مدت لنا بالثمار
تفتحت وردة حمراء نديّة في واحة خضراء
نبعاً رائقاً وسط الصحراء
تجذب أسراب الفراشات الملونة
غيمةً ماطرة في كبد السماء
تبش وتبتسم
تسيح حين يعطش التراب بوافر العطاء
لن تجف الينابيع
ما دامت هناك للشتاء فصول
ها هي ما نسجته يداك تكبر
حتى لكأنها تبدو تهم بالركض
تحمل غيماً من الكلمات
تسكبها..
فتجري فوق القلوب الصلدة
كحركة النسغ في عروق الشجرة
فتخضرّ القلوب فرحةً
وتتفتق سنابل جذوتها
حقل من أقحوان
(ليلى) وردة في يديه
قبّلها في الخد ألف مرّة فما اكتفى
أحبّها حتى بلغت منازل العشّاق
نجمة تتلألأ في الظلمات
منزلاً من خيوط الضياء
قنديلاً يجلس الناس في ضوئه
تفتحت شوارع روحي لها ..
أخي شربل ..
أعمالك حقول من الزهر
تلمع تحت الشمس
مكانك في قلبي دفقة من نبع الحب
وصداقة حميمة تشدني إليك من سنين
يا ساحب الحرف من مقل الكلمات
فلا البريد ولا التلغراف
يقدران على إغاثة تحيّة الشوق لك
يا شربل بعيني .
**
مراسل معتمد
أية فرحة هذه؟
أية محبة هذه؟
أية أخوة هذه؟
أية شاعرية هذه؟
لقد استلمنا المجموعة بقلب يخفق فرحاً، وعيونٍ متلهفة لرؤية محتواه. وعندما أسرعنا لفتح الظرف كانت المفاجأة الحلوة التي هي عندنا أغلى ما في الحياة.
ستة كتب هدية من حضرتك!
وكلمة دعوتنا في صحيفة "صدى لبنان"!
ورسالة معبّرة عن الحب السامي المتبادل بيننا!
يسعدنا أن نخبرك أننا قرأنا المجموعة سواسية، أنا والشاعر مفيد نبزو، وشغفنا بقراءتها، وكنا في كل مرة نرفع لك أسمى آيات الحب والتوفيق، وندعو من الله أن يديمك أخاً حبيباً مدى الحياة، وندعو من الله أن يديم حبيبنا الأخ نعمان حرب الذي كان له الفضل الكبير في هذا التعارف المثمر إن شاء الله.
سلام من الشاعر الاستاذ عبدالله يوركي حلاق، صاحب مجلة "الضاد"، وكنا قد سألناه عن معتمد ومراسل للمجلة في أستراليا، فقال: لا يوجد معتمد هناك. فاقترحناك عليه، وأبدى رغبته الفائقة في أن يكون للضاد مراسل في أستراليا.
لذلك أحببنا أن نخبرك، ونرجو أن نخبرنا إذا كانت ظروفك تسمح لك بهذا، وكنت تحب أن تصبح مراسلاً ومعتمداً "للضاد". إن العم "أبو رياض" قال: "اننا، مباشرة، نتصل به، ونعمل له بطاقة صحفية، ونؤمن له التسهيلات اللازمة".
أيها الحبيب،
ما اقترحنا اسمك إلا حباً بك، ولزيادة العمل في مجال الحرف والرسالة الانسانية السامية.
نرجو أن أن تخبرنا عن موافقتكم، أو عدم موافقتكم لهذا الأمر، وشكراً جزيلاً.
محردة 19 آب 1988
**
محبة دائمة
الأخ الحبيب شربل بعيني المحترم،
تحية عطرة..
ومحبة دائمة في لقاء الكلمة بالكلمة، والروح بالروح.
كنت قد أرسلت لنا كتابين "من كل ذقن شعرة" و"أحباب"، فوصلا وسررنا جداً جداً بهاتين الهديتين القيمتين على قلبين يقدران الكلمة الصادقة، والتعبير المتألّق، والأدب الرفيع. فألف شكر على هذه اللفتة الكريمة التي دائماً بها، ونحن لن ننسى لك هذه البادرة الطيّبة ما دمنا على قيد الحياة.
ويسعدنا القول أننا فرحنا بلقاء أحد أبناء هذه البلدة القادم من أستراليا، فذهبنا اليه بشوق نسألأه عنكم، فقال: "وهل يخفى القمر؟"، وحدّثنا عن حفل حضره وكنت الشاعر المجلي فيه.
والآن، أحببنا أن نرسل لك هذه الرسالة عن طريقه، باعتبار مدة الزيارة انتهت وحان وقت العودة.
ما نزال نستمتع بقصائدك الجميلة، وإن شاء الله نفي هذه القصائد ما تستحقّه من التمحيص والدراسة.
دمتم بلبلاً غريداً في روضة الشعر.
محردة، 12/8/1990
**
باقة ورود
الأخ الحبيب شربل أدامك الله
مع الحب والوفاء والصدق.
مع شموع العيد المتقدة بإيمان..
مع أجراس الكنائس التي تقرع بفرح..
نبعث إليك باقة ورود من قلوبنا الخافقة بحبكم العاطر.
باقة مجبة أزلية وإخاء أبدي.
لقد كانت سعادتنا عظيمة بوصول مجموعتك الأولى، بعد أن وصلنا "ألله ونقطة زيت"، و"كيف أينعت السنابل"، وتسنّى لنا من هذه لمجموعة، بما فيها سلسلة ألأخ كلارك بعيني، ادامه الله، قراءة وجهك فيها، العيش معك روحياً، واستنشاق نفحاتك الطيّبة منها.
انها الحقيقة فعلاً، فلا تدل هذه الكلمات إلا عن صدق التعبير لما تركته هذه المجموعة من أثر في نفوسنا.
ومباشرة كتب أخي مفيد نبزو لحضرتك رسالة مطوّلة، تتضمّن دراسة بعنوان: "شربل بعيني وهاجس الحب والحرب والوطن"، لتنشر في صحيفة "صدى لبنان"، مع قصائد زجلية عن مجدليا ومحردة.
اليوم، نسمات جديدة تزورنا هي نفس النسمات الأولى بأريجها ومحبتها وصدقها، ولكن الذي حملها الينا شراع طالما أبحر وعاد بالصيد الثمين ـ محمد زهير الباشا ـ هذا الاديب الذي مدّ بـ"شربل بعيني ملاّح يبحث عن الله" جسره ألأدبي في سقفه العالي، وأرسى أساساً جديداً في أبجديته الأدبية الأبدية.
كم سعدنا برسالتكم، ولكن فوجئنا بعدم وصول رسالتنا الأولى اليكم، ولذلك نبعث إليك هذه الرسالة التي نعبّر بها عن خالص حبنا وامتناننا لشخصكم الغالي الكريم.
نشكر الأخ نعمان حرب الذي كان له الفضل الكبير في هذا التعارف المثمر باذن الله.
**
شربل وأكرم
العزيزان الغاليان شربل بعيني وأكرم المغوّش
تحية محرداوية مؤرجة بعطر المحبّة من عروس الكرم، جارة العاصي، محردة، التي تكن لكما كل المودة والحب والتقدير.
لقد وصلني عدد مجلة "ليلى" الغراء، رقم 32، حزيران، 1998، وكم سعدت بوصوله، خاصة عندما قرأت خبراً عن أخي "مفيد" بعنوان " مفيد نبزو في لبنان".
لذا، أشد على أياديكما، وأبارك خطواتكما المثمرة، وأرجو من الله أن تثابر مجلة "ليلى" على النجاح الدائم والمستمر، ولا أشك بذلك، طالما الهمة موجودة، والعبقرية موجودة، والايمان موجود، فلكما، ولمن حولكما من أحباب وأصحاب أدعو بموفور الصحة، ومزيد العافية، وليمتعكما الله بالسعادة، والتألّق، والعمر المديد، وفرح العطاء الذي هو الحياة.. والحياة جوهر فيه.
كنت قد علمت بصدور عدد خاص عن فقيد الشعر الكبير المرحوم نزار قبّاني، وهذا ليس بغريب عن مَن عرف الوفاء عنه، حتى قيل: إن الوفاء متجسد بشربل بعيني.
أرجو تخصيص عددين من هذا العدد الخاص، واحد باسمي والثاني باسم الأديب الشاعر مفيد نبزو، ليحتفظ كل منا بعدده في مكتبته، ولو حملتكما متاعبنا ومشقاتنا.
وقبل أن أترككما مع قصيدة أخي مفيد نبزو المهداة لكما، أجدد محبتي وشوقي لرؤيتكما في بلدكما، بين أهلكما، ومحبيكما في محردة، محافظة حماة، سوريا، وإليكما ما قال مفيد:
فرشنا الدرب بقرنفل ومنتور
تا تشرّفوا.. يا مرحبا فيكم
غنّى الكنار، وزقزق العصفور
لما سوى عقدت أمانيكم
بوجوهكم فاض السحر والنور
حليوا العناقيد بدواليكم
واليوم زرت جنينة الشحرور
بدّي قصايد حبّ إهديكم
شربل وأكرم جوقتين طيور
كل الدني سمعت غنانيكم
وين القمر والكرم والناطور
انشالله الفرح يغمر لياليكم
"ليلى" مجلّه رح تخلّي سطور
للمجد.. منقوشه معانيكم
عندي قلب وحياتكم مسرور
كلما خفق إلكم يناديكم
شاعر محرده دوم بدّو يقول:
شربل أخي وأكرم أخي عَ طول
ربي.. إله الكون يحميكم
محردة 1998
**
عيد القيامة
من هذا الوطن الغالي،
من هذه المدينة الساحرة،
الغافية على أكتاف العاصي،
نزّف لحضرتكم العاطفة الصادقة،
والتقدير العظيم،
والمحبة الأبدية،
والشوق الأزلي.
إننا، ونحن نعيش أفراح عيد قيامة سيدنا يسوع المسيح، لا بد أن نتذكر من هم ينيرون بكلمتهم القلوب، الظامئة للنور، المتلهفة للسحر والابداع، كالأخ الحبيب شربل بعيني.
من فترة وجيزة استلمنا الطرد الذي أرسلته إلينا، وفيه مجموعاتك الشعرية، ومن ضمنها كتاب "شربل بعيني ملاّح يبحث عن الله" وبعدة نسخ، وقد وزّعنا هذه النسخ على بعض الأدباء في مدينتنا، وكنت قد خصيت الشاعر عبدالله يوركي حلاق بنسخة أيضاً، فقد وصلت، وهو يشكرك جداً، وقد تكلّم معنا حول إمكانية اعتمادكم كمراسل لمجلة "الضاد" في أوستراليا.
منذ أن استلمنا الطرد جلسنا سوية، أنا وأخي مفيد، لنرد برسالة نشكر لك فيها جميلك هذا، ولفتتك الكريمة.
فلا يسعنا الآن إلا أن نجدد أسمى آيات الشكر والامتنان لشخصك الغالي الكريم، ولشخص الحبيب الغالي نعمان حرب، الذي كان صاحب هذه المبادرة العظيمة فيما بيننا.
فألف تحية حب، وألف قبلة شوق.
تعقيب:
كنا قد جهّزنا هذا الرد، واذا بكتابكم القيّم "شربل بعيني بأقلامهم 4" للأخ كلارك بعيني يصلنا، ومباشرة اطلعنا على ما جاء فيه، وسرّنا جداً إهداؤكم أولاً، ثم ما فاضت به حروفكم من صفات وسمتمونا بها في الصفحة 89، هي أكثر مما نحن عليه، ثمّ سرتنا هذه الصور التذكارية الجميلة التي زينت الكتاب، فريثما نقرأه بشكل معمّق، نستودعكم الله.
يشاركنا في التحية والتقدير صديقنا المهندس موس سليم.
محردة 1989
**
معايدة
بمناسبة عيد ميلاد سيدنا يسوع المسيح له المجد، وعيد رأس السنة الميلادية، ولقاء المثل بالمثل، والقلب بالقلب، والمحبة بالمحبة، والروح بالروح.
أتقدم منك بالتهنئة الأخوية القلبية، متمنياً لك ولجميع الأهل والأصدقاء عاماً سعيداً، مفعماً بالخير والبركة. أدامك الله، ووفقك.
أخي الحبيب شربل،
أحب أن أعلمك أننا بخير والحمد لله، ولا ينقصنا سوى مشاهدة نور وجهكم المشرق.
أشكرك هلى الهدية القيّمة التي وصلت مع الأخ الحبيب وديع جبيرة، والتي ساهم فيها الأخ الغالي أكرم المغوّش، باركه الله، ووفقه، وأدامه صديقاً وفياً، وأخاً محباً عزيزاً.
ويبقى أن أخبرك أن الجزء السادس من كلارك بعيني لأقلامهم لم يصلني، وان شاء الله، عما قريب، سيكون نتاج جديد عن أدب شربل بعيني، وسنرسله لك.
مع تحياتي ومحبتي للأخ كلارك، وللأخت مي طبّاع، مباركة جهودها، ولكل الأصدقاء والأدباء الذين لهم في القلب محبة لن تزول.
مع تحيات الأخ الأديب نعمان حرب، والجار الشاعر مفيد نبزو.
محردة 1990
**
لقاء أبدي
الأخ الحبيب الشاعر الكبير شربل بعيني
تفرح الكلمة
وهي تزف إليكم البشرى.
تتألّق شموع الحب
وهي تهدي إليكم النور.
وتكبر المشاعر
وهي تطعّم جذورها بنسغ وجدانيتكم،
وطيب ثماركم.
قيل: من ثمارهم تعرفونهم!
وها نحن قد عرفناكم من ثماركم،
وثماركم منكم.
وفرحتم بنا..
وفرحنا بكم..
وفرحت الكلمة،
التي أودعناها رحيق روحنا،
وعصير وجداننا،
وخلاصة آمالنا.
ومع الأمل والذكرى
تتجدد جداول المحبة،
وترنم عنادل الإخاء
ترنيمة العناق الروحي،
واللقاء الأبدي.
**
عباقرة الحرف
الأخ الشاعر الألمعي شربل بعيني المحترم
تحية طيبة وبعد..
لقد كانت رفيقتي في الأيام التي خلت مجموعة قلائدك الشعرية الممتعة، التي كانت تحبسني لساعات طوال خلال اليوم، أعيش فيها معك، ومع أشعارك الرقيقة الرائعة، فعبير حروفها الشاعرة كان يحملني على أجنحته الأثيرية الى عالم يعبق بنفحات أنفاسك، التي أسالت على أوتار الشعر غناءً تنتشي منه القلوب قبل الأسماع.
قصائدك قطع موسيقية تعددت فيها الأصوات والنغمات، إلا أنها صدرت من قيثارة واحدة، ومن ينبوع متناهٍ في الحساسية، يفيضبين حنايا صدرك، ليقدم نسغاً جديداً إلى أدبنا، ويضيف الى كنوز الشعر العربي لآلىء جديدة لا تقل عما أعطاه هؤلاء الكبار من الشعراء قدراً وقيمة.
لذلك، استساغ شعرك كل من قرأه وأنزله في قلبه المنزلة الرفيعة التي يستحق.
كما أنني على ثقة تامة بأن عندك درراً لم تلفظ بعد، وفي إهابك تحرّقات ستصوغها أزهاراً ندية شذية في حديقة الشعر العربي المعاصر.
أما فيما يتعلّق بالدراسة التي وعدتك بكتابتها، فإنني منكبّ على دراسة أعمالك الشعرية، ودراسة الشعر المهجري، والشعر الحديث، وأتمنى أن يلهمني الله طريقة أصوغ فيها هذا العمل حتى يحقق الغاية.
شكرنا الجزيل للأخ الأستاذ كلارك بعيني على السلسلة القيمة التي اصدرها بعنوان "شربل بعيني بأقلامهم"، والتي تعطي فكرة واضحة عنك، لأن أغلب كتّابها من المقربين منك جسدياً وروحياً.
ونشكر الأستاذ كامل المر على كتابه الممتع "مشوار مع شربل بعيني"، وأيضاً، الأستاذ محمد زهير الباشا على كتابه الذي أضاء جوانبَ مهمة من مسيرتك الشعرية.
ولا يسعني مع الأخ مفيد نبزو، إلا أن نجدد آيات الشكر والامتنان لشخصك الغالي الحبيب.
عشت أيها الشاعر، وعاشت أمة، كانت ولم تزل تنجب أمثالك من عباقرة الحرف في كل زمان.
محردة 1989
**
يوم ميلاده
حضرة الشاعر شربل بعيني المحترم
تحية حب رقيقة أرسلها الى شخصك الغالي مع تموجات الهواء الرائعة.
تحية ملؤها الشوق والاجلال الى شخصك الكريم الغالي على كل قلب من قلوبنا المفعمة بالمودة والاخلاص.
أيام معدودة، ونحتفل بذكرى ميلاد السيد المسيح، ورأس السنة الميلادية.
ولد المسيح، فتجلّت محبة الله للبشر بصورة فائقة للطبيعة. ابتهجت السماء، وهبطت الملائكة منى عليائها الى أجوائنا لتعرب عن حبورها وفرحها.
يوم ميلاده، صار الكلمة جسداً، وأشرق على الأرض نور الإله الحقيقي، وابتهجت الأكوان، وسطعت في الفضاء أنوار جديدة، غمرت سطح الأرض، فاهتدى المجوس الى بيت لحم.
يوم ميلاده، تأكد الناس أن الله أنعم عليهم بما وعدهم، فأرسل ابنه الحبيب أنشودة سلام ومسرة، أنشودة عدالة ومحبة، وحلّ على الأرض لتخليص آدم وذريته من المعصية، وليشاركهم في طبيعتهم البشرية، ويشاركوه في طبيعته الالهية، فماتت في الأنفس البشرية المخاوف والآلام.
ميلاده، غرس في عقل الانسان فكرة الخير والحق والجمال، ونبتت في قلبه بذور المحبة والرأفة والحنان.
في هذه المناسبة الرائعة، والغالية على قلب كل مؤمن، أتمنى أن تصلك رسالتي هذه، وأنت تتمتع بكامل الصحة والعافية، وأرجو من سيد الميلاد أن يمنحك السعادة، ويلهمك القصائد الجميلة الرائعة، وأن يكون المخلص الى جانبك.
أخيراً، تقبّل سلامي وسلام مفيد نبزو الحار أيضاً.
أشكرك على هديتك القيمة كتاب "شربل بعيني ملاح يبحث عن الله" بقلم الاستاذ محمد زهير الباشا، ولقد استعرت الكتب التي كنت أرسلتها الى مفيد، وانني أطمح أن أقوم بدراسة متواضعة عن هذه الأعمال، والله من وراء القصد.
وكل عام وانت بخير.
محردة 12/12/1988
**
روميو عويس
مقال من موقع الغربة
روميو عويس وطوني رزق وشربل بعيني وعصفورة فؤاد نعمان الخوري
كثيرون هم الذين قرأوا قصة "بسترينة" الشاعر فؤاد نعمان الخوري التي طلبها مني بشكل عصفورة جميلة شرط أن نتقاسمها معاً، فؤاد رضي بالقسمة، وأقفل باب بيته وراح يتنعّم بما رزقه الله: الطابق الفوقاني، ولكن الشاعر روميو عويس دخل على الخط وراح يطالب بحصّته من "البسترينة" بعد أن ضاعت بين شاعرين، فقال:
لا تختلفو يا رفاقي
الاحلا منكم ما بلاقي
عطوني ياها تحت وفوق
وانا مكفّل بالباقي
فأجبته:
يا روميو خليك بعيد
لا تنزع طلّة هالعيد
قسمنا العصفوره من زمان
ومش رح نقسمها من جديد
فإذا به يكتب على صفحته بالفايس بوك ما يلي:
ونعود الى قصة الهدية بين الاستـاذ المربي الشاعر شربل بعيني صاحب تلفزيون وراديو "الغربة" والشاعر العزيز الاستاذ فؤاد نعمان الخوري:
قلت بصالح رفقاتي
ببعضن، لا يصير شماتي
تاري المصلح لو تلتين
القتلة.. زعلو الفريقين
بدل .. تسلم ديّاتي
**
حسبت بايام الاعياد
اماتي كبيرة اعمل
زعل وما جاوب فؤاد
وبردّو منرفز شربل
**
فردّ عليه الشاعر طوني رزق قائلاً:
يا مصلح بين التنتين
شكار ربك منك متلي
كلة من القتلي تلتين
ومش اكل كل القتلي
طوني بحسّه الشاعري أدرك أننا لن نتخلّى، لا أنا ولا فؤاد، عن حصتنا لروميو، وكأنه يعلم مسبقاً ما سوف أقول:
يا روميو منّي زعلان
لكن بوقت الشدّه
تركنالك كل النسوان
استكترت علينا وحده
فأجاب روميو:
يا شربل عني لا تقول
زوقي صاير بالمرّه
اللي عندو مطعم عا طول
بيستحلي يفطر برّا
فوجدت أن الوقت قد حان لأقدّم لصديقي العزيز هذه النصيحة التي تساوي ألف جمل:
كلمه كتبها بكتابك
تا ما تخسر أصحابك
يا روميو لمّا بتفطر
لازم تفطر ع حسابك
ولأن روميو يخاف على أصدقائه خوفه على نفسه أنهى الحكاية كما يلي:
يا خيي انت وفؤاد
تقاتلتو عالهديي
قلت المشكل بالاعياد
ما بيستاهل يا خيي
تحمست وهيكي معتاد
حل القصّه حبّيي
قلت بلا نقار ولا عناد
الحلوه خلّوها عليي
وطلعت الفشّه فيي
وأخيراً لام صديقه طوني رزق لأنه تأخّر بتقديم النصيحة له:
ويا طوني رزق الحبّوب
كنت من الاوّل قلّي
ما تتركني آكل جوب
تا النّصيحه توصلّي
لا يا روميو.. لن نطعمك "جوب" بل سنمطرك بالقبلات لأنك أهديت قراء الغربة، أنت وفؤاد نعمان الخوري وطوني رزق، أبياتاً زجلية مرحة تزيد عطلة الأعياد بهجة.. فألف شكر لكم جميعاً.
شربل بعيني
**
انسان
من يوم ما عرفتك انا.. من زمان
عرفتك.. اديب، وشاعر، وانسان
يا ما تحت جنحك.. ربي طلاّب
بالمدرسه، واليوم صارو شباب..
عم يرفعو متلك.. اسم لبنان
**
مقلع بعيني
شو هالخزانه؟.. بينك وبيني
فتحتها.. ما صدّقت عيني
الإلماس فيها حجار حد حجار
مقصبه من مقلع "بعيني"
وأشعار متلا ما شفت اشعار
متل السوار بمعصم الزينه
وكل كلمه اختها بتغار
ومتل السحر بتنام بالدينه
النقد متل السيف حدّو نار
والغزل مرجة حب بجنينه
يا خزانة المش لامسك نجّار
أحلى هديّه ع "البسترينه"
درفات حب وأجمل الأسرار
فيها مخبّى شربل بعيني
**
كتابك
ـ1ـ
كتابك مواسم حب ع البيدر
أحلام فيها ابيض وأحمر
وبنفسجي.. وشي الف لون ولون
وكل حلم اوسع من مجال الكون
بياخدك.. بيبَيْعدَك من هون
وانت هون وبس.. عم تسكر
ـ2ـ
شعرك بيعطي القلب دفع جديد
للحب.. للعمر اللي صار بعيد
ونشوه بلا خمر وبلا فنجان
وعاطفه وحب وصلا وايمان
ودموع وعذاب وجفا وتنهيد
وثوره على الظلام والمنكر
**
قلعه
يا شربل بيتك قلعه
مدرسة طموح
ما بتعطي متلك بدعه
غير هيك صروح
**
شعرك قوت
شربل بعيني الأصل ما بيموت
بينمحي ذكرو الما تارك ذكر
وانت؛ شعرك قوت، كتبك قوت
للمكتبه، للمدرسه، للفكر
**
فافي
ـ1ـ
كتابك لْـ "فافي" دمعة الحرمان
اللي بتنسكَب عَ دروب الحفافي
بعيده المسافه والورد دبلان
وقدّيش بدّك دمع بالفنجان
تجمّع.. تا تسقي وردك العطشان
وتختار ورده.. وتهديا لْـ "فافي".
ـ2ـ
شربل بعيني.. يا صبي جهلان
مولّع بلمّ زهور الحفافي
مدري سرقت نشوة طفل غفيان
مدري السحر عَ ريشتك لافي
مدري استعرت الروح من جبران
لمّا رسمت بقصايدك "فافي".
ـ3ـ
الشاعر بيضلّ مقلّق وسهران
يفتّش حنينو عَ حضن دافي
بمصر عرفو، وهون، وبلبنان
شربل بعيني معجب بـ "فافي".
**
عزك دايم
عزك دايم يا "بعيني"
وعا طول بتبقى منوّر
العزو بيرحل يا عيني
من اساسو عز مزوّر
**
كلمه
يللّي الكلمه من صغر سنَّكْ
حبّيتها، وصار الشّعر فنّك
وتكبر، وشعرك يمتن ويكبر
غار الفضا.. وغار الجبل منَّكْ
بتبقى الجواهر قد ما تكتَرْ
ع سعرها.. وجوهر لأنَّكْ
بيشعر بحالو الحكي مقصَّرْ
مهما انحكى.. ومهما انكتب عنَّكْ
**
الصوت الدافي
ـ1ـ
شربل بو الصوت الدافي
بدرك لامع مش خافي
شعرك بيحبوه الكل
دافي وبهية وفافي
ـ2ـ
بهية ست الحلوين
سحر ولطف وذوق ولين
وانت يا كبير الشعار
طول عمرك مرفوع جبين
ـ3ـ
يا استاذي صارو قلال
البيضَحّو بوقتن والمال
لاجل الشعر واهل الشعر
وكتار لسانن رسمال
بيزتو كلام بلا سعر
بيعبو المَيّه بسلال
بهيه مرفوعه القدر
الها البرنيطه بتنشال
ـ4ـ
وانت لبلادك نبراس
فيك بيتباهى صنين
ونحنا فيك منرفع راس
شاعر حر وعالي جبين
**
بيّك
بيك يا شربل يرحم ترابو
ويرحم المتلو من الدني غابو
رجال كان بقلبهن ايمان
ومن بعد الله يعبدو لبنان
يا صديقي: المتل بيّك كان
عالسما بيروح بتيابو
**
شعرك
شعرك يا شربل نَفح قَنّينه
بينعش الروح، بتنتشي الكاسات
بتْعَمّر قوافيك بالزّينه
وطرحة عرس بتلَبّس الكلمات
خيالك طَويل الباع، عَ الهينه
بيطال وقت لْبدَّك النجمات
بتبني لبيوت الشعر تصوينه
من ورد جوري، تْعَطّر الابيات
قلّي شو نَوْع الخمر، يا هْديني
عَ الكاس، عَ الخمّار، ع المازات
يا من الخوابي لْعنْدَك هديني
شي مْتَلّته، تَ صير اكتب شعر
بيشبه شعر لبْتكتبو بالذات
**
مرسال
كلمة رثاء القيتها في مأتم الغالي مرسال سركيس بعيني شقيق صديقي الحميم المربي الشاعر والاديب شربل بعيني، بعد الصلاة التي اقيمت لراحة نفسه في كنيسة سيدة لبنان - هارس بارك - سيدني استراليا .
ـ1ـ
بَكَّر عليك الموت يا مرسال
ما اظلمو، كيف غَيَّر الاحوال
فَرَّق على حبابك بيارق سود
وخلّى العيون، دموعها شلاّل
ـ2ـ
بَكَّر يا اصغر خَي بالعنقود
عنقود.. حَبّو كان ست رجال
رجال؟ بِ حفظ الكرامه اسوُد
رجال.. صدْقُن والوفا رسمال
حبُّن لْبَعْضُن حب ما لو حدود
وبقلوبهُن؟ حب الوطن قتّال
رجال.. أكلو خبزُن بمجهود
رجال اللي متلُن بالشهامه قلال
شربل مُرَبّي.. وبالشعر بتجود
كَرْمَك بكل فصول نَبْع غلال
عطيت الأدب عمرك بلا مردود
وبالمدرسه شو ثقَّفت أجيال..
وكتبك غِنى بالمكتبه.. لعْهود
واسمك بدنيا الأدب.. مشعال
ـ3ـ
يا "مجدليا" الرب بالتكوين
خَلقك جميله.. وزاد امجادك
بيحترق قلبك.. اذا محبّين
ترابن غفي بغَير تربة بلادك
اليوم؟ متلك قلب " رشدبّين "
صابو حداد.. بيشبه حْدادك
عَ صهر غاب بمطلع الستّين
بسمعتو الحلوه.. شَرَف زادك
ويا لور: عارف قلبك المسكين
باكي.. وغابت بَهجة عيادك
بجرح الحزن.. شدّي على السكين
وشوفي رفيق العمر بولادك
ـ4ـ
كلُّن اجو وبقيت وحدك من زمان
مع أهلَك بلبنان، ما جْرَحت الحنان
ما رضيت يبقو بالوطن من دون حَدا
بقيت معهُن.. تَ يحسّو بالامان
ورفيق دَربُن كنت عَ طول المدى
ووقت اللي صارو فَوق بديار الجنان
تخمين نادو.. وانت لبّيت الندا
ورحت قبل الكل عَ الجنه كمان
ـ5ـ
نحنا منجي بلا مشوره عَ هالدني
منعيش افراحا، وظروفا المحزنه
وأقدارنا؟ بتلعب متل ما بدّها
متل الحرامي كل ايام السنه
ملاحقتنا،.. وسيفها بِ يَدّها
ووراق نَعْوتنا عَ طول مْعَنْوَنه
عالدقيقه.. عمارنا بتحدّها
وأرواحنا أْمانات الله المتمنه
فينا وَضَعها وعَ مَزاجو عَدّها
بعمر الصبا، بسن الكبر،
بالولدنه؟ ساعة ما بدّو امانتو بيردّها
ـ6ـ
مرسال يا قافي عَ ضَهْر الخَيل
يا ريت بيردَّك دَمع عَيْني!..
بس القدر زَوَّد سواد الليل
وحط حاجز بينك وبيني
بشارك العيله بدمعتي عَ الوَيل
وحامل تعازي بالقلب من مَيل
لعيلة بعيني.. وشربل بعيني
**



